يشبه تعيين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لوزير الشؤون الخارجية السابق، رمطان لعمامرة وزير دولة مستشارا دبلوماسيا بالرئاسة، ما حدث قبل الانتخابات الرئاسية المنصرمة، عندما استدعي كل من الوزير الأول المقال يومها، أحمد أويحيى، وكذا رئيس الحكومة الأسبق، عبد العزيز بلخادم، لمسؤوليات بالرئاسة أيضا. وكان لعمامرة قد غادر الحكومة في التغيير الذي جرى في يونيو من عام 2017، بعد إشاعات وتسريبات عن خلافات بينه وبين عبد القادر مساهل، الذي كان يشغل حينها وزير الشؤون المغاربية والإفريقية والجامعة العربية، بسبب تنازع في الصلاحيات. عودة لعمامرة إلى المسؤولية من بوابة الرئاسة، جاء بعد أن ظل منصب المستشار الدبلوماسي شاغرا منذ ما يناهز الخمس سنوات، في أعقاب وفاة من كان يشغل هذا المنصب، الراحل عبد اللطيف رحال. في مثل هذا الظرف من عام 2014 وبينما كانت البلاد على مشارف الانتخابات الرئاسية، أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا، تضمن تعيين أويحيى مديرا للديوان بالرئاسة، كما عين أيضا عبد العزيز بلخادم، وزير دولة مستشارا خاصا لرئيس الجمهورية. استدعاء لعمامرة للعمل في الرئاسة، يتقاطع إلى حد بعيد مع تعيين كل من أويحيى وبلخادم قبل خمس سنوات، في العديد من النقاط، أولها أن هذا التعيين جاء بعد "غضب" رسمي على الشخصيات الثلاثة لأسباب مختلفة، وثانيها أن الظرف يطبعه سباق غير عادي نحو كرسي الرئاسية. فقد أبعد أويحيى في عام 2012 من الوزارة الأولى بعد أربع سنوات دون انقطاع قضاها نزيلا بقصر الدكتور سعدان، وقد استبق أويحيى هذا الإبعاد بتصريحه الشهير الذي كشف من خلاله أن أيامه باتت معدودة على رأس الجهاز التنفيذي، عندما قال في ندوة صحفية مثيرة "لقد أصبحتُ أزعِج"، في واحدة من الاعترافات النادرة والجريئة لزعيم التجمع الوطني الديمقراطي، المعروف بتكتمه. ولم يتوقف يومها إبعاد أويحيى من الوزارة الأولى، بل امتد التضييق عليه إلى تحريك خصومه في الحزب، إلى أن رمى المنشفة من قيادة الأرندي، وهو المصير ذاته الذي واجهه بلخادم على رأس الحزب العتيد، حيث أدى رفع "الحماية الرسمية" عنه إلى سحب الثقة منه، وكان ذلك في جانفي 2013. ما عاشه أويحيى وبلخادم يشبه إلى حد بعيد ما تعرض له لعمامرة في وزارة الخارجية، حيث سُلط عليه تضييق كبير، كما سُجّل تنازع في الصلاحيات بينه وبين عبد القادر مساهل الذي كان مجرد وزير منتدب لدى وزير الخارجية، قبل أن يسيطر على غالبية صلاحيات الوزير، بعد تكليفه بالشؤون المغاربية والإفريقية والجامعية العربية، ما أبقى لعمامرة مجرد إداري حبيس مكتبه، إلى أن جاء إبعاده نهائيا في جوان 2017 من الطاقم الحكومي. ومنذ ما يقارب السنتين بقي لعمامرة في "بطالة رسمية"، غير أن سمعته الدبلوماسية شفعت له، فتولى مسؤوليات في الاتحاد الإفريقي وكُلف بمهمات من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، الأمر الذي أبقاه قريبا من الأضواء. تعيين لعمامرة في هذا الظرف يمكن فهمه من خلال سياقه الزمني، إذ سعى صاحب قرار التعيين إلى الاستفادة من سمعة الرجل ومن الأدوار التي يؤديها على المستوى الدولي (الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة). كما يمكن قراءة هذا التعيين من وجهة نظر تكتيكية، فالرئيس بوتفليقة اعتاد على استقطاب الشخصيات المؤثرة والمعروفة لتكون إلى جانبه، أو على الأقل عدم تركها حرة من أي التزام رسمي، حتى يقطع الطريق على من يريد استقطاب هذه الشخصية.