يعد الساسي حاوزماني من اللاعبين المثيرين للجدل في الملاعب الجزائرية على مر السنوات الماضية، وإذا كان أغلب مشواره الكروي كان بألوان شباب باتنة مع نهاية الستينيات والسبعينيات ومطلع الثمانينيات، قبل أن يعتزل الميادين موازاة مع تحوله إلى الجار مولودية باتنة، إلا أن اسمه ظل مرتبطا بالطرائف و"الرجلة" فوق الملاعب، وهذا انطلاقا من عديد خرجاته العفوية والغريبة فوق الميدان وخارجه، بدليل أنه حين يتم ذكر اسمه إلا ويتم ترديد عبارته الشهيرة "اشكون قال الساسي مايلعبش". يبقى اللاعب السابق الساسي حاوزماني من الأسماء الكروية التي نالت شهرة واسعة في الملاعب الجزائرية، بسبب عفويته وانفعالاته وعنفوانه في الوقت نفسه، حيث أنه كثيرا ما يلجأ إلى الاندفاع البدني المصاعب للغة التهديد والوعيد فوق المستطيل الأخضر، بغية التأثير في منافسيه، مادام أن الغاية هو البحث عن كيفية تحقيق الفوز بألوان شباب باتنة، وهو الأمر الذي يشهد له الكثير من اللاعبين الذين واجهوه فوق الميدان، ما يجعل الساسي يملك رصيدا كبيرا من الطرائف التي لا يزال يتناولها بإسهاب، كيف لا وهو صاحب مقولة "اشكون قال الساسي ما يلعبش" التي رددها حين بلغت أسماعه نيّة المدرب في عدم الاعتماد عليه في إحدى مباريات شباب باتنة، ما جعله يندفع نحو غرف تغيير الملابس ويردد المقولة على أسماع الجميع، بشكل جعل الطاقم الفني يراجع حساباته. قصة استدعائه ل"الخضر" التي افتعلها بن شيخ وكويسي كثيرا ما يتداول الشارع الكروي قصة استدعاء الساسي حاوزماني للمنتخب الوطني في منتصف السبعينيات، وفي هذا الجانب يقول صاحب مقولة "اشكون قال الساسي ما يلعبش": "هذه القضية افتعلها بن شيخ وكويسي، فبعد أن تلقيت دعوة من الفريق الثاني للمنتخب الوطني، فضّل بن شيخ وكويسي "يلعبولي اللعبة"، حيث أرسلا لي دعوة على عنوان المنزل، ويفترض أن الدعوات ترسل على عنوان الفرق وليس اللاعبين، وهو ما جعلني أنتبه لهذا الفخ، لكن فضلت أن أسير على وقع نفس السيناريو "مشيتلهم في الخط"، حيث تنقلت إلى العاصمة، وتوجهت إلى مقر الاتحادية، فقلت لهم إنني تلقيت دعوة لحضور تربص "الخضر"، فقال لي المدرب روغوف: "أنا لم أوجه أي دعوة للاعب من باتنة". وفي هذا السياق يؤكد حاوزماني تلقيه دعوة لحضور تربص مع المنتخب الوطني الثاني بمعية بوطمين ودخينات ولاعب جمعية عين مليلة السابق عبد الحميد أزروال، كان ذلك في عهد المدرب زوبا، وقد مكثوا حسب قوله 15 يوما، ولعبوا عدة مباريات ودية. ويقول الساسي إنه في تلك الفترة (منتصف السبعينيات) كانت هناك عنصرية وتهميش للاعب القادم من الولايات الداخلية. هكذا هدّد كويسي ورفض التغيير ومغادرة الميدان ويبدو أن طرائف الساسي حاوزماني مع اللاعب الدولي السابق مصطفى كويسي كثيرة، من ذلك تهديده في حال مضايقته أثناء شن هجمات فريقه شباب باتنة، إذ يقول الساسي في هذا الجانب: "حدث ذلك في ملعب 20 أوت بالعاصمة، حيث قام كويسي بمراقبتي، تساءلت في قرارة نفسي كيف لي وأنا بطول 1.85 متر يتولى مراقبتي لاعب قزم مثل كويسي، حاولت مراوغته جسمانيا على مرتين دون أن يتحرك من مكانه، فحملته ووضعته على خط التماس وسط تفاعل كبير من الجماهير في المدرجات. أما بخصوص رفضي مغادرة الميدان رغم قيام المدرب باستبدالي فقد حدث ذلك مع المدرب الراحل بلعيد، حيث حدث سوء تفاهم مع أحد لاعبي الفريق المنافس، فتدخل إبراهيم قليل رحمه الله واقترح على المدرب أن يخرجني، فكان ردي واضحا "يا شيخ لن أغادر الميدان، عليك أن تفكر في تغيير لاعب آخر"، وهو ما حدث، وواصلت اللعب بصورة عادية". قصة تهديده لجمال كدو بالسلاح وللاعب المثير للجدل الساسي حاوزماني قصة مثيرة مع الدولي السابق ولاعب اتحاد الجزائر جمال كدو يسردها فيما يلي: "أسباب الحادثة وقعت في ملعب 5 جويلية، حيث أصابني جمال كدو فسال الدم، حينها جريت وراءه فوق الميدان وصولا إلى داخل غرف تغيير الملابس، بعد ذلك ضربت الباب الحديدي بالدماغ، فقلت له "هاهو دماغ الرجالة"، وهو ما جعل رجال الشرطة يتدخلون لتهدئتي، في الوقت الذي توعدته بالثأر. وتزامن أن تنقل المنتخب الوطني إلى باتنة للعب ضد منتخب الشرق، فقلت للاعب يوسف زندر عليك أن تقول لجمال كدو "إنني أقطن بجانب الملعب، ورصاصة واحدة تكفي للقضاء عليك"، وهو ما جعله يبلغ الجهات المعنية بذلك، وبعد وصولي إلى الملعب فتشتني الشرطة وسط إجراءات كبيرة، فقلت لهم "راني نتمسخر فقط"، وكان ذلك فعلا مجرد مزحة ولو أنني بلورتها في طابع فكاهي من المدرجات حين ناديت كدو وتظاهرت وكأنني سأضربه بالسلاح ما جعله يختبئ، رحم الله جمال كدو، كانت علاقتي به طيبة وحضرت مباراة اعتزاله رحمه الله". حين طرد جمهور بولوغين وطارد لاعبي الشبيبة لم تتوقف لغة "الدبزة" والتهديد التي يمارسها الساسي حاوزماني عند مواجهة الأشخاص، بل تعدت إلى جمهور بأكمله ولاعبيه دفعة واحدة، على غرار ما حدث له مع جمهور اتحاد الجزائر ولاعبي شبيبة القبائل، إذ يقول الساسي ل"الشروق": "تعود قصتي مع مطاردة الجمهور في ملعب بولوغين بالعاصمة، كان ذلك ضد اتحاد الجزائر، وقد أنهينا الشوط الأول بالتعادل الأبيض، فحدث أن قوبلنا باستفزاز من بعض الأنصار، ما جعلني أتوجه بعد انتهاء اللقاء صوب المدرجات وهيبت عليهم بيدي، ما جعل الجمهور الحاضر يهرب من المدرجات. وفي تيزي وزو كان لي سيناريو آخر مخالف، وهو أنني طاردت اللاعبين بقارورة فارغة، حدث ذلك في تيزي وزو، حيث تعرض اللاعب حسان عقون إلى إصابة تسببت له في كسر على مستوى الأنف، ما جعلني أتوجه مباشرة إلى حافلة فريق شبيبة القبائل، وحملت معي زجاجة ماء من نوع سعيدة، وهددت اللاعبين برميها عليهم داخل الحافلة، ما جعل الجميع يختبئ تحت الكراسي، وفي كل مرة ينهضون إلا وأكرر ذات السيناريو". قصة نجاته من تهمة الاعتداء على سرباح يواصل الساسي سرده لطرائفه الغريبة والعجيبة بالقول: "لي قصة مهمة في ملعب قسنطينة، خلال المباراة التي لعبها فريقي شباب باتنة ضد وفاق سطيف، ففي ظل أهمية النتيجة تطوّرت الأمور إلى عراك، وهو ما جعلني أتدخل، وهددت لاعبي وفاق سطيف، وبعدما أحس اللاعب فلاحي بالخطر، وهو أصغرهم، بقي يستميلني ويطلب مني الحماية بترديد عبارة "يا عمي الساسي أنقذني"، فقلت للاعبي "الكاب": اتركوا هذا اللاعب وشأنه "هذا خاطيه". كما لدي قصة مع لجنة الانضباط التي هددتني بالتوقيف النهائي من ممارسة كرة القدم، وهذا بسبب اتهامي بالاعتداء على الحارس سرباح، خلال المباراة التي جرت في باتنة، فلما وقفت أمام اللجنة قالوا لي إن ملفك كله أحمر، فقلت لهم أنا ألعب كرة القدم ولا أضرب الناس، وكانت تسير أغلب المؤشرات نحو توقيفي، لكن حضر سرباح رفقة بعض مسيري الشبيبة فقلت له "قل الحقيقة هل أنا الذي ضربتك"، فرد عليهم سرباح بالنفي، والحقيقة أن جمال بوشعيب هو الذي أصابه في الأنف، وتزامن اجتماع لجنة الانضباط مع تواجد وزير الشباب والرياضة حوحو الذي قال لي سوف أتنقل إلى باتنة للتأكد من مدى تحليك بالروح الرياضية. وفعلا فقد حضر، وفي الفترة ما بين الشوطين تحدث معي وقال لي أنت تلعب مثل الانجليز، وقلت له شكرا سيادة الوزير، فأنا لا أضرب، والدليل أنني سجلت هدفا في ذلك اللقاء". قال لهم: جيبولي لاعبين قدي.. وحكم تراجع عن طرده ولم يتوان صاحب مقولة "اشكون قال الساسي ما يلعبش" في التعبير عن احتجاجه دفاعا عن نفسه لدى لجنة الانضباط، بسبب نوعية الحكام ونوعية اللاعبين أيضا، وفي هذا يقول: "هناك بعض الحكام المتربصين اشتكوا لدى لجنة الانضباط، فخلال المباريات التي يلعبها شباب باتنة كانوا يسألون عن اللاعب "اللي قبيح"، فيقولون لهم إنه ذلك الذي يحمل الرقم 9، وحينها يتقرب مني الحكام فيقولون لي أتمنى أن تسهل لنا المهمة لإنجاح اللقاء، وكنت أقول لهم "شوفو إذا فزنا فإن الأمور ستخرج سلامات أما إذا خسرنا نفسدهالكم". وبعد أن تلقيت استدعاء من لجنة الانضباط سألوني عن أسباب استعمال العنف والتهديد، فقلت لهم "جيبولي لاعبين قدي في الطول 1.85 والوزن 83 كلغ"، ليس لدي ذنب حين ألعب مع لاعبين احتك بهم ويسقطون مثل الذباب، وحين نرتقي نحو الكرة يشتكون اللعب الخشن، ليس لدي ما أفعله، وسكت جميع الأعضاء. أما عن حكايتي مع بعض البطاقات الحمراء، ففي إحدى المباريات التي لعبتها ضد نصر حسين داي ضربت لاعبا من النصرية لأنه ضرب ملاوي، وهو ما جعل الحكم يطرد لاعب النصرية وخاف أن يشهرها في وجهي، وفي مباراة أخرى أشهر الحكم بطاقة حمراء في وجهي فقلت له يجب أن ترجعها، أنا في نهاية مشواري وإذا لم تعدها سيكون عقابك عسيرا، وفعلا رضخ للأمر". بومدين هدّده.. كافي أعجب به.. بوتفليقة ناقشه وزروال جاره ولم تتوقف طرائف وغرائب الساسي عند الاحتجاج على اللاعبين والحكام والمسيرين وحتى الهيئات الكروية، بل بلغت خرجاته إلى السلطات العليا، ما جعلها تخلف ردود أفعال مختلفة حتى بين الرؤساء الذين تعاقبوا على الجزائر، مثل بومدين وعلي كافي وزروال وبوتفليقة، وفي هذا المجال يملك الساسي طرائف يسردها لنا فيما يلي: "في مباراة لعبناها ضد نصر حسين داي، بدر مني كلام قاس سمعه الرئيس بومدين الذي كان متواجدا في المنصة الشرفية، وبعد صافرة النهاية أرسل المكلف بالتشريفات مجيد علاهم الذي قال لي إن بومدين يقول لك "ماتزيدش تسب في الملاعب"، وجمعتني حكاية مع الرئيس الحالي بوتفليقة خلال الحملة الانتخابية التي جرت نهاية التسعينيات في منزل ابن الشهيد مصطفى بن بولعيد، وحين رآني قال لي "كاشي بولا ولا والو" فقلت له ما بقاش يا سيادة الرايس، وبالمناسبة فإن الرئيس الأسبق علي كافي سبق أن صرح لإحدى الجرائد عن إعجابه بي كأحد أبرز الشخصيات الكروية في الجزائر. من جانب آخر لدي علاقة محبة للرئيس السابق اليمين زروال، لأنه درس مع أخي الأكبر، وتربينا في حي واحد، أعرف جيدا كيفية التحاقه بالثورة، حيث كان يشتغل محاسبا لدى يهودي اسمه "نارينو"، وقد استحوذ على كمية هامة من أمواله قبل أن يصعد الجبل في مقتبل الشباب (نحو 15 سنة)، وكلما أصادفه في الشارع أسلم عليه احتراما وتقديرا لرجل قدم الكثير لهذا البلد". مشوار الساسي حاوزماني بين الطرافة وحرصه على لعب "الصباط" و"الرجلة" والواضح أن المشوار الكروي للاعب الساسي حاوزماني لم يقتصر في شق الطرافة والتهديد والوعيد الذي كان يمارسه ضد منافسيه من اللاعبين، ما جعل الكثير من الطرائف تلازم أغلب محطاته، إلا أنه في المقابل فإن الساسي يتمتع بالعفوية والروح المرحة التي أكسبته شعبية وسط البسطاء ومحبي الكرة، ناهيك عن إمكاناته البدنية واللعب بالرأس، ما جعله يفرض نفسه خلال مشواره الطويل مع شباب باتنة، بدليل مساهمته في صعود الفريق إلى القسم الأول منتصف السبعينيات وصموده لعدة مواسم في هذا المستوى، وقد بدأ اللاعب السابق المثير للجدل الساسي حاوزماني ممارسة كرة القدم في الأحياء على غرار بقية الشبان، حيث لم ينخرط مع أي فريق، لتتاح له فرصة إبراز إمكاناته تزامنا مع أداء واجب الخدمة الوطنية في الناحية العسكرية الخامسة قسنطينة. وقد لعب الساسي في محور الدفاع لمدة عامين باقتراح من المدرب الراحل عبد الحميد كرمالي، حيث أدى حسب حديثه ل"الشروق" مسيرة ايجابية في كأس الجمهورية مع فريق الناحية العسكرية، ولعب مباراة حاسمة ضد ناحية بشار في ملعب باتنة، وسجل هدفين سمحا لفريقه بمعادلة النتيجة والفوز بركلات الترجيح، وتزامن ذلك مع اهتمام مسيري شباب باتنة بخدماته. وإذا كان الساسي قد بدأ مشواره كلاعب بالنظر إلى إمكاناته البدنية، فإن المدرب رمضاني فضل تغيير منصبه حين كان ينشط مع شباب باتنة، بسبب قلة اللاعبين البارزين في الخط الأمامي، وكذا قوته في اللعب بالرأس، في موسم صعود شباب باتنة إلى القسم الأول منتصف السبعينيات سجل 22 هدفا أغلبها بالرأس، ما جعله يتواجد ضمن أبرز هدافي البطولة منتصف السبعينيات.