دخل المنتخب الجزائري نهائيات كأس أمم إفريقيا، في نسختها ال32 المقامة في مصر، وهو خارج حسابات الترشيح للقب، لكن محاربي الصحراء قلبوا الأمور في أول مباراتين، وأظهروا فيهما قوة وانضباطاً وأداء ونتيجة، جعلت الكثيرين يرون في الجزائر أحد المرشحين البارزين للتتويج، خصوصاً بعد الإطاحة بالمرشح الأول في البطولة، منتخب السنغال 1-صفر، ضمن منافسات الجولة الثانية من المجموعة الثالثة. وسجل هدف التأهل الوحيد المهاجم يوسف بلايلي، لاعب الترجي التونسي، في الدقيقة 49، بعد هجمة منظمة. وتبرز أربعة عوامل رئيسة، تجعل الجزائر يدخل الصراع على اللقب، منها الانطلاقة القوية والبداية الجيدة، إلى جانب دور المدرب واللاعب السابق جمال بلماضي، وكذلك الانسجام الواضح بين اللاعبين بقيادة النجم رياض محرز، وأخيراً خوض الجزائر مبارياتها دون أي ضغط جماهيري، هذا كشفت عنه جريدة الإمارات اليوم في عددها الأخير.. ويعاني عادة منتخب الجزائر في بداياته خلال كأس أمم إفريقيا، والاستثناء كان في سنة 1990، حينما فاز في كل مبارياته بدور المجموعات، ثم توج لاحقاً بلقبه الوحيد على حساب نيجيريا. وبعد تلك البطولة لم يحقق أي انطلاقة جيدة في تسع نسخ شارك فيها حتى الدورة الماضية، باستثناء 2015، حينما فاز في مباراتين، وخسر واحدة، وخرج بعدها من ربع النهائي. وفي البطولة الحالية بداية الجزائر القوية تذكر بما قامت به في 1990، حيث لم تكن ضمن المرشحين، رغم تنظيمها البطولة على أرضها. وفي النسخة الحالية كسرت نحساً استمر طويلاً، وفازت على كينياوالسنغال أداء ونتيجة، الأمر الذي يجعل الجزائريين متفائلين بدورة مصر. بلماضي جلب الاستقرار.. وجدد الفريق منذ التألق المونديالي وبلوغ ثمن النهائي ورحيل المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش، لم ينعم “الخضر” بأي نتيجة جيدة في أي بطولة شارك فيها، وظلت الأزمات تلاحقه، وأسهم في ذلك التغيير المستمر للجهاز الفني، إذ درب الجزائر بين خليلودزيتش وبلماضي، ستة مدربين، بعضهم استمر لبضعة أشهر مثل الصربي رايفاتس الذي قاد مباراتين فقط، وأكثرهم الفرنسي غوركوف، وآخرهم النجم السابق رابح ماجر، الذي توالت عليه الأزمات داخل وخارج المستطيل الأخضر. ومع بلماضي بدأ المنتخب الجزائري ينعم بالاستقرار، فقد نجح في إحداث تغيير كبير على تشكيلة الخضر، فأعطى الفرصة ووضع الثقة في مجموعة من اللاعبين الشباب، كما راهن على اللعب الهجومي مع استغلال إمكانات رياض محرز وبغداد بونجاح، وفيغولي، ما بدأ يؤتي ثماره مع الجزائر، بعد أول جولتين في البطولة الإفريقية. المنتخب الجزائري اليوم بدل جلده بالكامل تقريباً، مع بلماضي الذي دفع بعدد من اللاعبين الشباب المتميزين، إلى جانب ذوي الخبرة مثل الحارس رايس مبولحي وسفيان فيغولي ورياض محرز. وكان لافتاً الانسجام بين جميع خطوط الخضر من الدفاع بقيادة بلعمري وعيسى ميندي وقديورة، ثم خط الوسط ذي النزعة الهجومية الواضحة من إسماعيل بناصر (أفضل لاعب في مباراتي كينياوالسنغال)، ويوسف بلايلي، الذي بات محط أنظار العديد من الأندية في الوقت الراهن. وكان رمانة ميزان الهجوم والمغذي للاعبين بالتمريرات الساحرة رياض محرز وفيغولي، مع تحركات القناص بونجاح. ويذكر هذا المنتخب في تناغم خطوطه بمنتخب 1990، وكذلك المنتخب المونديالي في 2014. الخضر يلعبون دون ضغط عاش الجزائريون وقتاً عصيباً في السنوات القليلة الماضية مع تواضع نتائج “الخضر”، ففي 2018 لعب 10 مباريات خسر في نصفها، وأمام فرق ضعيفة ومتواضعة، كما غاب عن مونديال روسيا. وأدت هذه النتائج إلى إزالة الضغوط عن كاهل اللاعبين، ما جعلهم يخوضون البطولة بأريحية دون التفكير في اللقب، حيث كرر المدرب بلماضي مراراً أنه في طور بناء منتخب، ولا يفكر أبداً في اللقب الإفريقي، ولا يعتبر “الخضر” مرشحاً بارزاً له. وأسهم هذا الأمر في الهدوء والتركيز الشديد، اللذين لعب بهما الجزائر أمام كينياوالسنغال، لكن يبقى التساؤل هل بعد الفوز على «أسود التيرانغا» ستظهر الضغوط؟! ع. ع