تيميمون تحتفي بالطبعة 17 للمهرجان الوطني للأهليل وترسخ تراث الواحة الحمراء    انطلاق الطبعة الرابعة للمهرجان الدولي للمونودراما النسائي بالوادي    غزة: 80 يوماً من خروقات وقف إطلاق النار وأزمة إنسانية متفاقمة    أكثر من 10 آلاف منصب تكويني جديد بقسنطينة في دورة فبراير 2026    والي الجزائر يتفقد مشروع شرفة منتزه ميناء المسمكة وإعادة تهيئة ساحة الشهداء    رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء لبحث تعديل دستوري ومشروعي قانونين عضويين    الاتحاد الأفريقي يدين اعتراف إسرائيل بإقليم "أرض الصومال" ويؤكد وحدة الصومال    بوجمعة: القضاء أضحى مُعاضداً اقتصادياً واستثمارياً    منظمات أرباب العمل تبرز أهمية الأمن القانوني    سنفعل ما بوسعنا للفوز والإقناع    ماندي مع إقامة الكان كلّ 4 سنوات    الاتحاد يقتنص نقطة    قانون تجريم الاستعمار ردّ صريح    اختتام الطبعة ال33 لمعرض الإنتاج الجزائري    سيفي غريّب يُبرز الرؤية السديدة للرئيس    نحو تمويل عشرات المشاريع الطلابية    وزارة التربية تؤكد: تسوية وضعية الانتدابات النقابية إجراء قانوني لحماية المعنيين لا للتضييق عليهم    تساقط ثلوج وأمطار رعدية بعدة ولايات ابتداءً من اليوم    الرقمنة خيار استراتيجي لقطاع العمل: إلغاء 27 وثيقة ورقية وتوسيع الخدمات الرقمية لفائدة المواطنين    وزارة العدل تنظم لقاءات دراسية لتعزيز الإطار القانوني لمكافحة الاتجار بالبشر وحماية الضحايا    دار الثقافة ابن رشد بالجلفة تحتضن الملتقى الوطني الثاني للأدب الشعبي الجزائري    52 طالباً جامعياً من أبناء الجالية في زيارة لجامع الجزائر    غارات عنيفة يشنها الاحتلال الصهيوني    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يعتقل 8 مواطنين    أيام تحسيسية واسعة لمكافحة تعاطي وترويج المخدرات في الوسط المدرسي    برودة شديدة على العديد من ولايات الوطن    انخفاض أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة    الخطوة تأتي في سياق تأبى فيه الجزائر إلا أن تكون ندا للدول الكبرى    رئيس الجمهورية "اختار أن تكون الجزائر دولة قوية بمؤسساتها, واثقة في نفسها"    البليدة : افتتاح المهرجان الثامن لموسيقى وأغنية العروبي    أم البواقي : تنظم مهرجان البراعم بعين مليلة    أعرب عن "فخري" بالتاريخ الوطني لعائلتي رجالا ونساء    آغور مهني يتبرّأ من أفعال والده ويتمسّك بالوحدة الوطنية    رقمنة الخدمات وتوسيع الشبكة خلال 2026    تراجع فاتورة واردات البيع على الحالة إلى 7 ملايير دولار    التصويت بالإجماع على قانون تجريم الاستعمار وفاء لرسالة الشهداء    الجزائر تهيب بكافة الأطراف اليمنية للتحلّي بروح المسؤولية    اتحاد بسكرة وشبيبة الأبيار يتوجان باللقب الشتوي    اتحادية الشطرنج تختار ممثلي الجزائر في الموعدين العربي والقاري    نخبة العدو الريفي تختتم تربص بجاية الإعدادي    بيت الجدة.. بين الشوق ومتاعب الأحفاد    شكولاطة الأسواق تحت المجهر    التنمية تغيّر وجه منطقة سيدي بختي    تكريم رئاسي لعلّامة بارز    الجامعة ماضية في تجسيد دورها كمحرك للتنمية    تمديد مدة المرحلة الثانية للتلقيح ضد شلل الأطفال    انطلاق الطبعة14 لمهرجان موسيقى الحوزي    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طريق لن تندم عليه أبدا
نشر في الشروق اليومي يوم 28 - 02 - 2021

كثيرة هي الطرق التي يسلكها العبد في هذه الدّنيا، ثمّ يندم على سلوكها.. ربّما يمضي في طريق منها سنوات وعقودا من عمره، ثمّ يندم في النهاية أشدّ النّدم، ويتمنّى لو يعود به الزّمن إلى الوراء، ليسلك طريقا آخر، وتعظم الخسارة والحسرة عندما يكون النّدم بعد فوات الأوان.. لكنّ هناك طريقا واحدا في هذه الدّنيا لن يندم العبد إذا سلكه وسار فيه عمره كلّه، بل على العكس من ذلك، سيجد السّعادة والرّاحة والطمأنينة، في هذه الدّنيا، ثمّ يجد الفوز والنّجاة والظّفر في الآخرة.
الطّريق الوحيد الذي لا يندم العبد على سلوكه هو طريق الصّلاح والاستقامة.. الطّريق الذي ينظّم فيه العبد المسلم حياته، ويحافظ على أوقاته.. يُصلح ما بينه وبين الله، وما بينه وبين النّاس من حوله.. طريق يجعل فيه الصّلاةَ والقرآن على رأس أولوياته؛ لا يخرج صلاة عن وقتها إلا لعذر غالب، ولا يترك ورده من القرآن إلا لأمر جلل، وإن حدث ذلك فإنّه يسارع إلى القضاء في أقرب فرصة متاحة.. طريق يبَرّ فيه المسلم والديه ويصل أرحامه ويحسن إلى جيرانه.. يحرص فيه على لقمة الحلال وعلى حفظ أمانة العمل وأمانة الزّوجة والأبناء.. طريق يغضّ فيه العبد المؤمن بصره وسمعه ويمسك لسانه عن غيبة إخوانه من حوله.. يبذل فيه العبد ممّا آتاه الله في بناء وصيانة بيوت الله، وفي إعانة الفقراء والمحتاجين.
هذا الطّريق لا يشترَط في حقّ سالكه أن يكون ملكا كريما، إنّما يشترط فيه أن يكون توابا أوّابا؛ يتوب ويعود كلّما أخطأ أو زلّت قدمه.. لا يبقى مصرا على خطئه وذنبه، إنّما يسارع إلى التوبة منه والعزم على عدم العودة إليه.. يقول سبحانه وتعالى: ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)).
كلّنا ندرك أنّ هذا الطّريق هو الطّريق الصّحيح عندما ندفن الموتى ونقف على القبور. جميعنا نردّد تلك العبارات الجميلة المؤثّرة، حين يقول قائلنا: "هذه هي دارنا.. هذا هو مصيرنا.. ما يدوم غير وجه ربّي.. يا سعدك يا فاعل الخير…"، لكنّنا ما أن نغادر المقبرة حتى ننسى -إلا من رحم الله منّا- تلك الكلمات ونعود إلى تفريطنا وأخطائنا وذنوبنا.. ترى الواحد منّا يقف على القبر ويعاين جاره أو قريبه يدفن، فيطرق برأسه ويهزّه متأثرا، ويطلق عبارات كلّها مواعظ مؤثّرة بأنّ الدنيا دار الغرور وأنّ الدوام لله وحده، ويسمع موعظة الإمام وبصرُه حسير.. لكنّه ما أن يغادر المقبرة حتّى تعود الدّنيا لتعشعش في قلبه. يعود إلى البيت فيعود إلى ظلم زوجته وأبنائه، وإلى عقوق والديه، وإلى أذية جيرانه.. تعود الدّنيا إلى قلبه، فيعود ليتمّم طريقه في معاداة أخيه لأجل أرض أو سكن، وإلى أذية جاره لأجل نافذة أو أشبار من الأرض.. يعود إلى تجارته ليطفّف الميزان ويغشّ ويكذب ويحلف.. يعود إلى مكان عمله ليضيّع الأمانة التي اؤتمن عليها، ويسرق من وقت العمل، ويتكبّر على إخوانه.
لعلّ من أهمّ الأسباب في هذا التناقض الذي نعيشه، أنّنا عندما نبتعد عن المقابر وعن القبور ويبتعد ذكر الموت عن قلوبنا وأرواحنا، نصغي إلى نزغات الشّيطان الذي يوسوس لنا بأنّ حظوظنا من الدّنيا ستفوتنا إن نحن سلكنا طريق الصّلاح والاستقامة، وأنّنا سنحرم السّعادة والاستمتاع بالحياة.. وهذا من سوء الظنّ بالله سبحانه الذي يوصلنا إليه الشّيطان.. فالله سبحانه لا يحرم عبده المستقيم على طاعته نصيبه من الدّنيا، بل على العكس من ذلك، فالحنّان سبحانه يعطي عبده الصّالح ما يكفيه من دنياه ويبارك له فيه ويسعد به قلبه.. على عكس العبد الذي يلهث خلف الدّنيا ولا يهتمّ بحلال ولا حرام، فهذا يأخذ نصيبه من الدّنيا لكنّ البركة تمحق من ماله وأهله ومن عمره، وتسلّط عليه الهموم والغموم والأحزان، فلا يستمتع بلذيذ ولا كثير.. ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا)).
نعم أخي المؤمن.. في طريق الصّلاح ستجد كلّ خير، وستجد في الحلال ما يغنيك عن الحرام.. كلّ شهوة محرّمة ستجد بديلا عنها -بإذن الله- في الحلال، مع البركة والهناء وراحة البال.. حتّى وإن لم تجد لبعض المحرّمات بديلا، لا تنس السّعادة وراحة البال التي تجدها في المحافظة على الصّلاة وتلاوة كلام الله، واللذّة التي تجدها في غضّ البصر وفي الصّبر.. لا تنس أنّ هذه الدّنيا عمرها قصير، وأنّ الجزاء الأكبر سيكون قريبا وجزيلا بين يدي الله سبحانه.. يوم توفّى جزاءك عند الله بما صبرت: ((وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا)).
كلّما حدّثك الشّيطان بطريق الغواية وحاول أن يغريك بما فيه من اللّهو والشّهوات، فتذكّر قول الله سبحانه: ((قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا)).. تأمّل أخي ما يقوله هذا الشابّ الصّالح نحسبه كذلك: يقول: "أعترف بأني إنسان مولع بالشهوات، ولكنّي أريدها من دون منغصات ولا انقطاع! لذلك أصبّر نفسي حتى أصل هناك وأفوز بما أريد! قال تعالى: ((وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ))".. الشّباب الصّالحون ليسوا من دون شهوات، لكنّهم يصبرون حتّى يظفروا بها في الحلال، ويعلمون يقينا أنّه ما من شهوة أو متعة أو لذّة محرّمة في هذه الدّنيا، إلا وقد جعل الله لها بديلا في الحلال، لكن مع قليل من الصّبر.
من حقّ العبد المؤمن أن يستمتع بما أحلّ الله له، بل إنّ الحنّان المنّان –سبحانه- يحبّ أن يرى عبده يستمتع بما أحلّ له من الطيّبات، لكنّ عين المؤمن ينبغي أن تكون على متع الآخرة الدّائمة؛ فمتع الدّنيا مهما عظمت فهي منقطعة، لا تطول لذّتها ولا تدوم، وهي إن كانت في الحرام ممزوجة بالمنغّصات وتعقبها الحسرات.. أمّا لذّات وشهوات ومتع الآخرة فهي لا تنقطع إلا إن أراد صاحبها قطعها إلى شهوات أخرى، ولا يعقبها إلا الفرح والسّرور والمتعة الدّائمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.