ها هي الحرب الباردة تندلع على جبهة الذكاء الاصطناعي    عميد جامع الجزائر من بسكرة:رقمنة العربية مدخلٌ لصون الهوية وإرساخ السيادة الثقافيّة    اللغةُ العربية… إنقاذٌ أمِ انغلاق    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    الجزائر ركيزة إعلان الدولة الفلسطينية    الخضر يستعدون..    شهر للعربية في الجزائر    ممتنون للجزائر دعمها القوي والحاسم.. ومهتمون بتجربتها التنموية    رفع الحد الأدنى للأجور ومنحة البطالة    الجزائر تشهد نهضة تنموية شاملة.. وعلاقتها بمصر نموذج للتضامن العربي    الجزائر ملتزمة بالارتقاء بعلاقاتها مع الفيتنام    ترقية 11 مقاطعة إدارية إلى ولايات    عودة العائلات المتضررة من الحرائق إلى منازلها    النخبة الوطنية تراهن على جمع نقاط مؤهلة لأولمبياد 2028    افتتاح معرض "لقاء الخط بوهران"    حرائق الغابات بتيبازة:العائلات تعود إلى منازلها    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    طلبة.. مُبتكرون    قطاع المحروقات حقّق نتائج معتبرة    إحصاء العائلات الحرفية المعوزة    الصحّة رهان أمام التحديات البيئية    الجيش الوطني يستفيد من مرافق صحّية جديدة    الأستاذ محمد حيدوش : بناء مجتمع متعلم وذكي سبيل حقيقي لتقدم الأمّة    الثوابتة: الجزائر سند حقيقي    أربعة مبادئ حاكمة ترسم مستقبل غزة    مشاركة جزائرية في الأبطال الخمسون    حنون تشرف على لقاء جهوي    لاناب ترعى مسابقة وطنية ودولية    طموح كبير لدورفال    هؤلاء أبرز المرشحين لجوائز الأفضل من فيفا    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    أولمبياد المهن 2025... منصة وطنية لترقية الكفاءات التقنية ودعم الشباب    تكريم الفائزين في الطبعة الخامسة من المسابقة الأدبية الوطنية "أم سهام" للقصة القصيرة    مذكرة تفاهم جزائرية–بريطانية لتعزيز قدرات الشرطة في التحليل المتقدم للبصمات الإلكترونية    مدير المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي: الجزائر تسرّع تنفيذ استراتيجيتها الوطنية بدعم البنى التحتية والكفاءات    تعزيز التعاون الجزائري–القطري في مجالات العمل والضمان الاجتماعي    "حرب الشتاء" بلا مغيث في غزة : غرق عشرات الخيام في مواصي خان يونس بمياه الأمطار    سوريا : إصابة امرأة بانفجار منزل بدمشق وسط استنفار أمني    خنشلة : فرقة التفويضات القضائية و فرقة البحث و التدخل تنظم عملية شرطية و توقف شخصين مبحوث عنهما    بريد الجزائر يحذر زبائنه من تلاعب المحتالين    الدولة الجزائرية اجتماعية بامتياز ..؟ !    ضرورة اعتماد سياسة حديثة وإنشاء ملاجئ للحيوانات الضالة    حركة تنموية استثنائية بولايات الجنوب    بحث سبل بناء منظومة متكاملة    يوم تكويني حول الخدمات النفسية في الأزمات والكوارث    إقبال كبير على محلات بيع الأعشاب لتفادي أمراض الشتاء    اكتشفت سليماني ومحرز وهذا سر تعلقي بالجزائر    الترجي التونسي يدعم بلايلي ويؤكد بقاءه مع الفريق    فيانسو يرسم جسور الإبداع السينمائي    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان وعفّة الجوارح

رمضان شهر مبارك تشمَل بركتُه جميعَ المؤمنين، في أعماله الصّالحة المنوّعة، وأجورها الكثيرة المضاعفة. وتأتي بركته على القلوب بإصلاحها، وعلى الأخلاق بتهذيبها وتزكيتها، وبين رمضان والأخلاق رباط وثيق وحبل متين، والعفّة من أجلّ الأخلاق وأعظمها؛ لأنّ العزّة مرتهنة بالعفّة، فالعفيف لا يكون إلاّ عزيزًا ولو كان فقيرًا ضعيفًا، وهي تُكسب صاحبها أخلاقًا حسنة كثيرة.
إنّ فَقْد العفّة تنزل بالوجيه من الثريا، وتُبدله مكان الفوق تحتا، والعفّة هي الكَفُّ عمّا لا يحلّ ولا يجمُل، وكَفٌ عن المحارم والأطماع الدنيّة، وقيل في الاستعفاف: الصّبر والنّزاهة عن الشّيء. ورمضان شهر الصّبر، ومدرسة الأخلاق، وشهر الكفّ عن الحلال لتتربّى في النّفس ملكة الكف عن الحرام.
ومجالات العفّة ثلاثة: عفّة اليد، وعفّة اللّسان، وعفّة الفرج. فإذا حقّقها المرء سلم له دينه، وكان شريفًا عزيزًا، فعِفَّة اليد سبب لعفّةِ البطن، وقلّةِ الأكل، والتحرّر من الشّهوة البهيمية. والصّيام الحقّ يُروّض الصّائم على عفّة اليد والبطن؛ وذلك أنّ الصّائم يرى الطّعام الشهيّ فيحبس نفسه عنه بإرادته، مع أنّ الجوع يدعوه إليه، فيحقّق وصية القرآن لسيّد الأنام، قال الله تعالى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.
وإذا عفَّت يد المسلم عن السّؤال، وعفَّ قلبُه عن التطلّع إلى ما عند الآخرين؛ عاش عزيزًا بينهم ولو كان أفقرهم، وكان محبوبًا في أوساطهم؛ لأنّه لا يطمع في دنياهم. وهؤلاء جاء وصفهم في القرآن: {يَحْسبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.
كما أنّ شهوة بني آدم تدعوه للكلام؛ فالإنسان له أعضاء تكَلّ وتتعب، وله عُضو لا يعرف التّعب وهو اللسان، ولذا كثُر التّحذير من خطره والدّعوةُ إلى حبسه، ففي الحديث “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ”، وفي حديث آخر “مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ”، وفي ثالث “وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟”.
والمؤمن المستفيد من رمضان يَقضي أغلب ساعاته في الذِّكر والقرآن، فلا يبقى من وقته شيء للقيل والقال، كما أنّ سبب السِّباب والشّتائم الغضب والخصومة، والمؤمن مأمور وهو صائم بأن يصبر على جهل الجاهلين، ولا يردّ شتائمهم بمثلها، بل يقابلها بالحِلم والاعتذار بالصّوم؛ ولذا كان الصّيام وقاية عن جهل القول والفعل، كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ” رواه الشيخان.
فإذا كان الصّوم مدرسة الأخلاق، والعفّة من أجلّ الأخلاق وأرفعها، وتكون في اليد واللّسان، فلا بدّ من عفّة الفَرج، وحتّى تستقيم عفّة الفرج لا بدّ من عفّة العين وعفّة الأذن؛ لأنّ العين والأذن رسولاَ الفرج ومحرّكا الشّهوة، وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ” رواه الشيخان.
وإنَّ عفيف البصر والسّمع عن المحرّمات عفيف الفرج ولا بدّ عن الشّهوات المحرّمة، والصّيام عمومًا طريقٌ موصل إلى العفّة، ويربّي الصّائم عليها، وما على الصّائم إلاّ أن يستجن بالصّيام؛ لأنّه جنّة، فيحفظ بصره وسمعه من الفضائيات الّتي تبث كلّ خبيث؛ ليتأتّى له التعوّد على العفّة، فلا يمضي رمضان إلاّ وقد تعوّد المسلم على غضِّ بصره، وحفظِ سمعه، وكبح جماح شهوته؛ لينال أعظم الجزاء، ويكون حقيقًا بقول الرّحمن سبحانه “الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.