لا يعرف كثير من الجزائريين ربما، أنّ البطل الشهيد أحمد بن عبد الرزاق حمودة، سي الحواس، الذي ولد سنة 1923 بمشونش إحدى قرى الأوراس، واستشهد رفقة العقيد عميروش يوم 29 مارس 1959 بجبل ثامر ناحية سيدي امحمد دائرة عين الملح ولاية المسيلة، خلّف من بعده خمسة من الأولاد، ولدان على قيد الحياة، وثلاث بنات، توفيت واحدة. ومن بين الأبناء الخمسة الذين تركهم الشهيد سي الحواس، البروفيسور شعبان حمودة، وهو أستاذ محاضر في الهندسة الصناعية فرع التحكم في الطاقة بجامعة الحاج لخضر بباتنة. من ميزات البروفيسور شعبان حمودة إيثاره لعدم الظهور، وتواضعه الشديد، فهو لا يتهافت على الإعلام. وعندما التقيناه على هامش الاحتفالية التي خصصت ليوم الهجرة 17 أكتوبر 1961 بباتنة، حاولنا أن نعود معه في هذا الحوار القصير للتنقيب فيما تركه والده الشهيد من مآثر مادية تتعلق أساسا بالوثائق أو مذكرات، أو غيرها. هل ترك والدكم الشهيد أحمد بن عبد الرزاق حمودة، سي الحواس، أي وثائق أو مذكرات تحتفظ بها العائلة؟ لم يترك الوالد رحمه الله شيئا يُذكر عدا بعض الوثائق التي وجدت عند المجاهدين وبعض التعليمات وكذا بعض القوانين التي أنجزتها الولاية السادسة المعروفة بإدارتها وشدة تنظيمها، ومن النصوص التي تدل على هذا التنظيم الإداري المحكم للولاية السادسة القانون المنظم للمجالس البلدية. كم كان عمرك عند استشهاد الوالد رحمه الله؟ كان عمري سبع سنوات عندما استشهد. من كفلكم بعد استشهاده؟ كفلنا وربانا بعد استشهاد الوالد أعمامنا الشيخ زكريا حمودة وعبد الله حمودة سواء قبل الثورة أو بعدها. هل عرفت الوالد وما الذي علق بذاكرتك من شخصيته؟ لم أعرفه بصفة واضحة، لأنه كان دائم الغياب. هل لديكم أشياء حول الوالد تنوون تقديمها للقارئ الجزائري؟ لا توجد مشاريع في الأفق، لأننا متحفظون بهذا الخصوص، خاصة بعد موجة استعمال الرموز التاريخية لأغراض سياسية، ولهذا فضلنا التعامل مع الأساتذة والباحثين الجامعيين أمثال الأستاذ خميسي فريح أستاذ بجامعة بسكرة بدائرة التاريخ الذي له أطروحة ماجستير حول الوالد الشهيد سي الحواس، وهي موجودة لدى وزارة المجاهدين. هل سمعتم عن مشاريع أفلام حول حياة الوالد؟ هناك مشروع فيلم عن الشهيد سي الحواس، وهو في مرحلة كتابة السيناريو، وفي حدود علمي هناك ثلاثة سيناريوهات قُدمت حول الموضوع. هناك عديد الروايات حول استشهاد العقيد سي الحواس والعقيد عميروش، وقيل إنه تمت الوشاية بهما، هل أنت مع هذا الطرح؟ ما وقع في جبل ثامر حسب المجاهدين الذين كانوا موجودين يؤكد أن المجاهدين الذين شاركوا في المعركة كانوا نحو 40 مجاهدا تحركوا بسرعة ما أحدث فارق ليلة بينهم وبين قيادة الولاية السادسة الممثلة في العقيد سي الحواس، الرائد عمر إدريس والرائد العربي بعرير والرائد بن عكشة ما أدى إلى استشهادهم رفقة العقيد عميروش ومرافقيه، وأعتقد أن الاستعمار اكتشفهم صدفة، وفرضية أن الاستعمار اطلع على طريقهم مغالطة، لأن الذي يعرف الثورة الجزائرية يدرك بأن القادة قليلا ما يعرف مسار تحركهم. متى سمعتم بمكان تواجد رفات والدكم؟ لم نسمع بمكان تواجد رفات الوالد الشهيد سي الحواس إلا سنة 1982، وعرفنا يومها أن رفاته رفقة رفات عميروش محجوزة بأرشيف الدرك الوطني، وقبلها لم نكن نعرف عن هذا الموضوع شيئا سوى المسؤولين في ذلك الوقت. وماذا حدث بعدها؟ للتاريخ وللأمانة أقول إن الرئيس الأسبق المرحوم الشاذلي بن جديد لم يكن على علم بهذا الموضوع، ولما اطلع على ذلك وبعد اكتشاف الرفات، أمر الشاذلي بن جديد بإعادة دفنهما في جنازة رسمية.