جامعة هواري بومدين تتدعّم بملعب جديد    هذا ما حقّقته الجزائر.. وهذه مواقفها..    طبي يجتمع بأعضاء مجلس اتحاد منظمات المحامين    انشاء وكالة لبنك الاتحاد الجزائري بمدينة الزويرات الموريتانية قبل نهاية السنة    صالون الجزائر الدولي للبيئة نهاية سبتمبر    الصهاينة يقتحمون جنين مجدداً    سيناريوهات خطيرة في الأقصى    جيل كيبل: عن العباءة و الخطر الإسلامي    برشلونة يواصل عروضه القوية ويسحق أنتويرب    الإطاحة بجمعية أشرار    النفق المروري بالخروب يدخل حيّز الخدمة    الوالي فوزية نعامة تامر بتفعيل المخطط الاستباقي    انطلاق الموسم الثقافي الاجتهادي 2023-2024    مخطوطات زاوية الشيخ الحسين.. إرث علمي في متناول الطلبة والباحثين    حب النبي واتّباعه طريقك للفوز بمحبة الله ورضاه    عنابة: دراسة 40 ملفا لإنجاز آبار للسقي الفلاحي والاستثمار    أم البواقي: توزيع 23 ألف نسخة من كتاب الإنجليزية على الابتدائيات    جمعية استثنائية لتمكين فلسطين من عضوية كاملة    إحباط محاولة إدخال 9 قناطير من الكيف عبر الحدود مع المغرب    الرئيس تبون يلتقي رئيسة مجلس وزراء إيطاليا    الجزائر/موريتانيا: تشكيل لجنة مشتركة لتسهيل ورفع حجم المبادلات التجارية    حركة البناء الوطني: خطاب رئيس الجمهورية عكس تطلعات الشعوب    رئيس الجمهورية يحادث بنيويورك مع عدد من نظرائه و مسؤولين سامين على هامش أشغال الدورة ال78 للجمعية العامة للأمم المتحدة    بمشاركة 280 رياضيا من 23 دولة: افتتاح البطولة العالمية للشباب للكرات الحديدية    المسيلة: يحاول ترويج 1078 كبسولة مهلوسات    يعود نهاية الشهر الجاري    رئيس الكاف يهنّئ اتحاد الجزائر    سيكون ثالث رئيس في العهدة الأولمبية الجارية: تزكية مكتب صادي اليوم تخلص الفاف من الفراغ القانوني    السبت أول أيام الخريف    الإطلاع عن كثب على تطورات القضية الصحراوية    تمديد سكة الحديد ببطيوة وتوسعة ميناء أرزيو.. مشروعان استرتيجيان    فلاحون يناشدون الوالي التدخل لإنقاذ سمعة بومرداس    صندوق التقاعد يطلق خدمة "تذكرتي"    مجموعة برلمانية للصداقة الجزائر- موزمبيق قريبا    الشلفاوة من أجل التأكيد أمام نجم بن عكنون    مخطط أمني لمرافقة الدخول المدرسي    الحرائق تتلف 900 متر من شبكة الكهرباء    أمريكا ترفض منْح حقوقَ الطبع والنشر    اتفاقية شراكة بين الشركة الجزائرية للتأمينات والتجمع الجزائري للناشطين في الرقميات    إطلاق جائزة اللغة العربية 2024    تشاكيل ومنحوتات خارج الأنماط الكلاسيكية    الخطاب الجمالي وعلاقته بالفنون في الجزائر    موتسيبي يهنئ نادي سوسطارة    الإيطاليون يرشحون توبة للتألق مع نادي ليتشي    المخرج لطرش يمثل الجزائر في منافسة مهرجان الجونة    حجز 6 قناطير من اللحوم البيضاء الفاسدة    ينبغي بناء نموذج طاقوي قابل للتطبيق    ميلاد المجدلية    تكريم مجموعة من الاساتذة والباحثين من مختلف الجامعات الوطنية:انطلاق الموسم الثقافي الإجتهادي 2023-2024 للمجلس الإسلامي الأعلى    فيِ مواجهة الذاكرة الرسمية سينمائياً    ولادة الرسول.. ولادة أمة وحضارة    ربيع الأول شهر المولد والهجرة والوفاة    وفد عن مفوضية السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي في زيارة عمل إلى مؤسسات الجمهورية الصحراوية    لا ندرة في الدواء.. وقائمة 132 صنف غير مسوّقة بالجزائر    تنظيم معرض جزائري هذا الشهر في أوغندا: دعم ولوج المنتجات الجزائرية للأسواق الإفريقية    تنظيم معرض للمنتجات الجزائرية في أوغندا من 30 سبتمبر إلى 2 أكتوبر المقبل    ثقافة تعرف انتشارا منذ الجائحة: التبرع بالأدوية تقليص للنفقات و ترشيد للاستهلاك    ولاية الجزائر: تسخير 96 وحدة طبية لضمان تغطية صحية للمتمدرسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2000 عائلة تعيش الجحيم وسط الجرذان و الثعابين
الشروق تستطلع أوضاع سكان حي الرملي مدينة الصفيح بقلب العاصمة
نشر في الشروق اليومي يوم 22 - 03 - 2010


تصوير يونس أوبعيش
أطفال لم يدخلوا المدارس والبراءة ينهشها البؤس والحرمان
هو واحد من بين أكبر المواقع القصديرية بالعاصمة، بتعداد سكاني يفوق 2000عائلة انحدرت من 48 ولاية من الوطن وحتى من دول أجنبية وعربية، يتوسّط واد الحراش والمفرغة العمومية لواد السمار، حيّ تجتمع فيه كل الآفات الإجتماعية سرقة، مخدّرات، انحرافات خلقية فقر وبؤس وأوبئة من كل الأنواع آفات لها مبرّراتها، إنّه حي الرّملي بالسمار الذي ظهر إلى الوجود سنة 1988بحوالي 174‮ كوخ ليتحوّل مع ممر السّنين إلى قرية قصديرية‮.‬
* خلال تغطيتنا للأحداث الأخيرة التي شهدتها أكبر أحياء الصفيح بالعاصمة والإشتباكات التي وقعت بين أبناء الحي الرملي بالسّمار مع أعوان الدرك الوطني، تأثّرنا بشكل كبير لأن الغضب الشبّاني بلغ ذروته بسبب المشاكل التي يتخبّطون فيها، ولأن الوقت لم يسعفنا في زيارة كل تلك الأكواخ، فقد وعدنا مواطني السّمار بزيارة أخرى، لإنجاز روبورتاج مطوّل وكان لنا ذلك...‬
*
* أطفال لم يدخلوا المدارس والبراءة ينهشها البؤس والحرمان
* البداية كانت من معبر السكة الحديدية حيث التقينا بمجموعة من الأطفال وهم يهمّون بقطع السكّة غير مبالين بخطر الموت والخطورة إنهم كانوا محمّلين بعربات من الخردة والبلاستيك وأكياس من الدّلاء البلاستيكية، وما جادت أيديهم من مزابل العاصمة، المحظوظون منهم فقط استطاعوا ملء تلك الأكياس لأنهم استيقظوا باكرا وكانت الساعة حينها تشير إلى العاشرة ونصف في البداية، هربوا منّا ورفضوا أن نلتقط صورا لهم، وهم محمّلين بالخردوات وملابسهم ممزّقة وأيديهم وأرجلهم متشنّجة ومجروحة، هربوا منّا وسمعنا بعضهم يقول لنا »من أي قناة تلفزيونية أنتم، جئتم لتضحكوا علينا أم لتفضحوا واقعنا... اذهبوا نحن لسنا بحاجة إلى صور«، استطعنا إقناعهم والتفّوا حولنا من جديد وراوحوا يسردون علينا معاناتهم واصلوا معنا المشوار بنظرات بريئة تحمل معها أسئلة عديدة.
* مراد، منير، محمد، خالد، عادل وغيرهم من المراهقين والأطفال في عزّ البراءة همّوا معَنا طبعا بقطع السكة الحديدية عبر البوابة التي تركها المكلّفون بإنجاز جدار محطّة السكة الحديدية منذ الثمانينات، أول من تحدّثنا إليه مراد صاحب 16ربيعا حالة البؤس بادية على مظهره، لكنّه كان يتبسّم طول الوقت كان محمّلا كأسين من البلاستيك والخردوات النحاسية سألناه »إنك سعيد لأنك في عطلة، واغتنمت الفرصة لتجمع أكبر قدر من الدنانير أليس كذلك؟«، ردّ علينا بابتسامة عريضة »ومن قال لك أني أدرس لم أدخل يوما إلى المدرسة ولم أتعلّم حرفا منها« فاجأنا مراد وتأثّرنا بعد أن أحسسنا بأننا جرحنا كرامته، لكنّه استرسل قائلا ‮»‬استيقظت على الساعة السادسة صباحا، واتجّهت نحو مزابل الحراش لأجمع القطع البلاستيكية
* والحديدية لأجني منها بعض الدنانير كي أعيل بها عائلتي الفقيرة،‮ ولو بالخبز
* والحليب، كون أبي عاطل عن العمل، لم أدخل المدرسة لأن أبي فقير فيا ليته يستطيع توفير قوتنا اليومي لا أكثر«، سكت قليلا ثم استرسل في الحديث »هذه هي حياتي منذ أن فتحت عيناي ولدت بهذا الحي وأقتات من المزابل منذ بلوغي سن التاسعة«، يقاطعه منير(14سنة)، قائلا »لا تستغربي يا أختي فأنا أيضا لم أدخل المدرسة وهو حال المئات من جيراننا نحن لا نملك وثائق هوية أصلا إننا نبحث عن فرص للعمل مهما كان نوعها فما العيب لم توّغلنا داخل أكبر المزابل ما دامت توفرّ لنا الرّبح السريع؟«.
* محمد صاحب 17سنة من أبناء ديار الجماعة بالحراش رمت به الظروف المعيشية رفقة عائلته إلى حي الرّملي حالته تختلف نوعا ما عن باقي الأطفال لأنه دخل المدرسة، لكن لم يسعفه الحظ في مواصلة الدراسة وانتهى به المشوار في السنة السابعة، ولأن الشارع لا يرحم فقد توجّه إلى أقرب مركز للتكوين المهني هناك فوجئ بتهميش اسمه وإدراجه في قائمة الإنتظار لأنه من حي الرّملي، اختار الشارع رغما عنه ودخل الإنحراف من بابه الواسع.
* هم كثيرون من الأطفال ممّن كانوا يلتفّون حولنا، لهجتهم تعكس مستواهم والواقع الذي نشؤوا وسطه، ومن حين لآخر كانوا يوجّهون لنا عبارات الشارع لا يعرفون معناها أصلا، براءة حوّلتها الظروف الإجتماعية إلى معانقة كل ما هو سلبي في المجتمع.
*
* البلاستيك والخردة ومئات العائلات تقتات من المزابل
* بمدخل الحي الفوضوي التقينا بجمع من الشيوخ من مختلف الفئات الإجتماعية بطّالون، جامعيون ومتقاعدون وآخرون من عائلات ضحايا الإرهاب كلّهم يصرخون وبصوت واحد »إننا من أقدم سكان هذا الحي نطالب رئيس الجمهورية شخصيا زيارة أكواخنا ليرى بنفسه المعاناة التي نتكبّدها وكأننا لسنا جزائريين« عبد الواحد أب لسبعة أطفال ينحدر من بوسعادة بولاية المسيلة، ويقيم بحي الرملي رقم 1 منذ حوالي 5 سنوات كان عاملا لدى أحد المقاولين بالعاصمة لكنّه فصل عن العمل، التقينا به وفي يده اليمنى يحمل الخبز والحليب ويده اليسرى كيس كبير من القارورت البلاستيكية، هو أيضا يقتات يوميا من المزابل فكيس من بعض قطع الحديد والبلاستيك يعادل 5‮ خبزات وكيس من الحليب، وبالتالي فالتنقيب داخل المزابل ليس حكرا على الأطفال فحسب بل حتى الشباب والشيوخ.‬
* شاب آخر من ولاية المدية من أبناء ضحايا الإرهاب، حيث فقد اثنين من شقيقيه بالمدية، وهو من دفع بعائلته إلى الهروب إلى العاصمة، إنه صاحب المستودع الكبير للخردوات، وهو من يشتري كل تلك السلّع من البلاستيك والنحاس والحديد من الأطفال والشباب ويقوم بإعادة بيعها من حين لآخر.‬
* ونحن نتحدّث إلى هؤلاء حتى فاجأتنا السيدة عزيزة أم ل6أطفال وهي تنحدر من ولاية المسيلة وهي الأخرى محمّلة معها قفتين ممتلئتين، قالت لنا أنها تمتهن التسوّل منذ 4 سنوات لأن زوجها لا يعمل وتجني يوميا ما يقارب 800 و100دج لتدفع بها فواتير الماء والكهرباء وتعيل بها عائلتها.
*
* واقع مخز‮..‬ مزابل وجرذان وثعابين وحيوانات برية تهدّد المئات
* رائحة العفن والقذارة تنبعث من على بعد أمتار من حي الرّملي، حيث اضطررنا إلى قطع واد للمياه القذرة وفوق جسر من العجلات المطاطية ولسوء حظنا لم تكن بحوزتنا قناع للإستعانة بها والتخلّص من تلك الروائح الكريهة، فواد الحراش يصب مجراه بالقرب من محرقة واد السّمار تلقي بهوائها يوميا على أكواخه
* بالجهة الشرقية تتواجد غابة هي في الأصل ملجأ للحيوانات المفترسة خاصة الذّئاب والخنازير.‬
* فالعائلات المقيمة هناك تواجه خطر فيضان الأودية القذرة في فصل الشتاء وخطر الثعابين والحيوانات البرّية في فصل الصيف، كما أن أسقف تلك الأكواخ المصنوعة من الزنك لم تعد تحمي ساكنيها ولا الجدران الخشبية والأرضيات التي تنفجر منها المياه القذرة تستطيع ذلك.
* حيث يحتاج هذا الحي لتظافر جهود كل السّلطات لإعادة تصفية حي الرّملي الذي مسّه آخر إحصاء سنة 2006 وتخصيص حصة سكنية لا بأس بها للتخلّص من أكبر بؤرة سوداء شوّهت العاصمة على مدار سنين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.