زهية منصر اجتمع المثقفون الجزائريون بالمكتبة الوطنية في أحد مهرجانات التكريم، قبّلوا بعضهم، نافقوا كثيرا وكذبوا بصدق مدهش وكادوا أن يتفرقوا دون حتى إشارة بسيطة لمجزرة قانا أو ذكر للبنان. ولو لم يقم من القاعة شيخ طاعن في السن "عبد الوهاب حقي" ويدعو الجميع للوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح الضحايا، كان بقايا المثقفين عندنا سيتفرقون كما اجتمعوا دون كلمة تذكر لبلد الأرز الذي كثيرا ما حجوا إليه زرافات ووحدانا. والحق يقال إن الإخوة في لبنان ليسوا بحاجة لما يعرف ببقايا المثقفين عندنا ما دام البؤس والهوان قد وصلا ببعضهم في يوم من الأيام إلى حد افتعال أنهم مهددون بالاغتيال للفرار بجلودهم من البلد، فيما اختبأ البعض الآخر كالفئران في الجحور ليخرجوا فيما بعد وينصبوا أنفسهم أوصياء على الساحتين الداخلية والخارجية. وعليه نقول للأشقاء في لبنان أن تلك المقولة المشهورة (العرب ظاهرة صوتية) لم تعد صالحة ما دمنا غير قادرين اليوم على ممارسة أضعف الإيمان وما دام موقف نانسي عجرم أشرف من موقف الذين انتقدوها كثيرا وقالوا إن ظاهرتها تزحف على الأدب، وعليه نقول لأشقائنا في لبنان: عذرا عن جبننا، عن هواننا ونحن نتفرج على المجزرة خلف الشاشات الفخمة والغرف المكيفة لنغير المحطة بين الفينة والأخرى ونحتسي الكوكا الأمريكية، ونوكل في نهاية النهار أمرنا لله والشرائع التي تبرأت منا جملة وتفصيلا، ما دام وعاظنا يفتون بجواز مساندة اليهود ضد إخوتنا في الدين بحجة أنهم فرقة ضالة. وعلى كل فإن المثقفين اللبنانيين قادرون على الخروج من أزمتهم بدون العرب العاربة والعرب المستعربة، ولهم جميعا نقول: رجاء في المرة القادمة، ضعوا لافتة على مطار بيروت واكتبوا عليها: ممنوع الدخول على العرب.