لم يتوصل استفتاء "الشروق أونلاين" حول رأي القراء في مسألة فتح الأعلام الثقيل، السمعي البصري، أمام مبادرات الخواص، إلى إجماع على قناعة واضحة، حيث ظلت حصيلة التصويت متقاربة وبتفاوت بسيط جدا، لم يتجاوز 200 صوت، رغم أن عدد المشاركين في التصويت فاق ال 31 ألف مشارك، ورغم أن خيارات الاستفتاء الثلاثة واضحة ومتباينة، تتراوح بين، "رفض غير مبرر"، "رفض مبرر"، و"بدون رأي"، للرد على سؤال الاستفتاء "ما رأيك في رفض السلطات فتح قطاع السمعي البصري أمام الخواص؟". * فقد حاز خيار "رفض مبرر" على أكبر عدد من تصويت قراء "الشروق"، بحصوله على 14768 صوت، ما يمثل 47.54 بالمائة من مجموع المصوتين على الاستفتاء، في حين صوت على خيار "غير مبرر" 14556 مشارك، بنسبة تصل إلى 46.86 بالمائة،، أي بقارق بسيط جدا بقارب ال 200 صوت فقط، بينما اكتفى 1739 قارئ بالتصويت على خيار "بدون رأي"، وهو مؤشر آخر على أهمية الأمر. * ويترجم الاتجاه الذي أخذه منحى تصويت القراء حساسية الأمر ومحاذيره لدى النخبة السياسية، بالنظر إلى حيوية وقوة تأثير الإعلام الثقيل على توجيه وصناعة الرأي العام الناتجة عن قدرته على مخاطبة كل شرائح المجتمع بالصوت والصورة الحية، ومساحة انتشاره غير المحدودة من حيث الزمان والمكان. * فالسلطات العمومية، مازالت في حالة تخبط وتردد حقيقية، متخذة موقف المتحفظ عن مطلب الفتح، وهو ما عبر عنه رئيس الجمهورية في خطابه الأخير، مفضلا تنويع البرامج باعتماد فضائيات موضوعاتية تلبي كل انشغالات وتطلعات المواطن، بشكل مهني يحترم مبدأ الخدمة العمومية، مع تنشيط مناقشات جادة ومسؤولة تشرح قضايا الساعة التي تهم المواطن. * ويتمترس اتجاه ثان في السلطة في نفس القناعة، غير أنه يدعو الى فتح القطاع بشروط، وهو الرأي الذي عبر عنه بقوة أحمد أويحيى، في حملة الانتخابات التشريعية الماضية، حين اعترف بضرورة فتح القطاع أمام الاستثمار الخاص مرحليا، حيث دعا إلى مرحلة انتقالية تقوم على مرافقة القطاع العام لفترة محددة، مع وضع دفتر شروط دقيق، وهو موقف يعبر عن مخاوف الانحراف المهني والمساس بمقومات الأمة، خاصة وأن الأمر يتعلق بسلاح إعلامي خطير، يتمثل في الصورة الحية، يحتاج إلى خبرة وحنكة وتكوين جيد وإنتاج وفير يستغني عن الصورة الموجهة والمعالجة في المخابر الأجنبية، الأمر الذي يحتاج إلى وعي سياسي وحس مدني جمعي، على غرار المطالبة بنظام سياسي البرلماني بدل الرئاسي أو نصف الرئاسي، حيث من المنتظر أن يعرف المطلب نقاشا وجدلا واسعين أيضا. * وفي المقابل، تقف المعارضة على مسافة بعيدة، تستعجل فتح القطاع، بغض النظر عن المخاوف المعبر عنها، باعتباره آلية فعالة للممارسة الديمقراطية وحرية التعبير، مستندة على نجاح تجربة التعددية الإعلامية في الصحافة المكتوبة، وتجارب دول عربية، كانت حتى الأمس القريب منغلقة على نفسها، بينما شرعت الجزائر في تعددية إعلامية فريدة أبهرت الرأي العام الدولي، وأقلقت الجيران، بعدما صنعت من الجزائر جزيرة حقيقية في ممارسة الديمقراطية والحريات، وعلى رأسها حرية التعبير، لكن هذه الطفرة تراجعت تحت وطأة الأزمة التي عرفتها البلاد، وحتى قانون الأعلام لسنة 1990، الذي وصف حينئذ بقانون عقوبات مكرر، تم تجميده دون سابق إنذار، وخنق أهم مؤسساته، المجلس الأعلى للإعلام، ومجلس أخلاقيات المهنة، الضامنان لحرية الإعلام كفضاء من فضاءات التعبير، كما فتتت خارطة طريق المهنة ووضعت في مفترق طرق صعب، حيث امتد النظر إلى وجهات عديدة، لتحال مهنة المتاعب على قانون العقوبات.