يتبادل المسيحيون بولاية عنابة نفس مشاعر وأحاسيس المسلمين مع اقتراب شهر رمضان، حيث تؤدي فئة قليلة من هذه الطائفة الدينية فريضة الصيام من مبدأ التعايش السلمي واحترام الديانات، في حين تقوم أخرى بالامتناع عن الطعام والشرب إيمانا بمقولة ”صوموا تصحوا” بينما يجتنب آخرون الأكل والشرب والتدخين في الساحات العمومية والشوارع فقط دون المنازل، تقديرا لجيرانهم المسلمين. يتساءل الكثيرون عن نمط عيش الفئة المسيحية بالولاية خلال شهر الصيام وإن كانت تصوم أم تفطر سرا أو علنا· كما أن الكثيرين يعتقدون أن المسيحيين يأكلون خلال شهر رمضان من باب التفكير أنه موسم ديني وموعد للمسلمين فقط· غير أن الواقع يقول عكس ذلك تماما وهو ما وقفت عليه ”البلاد” خلال جولة استطلاعية ميدانية ومعاينة بعض العائلات المسيحية بعنابة وهي قليلة. والعبارة الأكثر شيوعاً للتهنئةئبالشهر الكريم في أوساط المسلمين هي ”رمضان كريم على الأمة الإسلامية”· لكن لا يعرف مرددوها أن ”المسيحي” كذلك ينتظر هذا الشهر لخصوصيته خاصة في عنابة· وقد تختلف الأحاسيس والمشاعر تجاه رمضان، ولكن يجتمعئالجميع على الشعور بسعادة ودفء غريب يطبع هذا الشهر ويدفعهم ليقولوا ”ليتئالعام كله رمضان”· فإذا كان المسلم ينتظر هذا الشهر الكريم ليصومه طاعة لله ويبرئبالفقراء ويصل رحمه وغيرها من الأمور الرائعة. فإن المسيحي ينتظر هذا الشهرئأيضاً لعدة أمور يراها أيضاً رائعة ولا تتكرر سوى 30 يوماً من كل عام، حسب السيد فوزي الدي التقته ”البلاد” بحي باتريس لوممبا بوسط مدينة عنابة، حيث يجدئالمسيحي لذة ومتعة خاصة حسب محدثنا في الشهر ذاته فهو يشعر بأن يوم رمضان يمر سريعاً، فعدد ساعات العمل أقل وأوقات الفراغ أطول. يملأها هذا الكم الهائل من البرامج التليفزيونية والمسلسلات والحصص الرمضانية التي لا يفوتها·إلا أنه لا يشعر أنه مضطر للنزول أوئالشراء أو بذل أي مجهود أو عادة تميز الشهر الفضيل كونه مناسبة دينية لا تعنيه· غير أنه يجد جيرانه وأحبائه وأصدقائه يتنافسون في أنئيقدموا له من خيرات ما عكفوا طوال اليوم على تحضيره، وهو ما يجعل مثلا الشربة مميزة ومختلفة عن أي شربة أخرى قد يتناولها المسيحي طوال العام، فهي وجبة تم إعدادها بمحبة وتوزيعها بمحبة أكبر . وفي هذا الشأن يقول محدثونا ممن ينتمون لهذه الفئة إنهم لا يمتنعون عن الأكل والشرب داخل المنازل ولكن يجتنبونها أمام الملأ احتراما لمشاعر المسلمين· في حين يأتي شهرئرمضان على بعض المسيحيين مماثلا لجيرانهم المسلمين، فيود المسيحيون بعضهم البعض، ومن انقطعوا عن رؤية بعض الأقارب تبقى الفرصة سانحة لرؤيتهم خلال هذا الشهر. حيث تتهاطل الزيارات، فيصبح المسيحي متغيرا ومشتركا مع المسلم، ويتسابق معه إلى إعداد مائدة رمضان بما لذ وطاب من خيرات· وهي فئة تؤمن بمبدأ التعايش واحترام الديانات، تضيف العائلات التي تحدثت إلينا، يمر عليها الشهرئسريعاً وكأنه يوم واحد، ولكن هذا لا يمنع أن يشعر المسيحي كالمسلم أحيانا بأن يوم رمضان طويل بسبب العطش والحر. وتقول كذلك إنه لا يمكن تجاهل أبداً هذه الرائحة الزكية الطيبة التي تملأ الشوارع بعنابة طوال شهر رمضان، كرائحة ”الجاري” و”البوراك” والزلابية وغيرها، ولا يترك المسيحي الفرصة تمر، حيث يقف مصطفاً ضمن الطوابير لاقتناء الخضر قصد تحضير المائدة أو للحصول على الزلابية بمختلف أنواعها بنفس اللهفة والسعادة التي يشعر بها المسلم. دون أن يشعر أحد بديانته، فهذه الوجبات مميزة لديه وينتظرها أيضاً كل عام ليتناولها خلال رمضان ·فئة ثالثة تضاف إلى الفئتين السابقتين وهي فئة المسيحيين الذين يصومون أياما وأحيانا ساعات من شهر رمضان لما في الصوم من منفعة صحية بحسب ما أكدته دراسات طبية انطلاقا من المبدأ الذي يأتي في أية قرآنية ”صوموا تصحوا”·