احتفالية ضخمة جدا سوف تشهدها مدينة صفاقسالتونسية بعد اختيارها عاصمة للثقافة العربية لعام 2016، حيث ستشهد المدينة 63 تظاهرة خاصة بالحدث، و23 مهرجانا بين دولي وعربي ووطني ومحلي و10 اِحتفاليات في شوارع المدينة و15 فعالية بين ملتقيات وندوات ومنتديات دولية ووطنية، فضلا عن 8 معارض ومتاحف فنيّة وطنية وجهوية ونشر 100 كتاب. ويتوقّع المنظّمون مشاركة 100 ضيف شرف من 22 دولة عربية، فيما سيكون عدد المشاركين العرب 500 مشاركا بين مبدعين ومثقّفين وإعلاميين وكتّاب، وقدّر عدد الجمعيات والهياكل والمؤسسات الوطنية والعربية المشاركة ب150 مؤسسة، ومن المتوقّع أن يبلغ عدد الزوّار أكثر من 120 ألفا. وقد اختار القائمون على الاِحتفالية أن يكون الإعلان عن اِنطلاق الحملة الترويجية الرسميّة للتظاهرة بحفل تمّ خلاله تكريم عدد من أبناء المدينة الذين برزوا وطنيا وعالميا وفي جميع المجالات العلمية والفنيّة والأدبية والاقتصادية بحضور وزيرة الثقافة سينا مبارك ووزير المالية سليم شاكر. وتنطلق الاحتفالية الأهم في تونس لهذا العام يوم 23 جويلية المقبل تحت شعار"الثقافة توحّدنا وصفاقس تجمعنا"، وقالت وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث من خلال بيان صحفي أن صفاقس أثبتت من خلال هذه الحفل الخاص باِنطلاق الحملة الترويجية لصفاقس عاصمة للثقافة العربية، قادرة على اِحتضان تونس بأكملها من خلال تجسيم معاني التلاقي والتنوع الثقافي الذي اختزلته التظاهرة، مشيرة إلى أنّ صفاقس هي مدينة الابتكار والعمل والاستثمار، وهذه قيم تحتاجها تونس اليوم، مؤكدة في ذات السياق على ضرورة مساهمة كل الأطراف في نجاح هذه الاحتفالية ذات البعد العربي لأن في ذلك مساهمة في نجاح تونس وتجربتها الديمقراطية. وعبّرت وزيرة الثقافة عن أملها في إسهام التظاهرة بمزيد من إشعاع الثقافة التونسية على المستوى العربي وربط الصلة بين المواطن والثقافة وتكريسا لمبادئ دستور تونس وحق المواطن في الثقافة. من جهته أكد وزير المالية سليم شاكر، أن الدولة تدعم التظاهرة بما يضمن نجاحها، مؤكدا أنّ الميزانية تضاعفت لتصبح 30 مليون دينار بدَل 11 مليون دينار (14 مليون دولار) وهو ما يُعدًّ ترجمة ملموسة لمراهنة الدولة على الثقافة كسبيل لمقاومة الإرهاب والمساهمة في التنمية وبناء مستقبل البلاد. وحول فكرة الحفل، أكدت المنسّقة العامة للتظاهرة هدى الكشو، أنّ كفاءات صفاقس ومبدعيها في تونس والخارج هم خير حامل للمشروع الثقافي الذي أتت به تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية وخير مُروّج لها، معربة عن أملها في أن تتولى هذه الكفاءات تشكيل هيئات لدعم التظاهرة ومساندتها. وأشارت الكشو أنه انطلاقا من أن الثقافة ليست خلاصة الماضي، وليست ما يبقى في ذاكرتنا من عظمته فقط، بل هي إرث الماضي ونتاج الحاضر وتطلّعات المستقبل، لذا سيكون احتفال صفاقس بالثقافة العربية متفتحا على كل التواريخ والأزمنة، وفي كلمة ستعود صفاقسالمدينة ومعتمديّاتها إلى ماضيها لتوثّق تراثها الثقافي ولتحيي ذكرى شخصياتها وأحداثها الخالدة وستهيّئ البُنى التحتية بالكنيسة و"شطّ القراقنة" و"المدينة العتيقة"، مشيرة أنّ التظاهرة تتّجه إلى مبدعي المحافظة وكتّابها وأدبائها من أجل الإنتاج والنشر، والعمل على دفع العمل الثقافي الذي بات توجّها واضحا نحو آفاق أكثر اِنفتاحا وأكثر إبداعا. واعتبرت، هدى الكشو، أنّ احتفال صفاقس بالثقافة العربية على اِمتداد عام كامل هو عيد لتونس، وأضافت أنه لذلك لن ينحصر الاحتفال على المحافظة بل ستتوسّع دائرة الاحتفال لتشمل كل البلاد، ولن ينحصر النشاط الإبداعي في شريحة المثقّفين بل سيمتدُّ إلى الجميع وخاصة الشباب، فالقائمون على الاحتفالية يَعِدُونَ بكثير من الفرح ويؤكدون أنّهم سيعملون، على أن يَجِدَ الذين لم تُتِح لهم الحياةُ شروط الفرح نصيبهم في التظاهرة مع نجوم كبار مثل صابر الرباعي ابن المدينة وكاظم الساهر والشاب خالد ونجوى كرم وغيرهم. ولأنّ الثقافة ليست تَرَفًا فكريّا يلهينا عن الحياة ويبعدنا عن مشاغلها تقول الكشو، أنه لا يمكن لاحتفالات صفاقس بعرسها الثقافي أن تنسينا قضايانا الوطنية بل ستذكرنا بدور صفاقس في النضال ضد المستعمر الفرنسي، وضد كل أشكال الديكتاتورية التي عانت منها المحافطة لعقود طويلة ما ساهم في تهميشها، مؤكدة أن الحدث هو استحضار لتاريخ، هو فرح وبناء ومشاركة ومسئولية، وتلك هي أسس الاحتفال بصفاقس عاصمة للثقافة العربية. وبما أنّ اللجنة التنفيذية للتظاهرة ترى أنه فرصة لاستحضار وإحياء التراث الثقافي والوطني والعربي، وتطلّعٌ للمستقبل بخطًى ثابتة ومدروسة، فقد اِنتهت من إعداد برمجة متنوعة ومتجذّرة بالشراكة مع المجتمع المدني والمثقّفين والمبدعين والأكاديميين والمختصّين في محافظة صفاقس، والبرنامج هو خلاصة عمل اِمتدَّ لأشهر طويلة بالتعاون مع أهمّ الفاعلين الثقافيين. وعلى هذا الأساس وضعت اللجنة التنفيذية برمجة تقوم على أساسين هامّين هما البرمجة الثقافية التي سوف تعكس الصورة الحقيقية للحدث والمشاريع والبُنى التحتيّة التي ستحدث نقلة نوعية في المشهد الثقافي والمجتمعي في المحافظة. أما فيما يتعلّق بمشاريع البنية التحتيّة والتي سوف تُحدث نقلة نوعيّة في المحافظة، فيمكن ذكر إعادة تأهيل الكنيسة وتحويلها إلى مكتبة رقميّة عصريّة فضلا عن مصالحة صفاقس مع بحرها من خلال مشاريع مثل تهيئة شاطئ القراقنة، وإحداث المتحف العائم وطرق الصيد البحرى، هذا بالإضافة إلى النهوض بالمدينة العتيقة وتهيئة المنازل القديمة واِستغلالها للفعل الثقافي.