موجة حر شديدة وأمطار رعدية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن يومي الأربعاء والخميس    كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024 (الدور ربع النهائي): حصتان تدريبيتان لسيدات المنتخب الوطني تحسبا لمواجهة غانا    العاب القوى/ جائزة بريشيا الكبرى (800 م): الجزائري محمد علي غواند يحقق رقم قياسيا شخصيا جديدا    العدوان على غزة: مسؤولة أممية تدعو إلى تقديم كل المسؤولين الصهاينة أمام المحكمة الجنائية الدولية    ممثلة المنظمة الدولية للهجرة تشيد بجهود الجزائر للتكفل باللاجئين    ارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين منذ فجر الثلاثاء إلى 70 شهيدا    فلسطين: توقف آلية إدخال المساعدات إلى غزة و6 آلاف شاحنة عالقة على الحدود    المخزن يفتح أبواب المغرب للصهاينة!    اعتماد المقاربة بالكفاءات بشكل كامل خلال الدخول المقبل    استحداث المقاطعات الإدارية يستهدف التكفّل بانشغالات المواطن    هذه رسالة فان بيرسي لحاج موسى    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الإعلامي علي دراع    شرطة البليدة توقف 171 شخصا    عادة الحناء تُلغى من الأعراس الجزائرية    وفد من الخبراء يتفقد المشروع    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    ما بعد صهيونية الإبادة: مصيدة اليهودي العاقّ    مستوى لا مثيل له    نحن أمام تحديات كبرى وفرص واعدة    الجزائر أسست لمشاريع استراتيجية كبرى تكرس التكامل الإفريقي "    استعراض فرص إطلاق مشاريع استثمارية استراتيجية طويلة المدى    إطلاق الفرع المحلي لمشروع كليم-قوف2    ضرورة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية في الجزائر و إفريقيا    تسجيل 14 تخصصا جديدا ذا كفاءة أو شهادة مزدوجة بتسجيل وطني"    مكتتبو عدل 3 يحبسون أنفاسهم    فرصة لابراز الجهود الجبارة للجزائر في مجال حماية الطفل    معرض لأعمال ديني    رقم قياسي للاستهلاك الكهرباء بالجزائر    5شهداء وعدد من المفقودين تحت الأنقاض    غياب بلايلي عن الترجي يثير الاستفهام    استعراض الابتكارات الحديثة التي تستخدمها الشرطة الجزائرية    تكوين القضاة للتكفّل بقضايا العقار    المخزن يكرّس خدمة دوائر المال والنّفوذ    مترو الجزائر يتمدّد لتخفيف الضغط المروري    الجزائر تعود إلى خريطة الاستثمار العالمي    لجنة وزارية مشتركة لحماية الأطفال من الاعتداءات    من سطورة إلى "المارينا".. ليالٍ حالمة في روسيكادا    ساحة التوت.. هنا يلتقي الواقع بالأسطورة    تحويل سيارات الأجرة بين البلديات إلى محطة سيدي إبراهيم    مطار الجزائر يوظف مضيفات استعلام    وفاة الفنّان القدير مدني نعمون    عنابة تسحر البولونيين    أيمن بوقرة أول المستقدمين    حديث عن مغادرة عمراني للعارضة الفنية    سيدي بلعباس: اختتام فعاليات الطبعة 15 للمهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي    سطيف: افتتاح الطبعة الأولى للأيام الوطنية للوان مان شو    الجزائر أختارت أن تكون صوتا للمظلومين لا صدى للظالمين    بلادنا تضم قراب نصف مصانع إنتاج الأدوية بإفريقيا    ما حقيقة وشم محرز؟    الجزائر تستضيف الألعاب المدرسية الإفريقية    لاناب حاضرة في سيتاف    إصلاح شامل للاستعجالات الطبية قريبا    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    وضع حجر أساس مشروع إنجاز وحدة لإنتاج المادة الأولية لصناعة الأدوية المضادة للسرطان بسطيف    فضائل ذهبية للحياء    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    من اندر الاسماء العربية    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحاسب نفسك ؟

وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يحث على محاسبة النفس فيقول : (الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله ) رواه البيهقي والترمذي وابن ماجه. وقد ذكّر الصحابة الكرام بمحاسبة النفس، ودعوا إلى التأهب للعرض الأكبر، فهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يقول: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم" مذكراً بقول الله عز وجل: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (الحاقة:18)، أي تعرضون على عالم السر والنجوى، الذي لا يخفى عليه شيء من أموركم بل هو عالم بالظواهر والسرائر والضمائر.
وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بعض عماله : "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغله أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة ".
فمحاسبة النفس أمر ضروري يعود بالنفع على صاحبه في الدنيا والآخرة، وهكذا كان هدي السلف الأبرار، والسابقين الأخيار، فهذا الحسن البصري يقول : "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته".
وقال ميمون بن مهران : "لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه"، ولهذا قيل : النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك . وقال ميمون أيضا : "إن التقي أشد محاسبة لنفسه من سلطان عاص، ومن شريك شحيح" .
وذكر الإمام أحمد عن وهب قال : مكتوب في حكمة آل داود : "حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات، وإجماما للقلوب".
وقال الحسن : المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة. إن المؤمن يفاجئه الشيء ويعجبه، فيقول : والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات هيهات، حيل بيني وبينك. ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه، فيقول : ما أردت إلى هذا ؟ ما لي ولهذا ؟ والله لا أعود إلى هذا أبدا، إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره، وفي لسانه، وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كله .
وقال مالك بن دينار : رحم الله عبدا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا ؟ ألست صاحبة كذا ؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائدا.
ومحاسبة النفس نوعان
1- محاسبة النفس عند الهم والإرادة، قال الحسن رحمه الله: رحم الله عبدا وقف عند همه ، فإن كان لله مضى ، وإن كان لغيره تأخر .
2- محاسبة النفس بعد العمل، وهو ثلاثة أنواع :
أحدها : محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى، فلم توقعها على الوجه الذي ينبغي. وحق الله تعالى في الطاعة ستة أمور: الإخلاص في العمل، والنصيحة لله فيه، ومتابعة الرسول فيه، وشهود مشهد الإحسان فيه، وشهود منة الله عليه، وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كله .
الثاني : أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيراً له من فعله .
الثالث : أن يحاسب نفسه على أمر مباح، أو معتاد: لم فعله ؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة ؟ فيكون رابحا، أو أراد به الدنيا وعاجلها ؟ فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به.
فوائد المحاسبة
1- الإطلاع على عيوب النفس، فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات الله تعالى .
2- معرفة حق الله تعالى، ومن لم يعرف حق الله تعالى عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي، وهي قليلة المنفعة جدا .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج حدثنا جرير بن حازم عن وهب قال : بلغني أن نبي الله موسى عليه السلام مر برجل يدعو ويتضرع، فقال : يارب ارحمه، فإني قد رحمته فأوحى الله تعالى إليه : لو دعاني حتى ينقطع قواه ما استجيب له حتى ينظر في حقي عليه
فمن أنفع الأمور للقلب النظر في حق الله على العباد، فإن ذلك يورثه مقت نفسه، والإزراء عليها ويخلصه من العجب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذل والانكسار بين يدي ربه، واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفو الله، ومغفرته ورحمته، فإن من حقه أن يطاع ولا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.
فالذي ينبغي على المؤمن العاقل أن يحاسب النفس ويشارطها على حفظ جوارحه: العين، والأذن، والفم، واللسان، والفرج، واليد، والرجل، ثم مطالعتها والإشراف عليها ومراقبتها، فلا يهملها، فإنه إن أهملها لحظة رتعت في الخيانة ولا بد، فإن تمادى على الإهمال تمادت في الخيانة حتى تذهب رأس المال كله، فمتى أحس بالنقصان انتقل إلى المحاسبة، فحينئذ يتبين له حقيقة الربح والخسران، فإذا أحس بالخسران وتيقنه إستدرك منها ما يستدركه الشريك من شريكه : من الرجوع عليه بما مضى .
وما أحوجنا اليوم إلى المحاسبة، ونحن في زمن كثرت فيه دواعي الشهوات، وتعددت المغريات، وتنوعت الملهيات، فالأمر جد أيها الأخوة الكرام، فلا بد من الحزم والإقدام، وقبل الرحيل وفوات الأوان.
ومما يعين المرء على تلك المحاسبة : معرفته أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح منها غدا إذا صار الحساب إلى غيره، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غدا .
إضافة إلى معرفته أن ربح هذه التجارة سكنى الفردوس، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، وصحبة النبيين والأخيار، وخسارتها: دخول النار والحجاب عن المولى سبحانه، مع من حجب من الأشقياء والفجار.
وفي الختام ندعو الله أن يحفظنا وإياكم من الزيغ واتباع الهوى، وأن يزكي أنفسنا بطاعته، فهو وليها ومولاها، والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.