إمامنا..أمامنا الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة قال الله تعالى: (واجعلنا للمتقين إماماً) قال ابن عباس والحسن والسدي وقتادة والربيع بن أنس: أئمة يقتدى بنا في الخير وقال غيرهم: هداة مهتدين دعاة إلى الخير فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم وأن يكون هداهم متعدياً إلى غيرهم بالنفع وذلك أكثر ثواباً وأحسن مآباً. قال البخاري – رحمه الله – في قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}: أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا . وقال الحسن البصري – رحمه الله –: من استطاع منكم أن يكون إماماً لأهله إماما لحيه إماماً لمن وراء ذلك فإنه ليس شيء يؤخذ عنك إلا كان لك منه نصيب . وعلى هذا فالإمام موظف في أعلى وظيفة من الوظائف الدينية في الأرض. ومن منا لا يتمنى هذا الشرف العظيم (الإمامة في الدين).. إحدى صفات عباد الرحمن التي وعدهم عليها المنازل العالية في الجنة؟. وإذا كان الأئمة الجزائريون يحتفلون بيومهم الوطني المصادف ل 15 سبتمبر من كل عام والذي يتزامن مع الذكرى السنوية لوفاة الشيخ سيدي محمد بلكبير رحمه الله فإنما تنبع أهميّة هذا اليوم في حفظ هيبة الأئمة في صدور العامة وتذكير الإمام بدوره البنّاء في التربية الاجتماعية لأنه أحد أركان التوجيه والإشعاع في المجتمع و منبر الهداية والإرشاد من خلال مجموعة من التدخلات والتي هي أصلا من طبيعة عمله ومسؤوليته تجاه مجتمعه. فوظيفة الإمام من أكثر المسائل الحياتية والمصيرية ليس لمحتواها العقائدى فحسب بل لمعطياتها الفكرية في الحياة الإنسانية فبالإمام يعرف النّاس الخير من الشر والصواب من الخطأ هو معلم وهاد ومرشد وواعظ ورمز للاجتماع والوحدة والألفة. ولذا عليه أن يعيد النظر في شأنه بنفسه في كلّ وقت وحين فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإمامُ قوم وهم له كارهون . رواه الترمذي من حديث أبى أمامة ولذا عليه أن يعلم أنه تحت المجهر.. يراقبه الناس ويرصدون ما يصدر عنه وينشدون القدوة.. والخطأ منه قد لا يغتفر.. ويهدم كل ما يبنيه.. وليعلم الناس أجمعين أن إمامنا أمامنا من حقه علينا أن نرفع أصواتنا معه للعمل من أجل التكفل بمختلف انشغالاته المطروحة في أن يحيا في رخاء ويعيش عيشة تتناسب مع قدره ومنزلته بين الناس ومكانته العلمية وسنوات خبرته في هذا العمل العظيم.. فعلى الإمام أن يكون أشدّ حذراً مما لا يليق بمثله من سلوك أو تصرف بقصد أو بغير قصد. وليتذكّر بأنه إمام يقتدى به ويضع نصب عينيه ذلك.. وليصبر ويحتسب فإنه على خير عظيم وفضل كبير.. فعلى يدي الإمام يتعلّم الجاهل ويستيقظ من أجل مواعظه الغافل ويهتدي به السالك وتسمو بتوجيهاته النفوس وتزكو الضمائر وتتهذب الأخلاق.. ولهذا فالإمامة وهداية الناس لا تنال إلا بالصبر.. فينبغي للإمام أن يتحلى بالصبر واليقين ليستحق شرف الإمامة في موقفه فإن الصبر واليقين يوصلان العبد إلى مرتبة الإمامة في الدين قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ . السجدة:24. ومن عظيم قدر الإمام وخطر موقفه دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - له فقال عليه الصلاة والسلام: الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين . هذا ولو لم يكن من فضل الإمامة ومنزلة الإمام إلا ما ذكرنا لكفى فكيف وفضل الله واسع وما ذكرناه ليس إلا قليلاً عن فضل الإمامة ومنزلة الإمام. ألهمك الله أيها الإمام الرشاد وغفر لي ولك ولك منّي في هذا اليوم وكلّ يوم جزيل الشكر والعرفان والتقدير والاحترام.