لا تزال قضية مصدر المواد الغذائية المستوردة تثير ضجة بالجزائر على غرار الأجبان و الحلويات و الشكولاطة و حتى الأدوية ما إذا كانت منكهة بمادة الجيلاتين الحيواني أو الكحول ، حيث امتدت الشكوك إلى ابسط مركب أو محسن أو ملون في طعام الجزائريين و ما يقتنونه من المعلبات و مختلف المنتجات المعقدة التركيب يجهل غالبية المستهلكين محتواها للتأكد من خلوها من المواد الممنوعة شرعا. يحدث هذا رغم أن الكثير من المواد الغذائية في المساحات التجارية الكبرى تحمل علامة "حلال" سواء المستوردة أو المنتجة في الجزائر، وبدأ المواطن ينجذب إليها ، وهو ما لم نشهده من قبل، حيث كان يستهلك مواد دون الرجوع إلى أصلها أو شريعتها على اعتبار أنه في دولة إسلامية، و أن الحلال والحرام فيها مسألة واضحة ، لكن بعد الشكوك التي أثيرت حول أنواع من المنتجات والطعن في أصلها، أصدرت الحكومة مرسوما يوضح ويضبط "وسم الحلال" على ما يأكله الجزائريون، غير أنه وإلى غاية اليوم يبقى وسم "حلال" علامة تجارية رابحة تحارب الكثير من المخابر الخاصة للاستحواذ على ختمه والسيطرة على السوق ما قد يحوله إلى فتنة الاستهلاك القادمة. و كانت علامة "حلال" قد ظهرت في الجزائر بعد اعتمادها على سياسة الاقتصاد الحر الذي يتركز على الاستراد ، حيث أقرت رسميا مصطلح حلال على المنتجات الغذائية المعنية قبل 5 سنوات فقط ، حين أصدرت الحكومة المرسوم التنفيذي رقم 13-378 المؤرخ في 9 نوفمبر 2013 الذي يحدد الشروط والكيفية المتعلقة بإعلام المستهلك، وجاء في القسم الثاني المتعلق بالبيانات الإلزامية للوسم في المادة 12 المتضمنة المعلومات حول المواد الغذائية منها مصطلح حلال للمواد الغذائية "المعنية"، ولم يقصد جميع المواد، بل فقط المتعلقة بالمصدر كاللحوم ومشتقاتها والمواد التي تدخل في صناعتها مواد محرمة شرعا. غير أن هذا القانون بقي مبتورا بدون آليات لتنفيذه مما جعل الوسم حلال يتخبط بين الحقيقة والشك، وبين الصدق والدعاية والإشهار التجاري، والمبالغة، وأصبح مجرد علامة تجارية يهدف إلى جلب المستهلك فقط بعيدا عن القانون. في الوقت الذي اعتمدت كبرى الدول المصدرة لمختلف المواد إلى وضع علامة حلال لأكبر الماركات لتسيطر على السوق الإسلامية بعد أن عرفت منتجات حلال إقبالا كبيرا في العالم. إلى جانب ذلك فقد طفت في الآونة الأخيرة مسالة ذبح الدواجن وفق الشريعة الإسلامية ، حيث كثر الجدل حول طرق و أساليب ذبحها التي اعتمدت على الصرع الكهربائي و الميكانيكي ما يجعلها مصعوقة أو مقتولة قبل الذبح . هذا و في جولة قمنا بها ببعض المساحات التجارية بوهران و مستغانم تم العثور على منتجات بها وسم حلال كالكاشير و الباتي و أخرى على مشروبات غازية و عصائر و الخل إلى جانب البهارات و الزعفران و المكسرات المغلفة و حتى الشوكولاطة ... و هي مواد مستوردة من مختلف الدول الأوروبية و الأسيوية. و لتسليط الضوء على هذه القضية كان لنا لقاء مع الدكتور عياط محمد صاحب مخبر التحاليل النوعية بوهران ، والذي خص "الجمهورية" بحوار تحدث بالتفصيل عن حيثيات الموضوع وكذا عن أمور أخرى قد يجهلها المواطن ولا يلقي لها بال وهي في نفس الوقت تعد خطيرة وعظيمة سواء على عقيدته أو صحته و تتلخص على الإطلاق في المواد الغذائية المستوردة من الخارج والتي يجهل مصدرها ومكوناتها في غياب جهات بالجزائر تتولى مراقبة هذه المأكولات لدى ولوجها إلى البلاد عبر الموانئ.