تلمسان: السيد مراد يشدد على ضرورة رفع مستوى اليقظة لحماية الثروة الغابية من الحرائق    ال5 جويلية62 بداية لمسيرة بناء الدولة الجزائرية الحرة المنتصرة    يشارك في أشغال البرلمان الإفريقي بجنوب إفريقيا    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    التصريح ب" المستفيد الحقيقي" خط الدفاع الأول لحماية الوطن    إحياء اليوم العالمي للسكان 2025    موجة حر على العديد من ولايات الوطن    أمر بزيارات ميدانية تفقدية عبر الولايات السياحية    العرض الأولي لفيلم "دنيا" بالجزائر العاصمة    المهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي بسيدي بلعباس: تواصل السهرات مع إقبال جماهيري غفير    تهديدات سيبرانية تستهدف الأمن المعلوماتي وسلامة السياح    نطمح لاستقطاب 4 ملايين سائح نهاية 2025    الجزائر فاعل إقليمي ودولي في ملف الهجرة    استشهاد 76 فلسطينيا في غارات للاحتلال على قطاع غزّة    رفح.. بوابة الجحيم القادمة؟    الاستثمارات في الصحراء الغربية تدعم انتهاك المغرب للقانون الدولي    إطلاق ماستر مزدوج في علوم التمور بين جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا وجامعة نواكشوط    الأولوية لتعزيز الترابط مع شباب الجالية    مدّاحي تفتتح الصالون الدولي    تتويج المولودية    وفد "الكاف" ينهي تفتيش مرافق البلدان المستضيفة    مساع حثيثة لتطوير الزراعات الزيتية وتجربة أولى لإنتاج "الصوجا"    تخرج 38 مقتصدا ونائب مقتصد بقطاع التربية    50 شهيدا وعشرات الجرحى في غارات إسرائيلية.. العالم يصرخ أوقفوا الإبادة في غزة    مشروعي إنشاء منصة رقمية للتحكم في المياه الجوفية ببسكرة    لجنة تفتيش من الداخلية بوهران    المنتخبون ينتفضون لتغيير الوضع القائم    حلول مستعجلة لمشاكل النقل والمياه    المدرب البوسني روسمير سفيكو يلتحق بشباب قسنطينة    موكوينا لقيادة العارضة الفنية ل"العميد"    ملتقى فكري حول مسرحية الممثل الواحد في نوفمبر    توثيق وإعلام لحفظ ذاكرة الملحون    سهرة ثالثة تنبض بالبهجة    مشروع استراتيجي لتعزيز الاقتصاد الوطني    اختتام المرحلة النهائية بوهران    هذا موعد السوبر    لاناب تكرّم ياسمينة سلام    المسابقة الوطنية الكبرى للقفز على الحواجز نجمتين وثلاث نجوم من 16 إلى 19 يوليو بوهران    كأس إفريقيا للأمم للريغبي 2025: انهزام المنتخب الجزائري أمام ناميبيا (7-21)    قطاع السياحة يستهدف استقطاب 4 ملايين سائح مع نهاية 2025    برنامج ثري لتنشيط الأسبوع الثقافي لولاية المغير في إطار مهرجان الفنون والثقافات الشعبية بوهران    منصات رقمية مبتكرة تفتح آفاقا واعدة للسياحة في الجزائر    المغرب: أرباح فاحشة لشركات المحروقات على حساب اقتصاد البلاد ومصالح المواطنين    تقديم العرض الأولي لفيلم "دنيا" بالجزائر العاصمة    موسم الاصطياف: وصول 80 طفلا من أبناء الجالية الوطنية بالخارج إلى عين تموشنت    الجمارك تمثل خط الدفاع الأول في حماية الاقتصاد الوطني    روسيا : لافروف يجتمع مع زعيم كوريا الشمالية ويشيد بعلاقة "أخوة لا تُقهر"    طُلب مني أن أغيّر موقفي من قضية الصحراء الغربية    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    موسم حج 1446 ه : بلمهدي يشيد بالأداء الجماعي للقطاعات المشاركة    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح الفردي أو مسرح الممثل الواحد أو ماذا بالضبط؟؟ (2)
نشر في الجمهورية يوم 07 - 08 - 2018

تعني كلمة المونولوج كلام الشخص الواحد وهي منحوتة من الكلمتين اليونانييتين Mono بمعنى واحد، و logos التي تعني الكلام، وذلك قياسا على dia-logos التي تعني الكلام بين شخصيتين، أي الحوار، وتوجد في مصطلحات المسرحية كلمة أخرى تقترب منها من المونولوغ هي كلمة مخاطبة الذات Soliloque وهي مأخوذة من اللاتينية Soliloquium وأصلها من Solisومعناها وحيد، وLoqui بمعنى يتكلم.
في الرواية يطلق على المونولوغ إسم المونولوغ الداخلي لأنه تعبير بصيغة أنا المتكلم عماّ تعيشه الشخصية من أحداث وما تشعر به من أحاسيس، تستخدم كلمة مونولوغ في اللغة العربية بلفظها الأجنبي، وأحيانا تترجم إلى المناجات أو النجوى، يعود تقليد المونولوغ إلى المسرح اليوناني والروماني، وقد استمر في عصر النهضة حيث أفرز نوعا مستقبلا هو المونولوغ الدرامي.
يعود تاريخ المونولوغ الدرامي كنوع مضحك في القرون الوسطى في القرن الثالث عشر ومرجعه للممثلون الجوالون ضمن الاحتفالات والكرنفالات وقد أطلقت عليه بداية تسمية الواعظ المرحة-Sermon joyeux.
في تطور لاحق صار المونولوغ الدرامي يشكل نوعا من الاستهلال لمسرحيات أطول أو يأتي على شكل فواصل تتخلل المسرحيات الجدية وهو يتألف من مشهد قصير يلعبه ممثل واحد يؤدى من خلال تغيير نبرة الصوت عدة شخصيات تتحاور فيما بينها، ثم دخلت عليه شخصية ثانية يكون لتدخلها في الكلام وقطعها لخطاب الشخصية الرئيسية تأثير مضحك، ويفترض أنّ الجمهور كان يحب هذا النوع من العروض ويتفاعل معه لأنّ بعض النصوص تشير إلى مداخلات المتفرجين كما هو الحال في النص الفرنسي*رامي السهام-Le franc archer de bagnolet*(1468).
في القرن السادس عشر وبتأثير من الحركة الإنسانية التي نادت بالعودة إلى المسرح اليوناني والروماني اقتصر تقديم المونولوغ الدرامي على مسارح الأسواق، مع قرارات التي صدرت في سنة 1707 بمنع الممثلين الشعبيين من الغناء والكلام على الخشبة، كان المونولوغ الدرامي النوع الوحيد المسموح به، مما يبرّر انتشاره في تلك الفترة، في يومنا هذا تعتبر عروض الشانسونية امتدادا للمونولوغ الدرامي.
أصل المونولوج هو "الآريا" الموجودة في الأوبرا الإيطالية، حيث يقف البطل بين حدثين من أحداث الأوبرا، ليطلق العنان لعواطفه ويشكو لواعج قلبه في وقفة وجدانية مسرحية تأملية، يروي فيها واقعه ويعرب عن مشاعره، وهي تتميز بأن الكلام سردي وصفي وجداني في العموم، عربيا ارتبط المونولوج في البداية مع الأغنية الكوميدية، اشتهر بها كل من (ثريا حلمي) و(إسماعيل يس) و(محمود شكوكو)، بل وقد ظهر قبل ذلك بكثير في سنة 1815 بشكله الغنائي.
كان الإقبال على الفقرات يقدمها منذ الأربعينيات والخمسينيات في مصر وسوريا ولبنان ممثلون أطلق عليهم إسم مونولوجيست، يعتبر المصري (يوسف وهبي) أوّل من قدم المونولوجات الدرامية المغناة على الطريقة الأوروبية، كذلك كانت مونولوجات (الشيخ حامد مرسي) تلقى بين فصول مسرحيات جورج الأبيض، في فترة لاحقة ظهرت أسماء جديدة مثل اللبناني (عمر الزعني) الذي اشتهر بالمونولوج ذي الطابع السياسي والسوريين (سلامة الأغواني) و(أحمد أيوب) اللّذين اشتهروا بالمونولوج الاجتماعي، في حين عرف المصريان (أحمد غانم) و(لبلبة)، واللبنانيان (فريال كريم) و(فيلمون وهبة) بأسلوبهم الهزلي* بالإضافة إلى النجم (ماجد القلعي).
في الجزائر المونولوج رافق الأزمة الاقتصادية بالفعل والتي كانت لها انعكاساتها الاجتماعية المختلفة، فبدأ جيل جديد يتخلى عن المسرح الملتزم وولج إلى عالم مختلف يصور الواقع المعاش بسخرية وبطريقة كوميدية تمكنت من جذب الكثير من المتابعين، ثم ما لبث وأن تطور وخرج من الإطار المسرحي وقدم لنا الوان مان شو، ولو أننا في الجزائر لا نعرف استخدام كلمة (شو) بمعنى الفرجة في محلها.
يعتبر (محمد فلاڤ) ، هو المان شو الأوّل في الجزائر حسب العديد من المتابعين، لأنّه كسر البنية الدرامية وجمع عدد من الحكايات - أحيانا ارتجالية - وصنع منها الفرجة الحقيقية، ليأتي بعده مجموعة هائلة ممن حاولوا تقليد هذا الأخير أو السير على نمطه من أمثال (عبد القادر الساكتور) وغيره ممن أفرزتهم حصة (قهوة القوسطو) والمحاولات التحكيمية التي أخذت على عاتقها تخريج فنانين شباب يمكن أن يصبحوا في المستقبل أبطال هذا اللّون المسرحي، لكن الأمور أخذت منعرجات خطيرة، لأنّه من المفروض أن هذا اللّون يتأتى بعد تجربة طويلة من الممارسة الركحية، بالإضافة إلى أنّ جلّ هذه الأعمال تفتقد للترابط بين الأحداث والقصص.
ومن هذا نستطيع الحديث عن مسرح المقهى(كافي تياتر) الذي ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين، مع الاختلاف التام، فهو فن مؤسس يعتمد على الممثل الواحد ولا يتجاوز الممثلين مع الاستغناء التام أو الجزئي عن الديكور، إن الممثل في مسرح المقهى يعرض على الجمهور قصصا أو قصة واحدة، دون أن يكلف نفسه عناء التشخيص التام وتقمص الشخصيات تقمصا كاملا، ومع ذلك يحس الجمهور بمتعة العرض، فالعلاقة بين الممثل والجمهور علاقة تواطؤ، إذ ينتظر المتفرج متعة وفرجة والممثل يلبي له الطلب في حلة ترضي الجميع، وهي الطرح الكوميدي التهكمي، فالضحك محل اتفاق الجميع.
كان الكاتب الدرامي (عبد القادر علولة) يستعين بمشاهد مونودرامية في ثنايا بعض مسرحياته، تشبه إلى حد بعيد البناء الدرامي لمسرح المقهى، حيث يتجلى لنا هذا في اللوحة الأخيرة من مسرحية *الأجواد* مع جلول الفهايمي، فهو مشهد يمكن الاستغناء فيه تماما عن الممثلين المساعدين معى الحفاظ على الممثل الواحد*، حين يكون المؤدي (سيراط بومدين) ذو الموهبة العبقرية والقدرة الهائلة على الارتجال.
يعتبر الوان مان شو كاريزما قبل كل شيء، هو رؤية شخصية قبل نص معين، وهي تفوق الموهبة، بل تتعدى إلى بنية الشخصية في حد ذاتها، وهذا ما يفتقده معظم هؤلاء الشباب.
أما الشكل الأخير وهو الستاند آب، فله تاريخ طويل أيضا، على الرغم من أننا نشعر بغرابة الكلمة وحداثتها على المشهد المسرحي الجزائري، ومع ذلك فقد بدأ في صالات "الميوزيك هول" ببريطانيا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وهناك مؤدون اشتهروا جداً خلال القرن العشرين مثل (ماكس ميللر)، الذي يعتبر مثالاً نموذجياً لكن الرقابة كانت كفيلة بإحباط الكثير من المحاولات.
شهد هذا الفن عربيا رواجا كبيرا بعد الثورة المصرية لاسيما ووجود قنوات البث التي لا تخضع للرقابة وعلى رأسها اليوتيوب، كذلك رواج الحصص الفكاهية التي تستقبل أصحاب هذه المواهب، حتى الفضاءات الموازية مثل المقاهي والحانات التي فتحت أبوابها كذلك لهذا النوع.
إن استخدام التمثيل الفردي في الجزائر كمصطلح هو استخدام خاطئ ففي أحيان كثير يسمى مونولوج فالمونولوج هو جزء من المسرحية، وليس نصا مستقلاً، ولكن لا أحد انتبه لذلك، ولا أحد حاول تصحيح هذه الفكرة، وبالتالي شاع هذا الاستخدام، من دون أن يتدخل أحد، في حين يمكن أن نسمي كل العروض التي قدمت بالوان مان شو.
في ذات السياق اعترف أن الجانب الأكاديمي هو الذي يجب عليه أن يوضح ذلك: لقد تكرس مفهوم المونولوج على العرض الأحادي الذي كان بإمكانه أن يأخذ اسم الوان مان شو، لكن للأسف تكرس هذا بشكل عميق في المشهد المسرحي، ولم يعد هناك أمل في تصحيح الخطأ، وهذا خطأ الأكاديميين والإعلاميين الذين لم يسعوا لتصحيح ذلك ومن بينهم المتحدث، رغم ذلك لا ننكر جهود كوكبة من الفاعلين في مجال النقد المسرحي، سواء من الباحثين الجامعيين أو الاعلاميين، أو ممن يتابعون الفعل المسرحي من خلال أسهاماتهم النقدية على صفحات الجرائد.
إن هذه الكوكبة من النقاد تسعى للتأسيس لحركة النقد المسرحي بالجزائر بما أوتيت من إمكانات، إلا أنها تبقى بعيدة عن هذه التطلعات المتمثلة في محاولات سد الفجوة على المستوى الكمي على الأقل، دون التطرق للمستوى العلمي لهذه الدراسات النقدية ومدى مسايرتها لواقع الفعل المسرحي بالجزائر، وذلك راجع بالأساس إلى ما بين قوسين (الحركة المسرحية في حد ذاتها) فالنقد المسرحي لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن ينفصل عن الحركة المسرحية، بل على العكس من ذلك تماما، فهو مرتبط عضويا بها، كلّما ترقت نلمس تطورا وانتعاشا على مستوى الحركة النقدية، والتي بدورها تؤثر ايجابيا على الحركة المسرحية، بذلك تكون العلاقة القائمة بينهما علاقة تناسب.
تقتضي التقاليد المسرحية أن يتساير النقد والعرض بدءا من العرض العام (la générale) وهو العرض الذي يلي العرض التحضيري (la courtiére)، علما أن جمهور العرض العام هم بالتحديد النقاد المتخصصون والصحفيون، لكن قد يطول حضور النقاد لمشاهدة عدة عروض بعد العرض الأول (la premiére) وهو العرض الذي يلي مباشرة العرض العام.
يشرح النقد الدرامي العرض دون محاكمة، يقدم للجمهور كما يقدم لطاقم العمل الفني، يزيل الشوائب (...) يقدم بعض النقاط الصحيحة والخاطئة للعمل بما في ذلك الفعل السينوغرافي، ذلك أن النقد فن متطور ومتجدد، ومتلازم مع العملية الإبداعية ولكن لا تقع مسؤولية هشاشتة على عاتق النقاد فقط، فالنقد جزء من الحركة المسرحية وازدهاره يتأتى من ازدهارها، فهو لم يكن ظاهرة منفصلة أو مستقلة بذاتها ولذاتها، بهذا لا يستقيم الحديث عن النقد بمعزل عن المناخ الثقافي والفني.
لقد عرف مسرح الممثل الواحد انتعاشا ملحوظا منذ أواسط السبعينيات، وأصبح يحضى بتشجيع المسؤولين على المسرح لأسباب اقتصادية بصفة خاصة، فالفرقة التي تملك ممثلين كثيرين تكلف المسؤولين نفقات مادية ضخمة، في حين الفرقة التي لا تتوفر إلا على ممثل واحد يقوم بكل الأدوار في المسرحية لا تكلف إلا جزءا ضئيلا من النفقات، وهذا ما يفسر التجاء بعض المبدعين على الاستمرار في تقديم مسرحيات بممثل واحد وتجولهم عبر المدن والدول أيضا.
ثم جاء الوان مان شو الذي لا يحتاج إلى سينوغرافيا كبيرة، ولا يطالب بنفقات النقل من أجل العروض، بل في الغالب يكون البطل برفقة تقني فقط.
كذلك هناك الجانب البراغماتي، والأناني في الموضوع، لأن البطل الواحد هذا صار لديه ما يكفي من نرجسية حتى لا يسمح لأحد بمشاركته النجاح والشهرة، وكذلك المورد المالي الذي يذهب له فقط، ومن هذا الباب ظهرت أسماء كثيرة في الوان مان شو، ساهمت التلفزة من جهتها في الرواج الكبير لها، ما جعل الجميع يتجه إلى هذا النوع.. كذلك بعض المهرجانات أصبحت تهتم وتستقطب هذا النوع من الفرجة .
أعتقد أن فكرة الممثل الواحد لم تستغل بشكل جيد، ولم تعرف الاستمرارية.. بل بقي الجميع يجترون أعمالهم السابقة في كل المناسبات ولا يحاولون العمل من جديد على نص آخر وأفكار أخرى، من المؤكد أنّ تاريخ نظرية الدراما وأصولها انتهت بنا أن معالجة المشتغل بالحقل المسرحي لمادته تقررها الأفكار السائدة في الزمان الذي يعيش في المسرحي كما تقررها البيئة، هذه الأفكار ليست إلا عملية مطولة من التطور الثقافي...فأساليب الفكر الموروثة تتعرض لتغير مستمر وتطور دائم وتكون انعكاسا لتطور القوى الاقتصادية والعلاقات الطبقية، والشكل الذي يستخدمه المسرحي هو أيضا حصيلة تطور تاريخي.
ولأنّ الظروف تغيرت نوعا ما نلاحظ تراجع اضطراري لعرض الممثل الواحد لأن الدولة صارت تدعم الأعمال المسرحية، وبالتالي خلقت توجها جديا للأعمال الكبيرة، التي تهتم بالسينوغرافيا وبالممثلين، وزالت كل تلك الصعوبات التي كانت من قبل في جانبها المادي خاصة، ولكن بقيت بعض الأصوات التي تشبعت بهذا الفن وترفض العمل الجماعي على غرار العمري كعوان، بالإضافة إلى حكيم دكار الذي عاد مؤخرا بالعنوان والعمل نفسه *خباط كراعو* وغيرهم ممن لديهم الوفاء لهذا الشكل المسرحي.
يتطلب العمل المسرحي ذو الأداء الفردي قدرات وطاقات أكبر من أداء دور ما في مسرحية معينة، لكن الجيل الجديد للأسف يستسهل الأمور، ويرى بأنّه قادر على القيام بذلك، والنتيجة أعمال سيئة لا ترضي ذوق الجمهور، فلأمر يتطلب نصا دقيقا واضح المعالم، والوان مان شو هو أصعب هذه الأشكال لأنه يتطلب ارتجال جبار ولأن الجمهور طرف فيه، ونحن نعرف أنّ الجمهور الجزائري صعب جدا ولا يضحك بسهولة، كما يتطلب أمورا تقنية معينة مثل الموسيقى والإضاءة.. والأداء أنا شخصيا (الباحث والممارس) احترم الجمهور وأعرف جيدا أنه متطلب لذا لا يمكنني المخاطرة، ولهذا لديا عمل واحد فقط فيما يخص هذا النوع من المسرح، بالإضافة إلى المسؤولية الأكاديمية التي تحتم عليك انتقاء الأعمال.
تعتبر كذلك المسألة مادية، وتدر أموالا لا يشارك المونولوجيست فيها أحد، وبالتالي هي نوع من أنواع الربح السريع على حساب القيمة الفنية، ورغم ذلك أنا أؤمن بالجيل الجديد، لذا * الوان مان شو * هو بالأساس كاريزما شخصية ومسار شخصي.. أحيانا أتأسف على هذا الجيل الذي يبدأ لينتهي، كم هم الشباب الذين مثلوا دورا واحدا ثم اختفوا نتيجة صراعات ما.. عكس الجيل السابق الذي كان يملك مصداقية.. وكانت الجزائر رائدة بالفعل في الكوميديا على كافة أشكال والألوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.