70 بالمائة من مواضيع الأهازيج حول الكفاح المسلح و30 بالمائة دينية واحتفالية ألقى صباح أمس د. عمار يزلي أستاذ علم الاجتماع بجامعة وهران، محاضرة متبوعة بنقاش في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (كراسك) وهران، هذه المداخلة التي استعرض فيها بإسهاب إلى الأهازيج النسوية بولاية تلمسان، ضمن مشروع بحث في مجال التراث النسوي اللامادي بمنطقة وهران. كانت فرصة ليتطرق فيها عمار يزلي الصحفي السابق في جريدة «الجمهورية»، إلى كتابه «ثورة النسا.. أهازيج عن الثورة الجزائرية»، حيث أكد بأن النساء مثلهن مثل الرجال، شاركن في الثورة التحريرية، عن طريق الأهازيج النسوية، وأضاف نفس المتحدث في الندوة التي أدارتها الباحثة في «كراسك وهران» دادوة حضرية نبية، وبحضور بعض الباحثين في المركز، بأن هذا البحث الذي شارك به في شهادة «الماجيستير» بتلمسان، ركز بالتحديد على منطقة ترارة التي تمتد حتى مدينة وجدة المغربية، مبرزا أن ما ساعده على إنجاز هذا العمل الأكاديمي هو، العمل الصحفي الذي كان يمارسه في الماضي، ما سمح له بجمع الكثير من الأهازيج، والتي قدرها ب200 أهزوجة عن الثورة الجزائرية في المنطقة، وكشف عمار يزلي في محاضرته، أن 70 بالمئة من مواضيع هذه الأهازيج كانت حول الكفاح المسلح للمجاهدين، فيما شكل 30 بالمئة الباقية أهازيج دينية واحتفالية، على غرار المولد النبوي الشريف، عاشوراء، محرم، وحتى الختان والحفلات الزفاف، دون أن ننسى العمل في البراري والمزارع والحقول، مشيرا إلى أن طبيعتها كانت عبارة عن أغنية الصف المنتشرة حتى حدود منطقة «بوسمغون» و«أربوات» بالبيض، موضحا أنها موجودة بكثرة لدى قبائل «الشلوح» البربرية، في حين أن أهالي الحضر ببعض المناطق بتلمسان لا يغنونها ولكن يتابعونها ويعجبون بفنها وطريقة تأديتها، وأنها امتداد لأغنية « أحيدوس»، حيث كان يغنيها الرجال والنساء مع بعض، ولكن مع دخول الإسلام إلى المغرب العربي، طوّعها وهذّبها وأصبحت أغنية الصف التي تغنى بصفين، وتقودها «الزراعة» التي تقول وتحفظ الشعر وغالبا ما يكون الأمر عفويا، معها المرددات، اللواتي يرددن معها هذه الأبيات والقصائد الشعرية الشفهية، حيث النساء لا يرقصن ولكن يقتصر فقط على الرجال، في وسطهن بالعصي أو البنادق، بشرط أن تكون في وسطهن واحدة من محارم هؤلاء الرجال، وكشف نفس المتدخل في هذا المحاضرة، أن هذا النوع الفني الأمازيغي بامتياز، بالرغم من أن منطقة ‘'ترارة'' أمازيغية تعربت بالكامل، حيث حدث ما يشبه العجينة الثقافية، التي اختلطت فيها جميع الامتدادات والهجرات وحتى الغزوات، لمختلف الحضارات، الفينيقية والرومانية والإسلامية والعربية، لقبائل بني هلال وغيرها من القبائل العربية الأخرى، ما عدا بعض الجيوب على غرار بني سنوس والزوية.. إلخ الذين يعرفون «الشلحة» لكنهم يتحدثون بلكنة عربية وغيرها من المعلومات المستفيضة والقيمة، التي تطرق إليها نفس المحاضر. ومن هنا تكمن أهمية هذه الدراسة التي وإن جاءت محددة فهي تناولت جوانب سوسيولوجية وأنثروبولوجية مهمة جدا في المجتمع الجزائري على وجه العموم، نحن في حاجة إلى الإطلاع عليها، لأن النسيان يهددها في كل حين مع سيطرة الشفوية على الوضع.