قطاع المجاهدين "حريص على استكمال تحيين مختلف نصوصه القانونية والتنظيمية"    انخفاض عبور سفن الحاويات في البحر الأحمر بأكثر من 50 بالمئة خلال الثلاثي الأول من 2024    إيران: سماع دوي انفجارات في محافظة أصفهان    إندونيسيا: إعلان حالة التأهب تحسبا لمزيد من الثورات البركانية    الفائض التجاري للسلع والخدمات في الصين يتجاوز 60 مليار دولار    ليفربول يرفض انتقال المصري محمد صلاح للبطولة السعودية    إيطاليا تضمن 5 مقاعد في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل    بلعريبي: "عدل 3 سينطلق قريباً وسيساهم في رفع عدد السكنات"    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    وزارة الثقافة تقدم ملف الزليج لإدراجه في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لدى اليونسكو بإسم الجزائر    تفاصيل بطاقة الشفاء الافتراضية    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 323 آخرين في حوادث المرور خلال أسبوع    رخروخ: زيادة حظيرة المركبات تفرض استعمال تقنية الخرسانة الاسمنتية في إنجاز الطرق    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    فلسطين: 50 ألف مصلي يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    حماس تدين إستخدام الولايات المتحدة "الفيتو" ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية: إحتراف نادي الأبيار التحدي الجديد للإدارة    كرة اليد/بطولة إفريقيا للأندية: حفل إفتتاح بهيج، بألوان سطع بريقها بوهران    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    باتنة: إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    وزير الاتصال : منع دخول الصحفي فريد عليلات الى الجزائر لا يتعلق به كمواطن بل كمبعوث للوسيلة الاعلامية التي يشتغل فيها    بلمهدي يبرز أهمية التوجه نحو البعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية    الانتهاء من إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    وزارة الدفاع: إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار و توقيف 10 عناصر دعم خلال أسبوع    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    الجزائر ترافع لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    توقعات بمستوى عال ومشاركة جزائرية مشرفة    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جميلة بوحيرد، الجائزة الوحيدة غير المزيفة.!
ربيعيات
نشر في الجمهورية يوم 22 - 04 - 2019

سمعتُ بأن جميلة بوحيرد ستنزل هذا اليوم أيضا إلى الشارع لتشارك في الحراك.! أخبر "نزيم" ذو التسعطاش سنة صديقه وجاره "إلياس" وهما يقفان عند مدخل النفق الشهير المؤدي إلى ساحة موريس أودان، المغلق هذا الأسبوع التاسع من الحراك.
- هذا غير مستبعد. كم أحببتها منذ أن رأيتها أثناء تلك الجمعة على الرغم من أنني كنت أظن أنها شهيدة الثورة و قد قضت منذ سنوات خلت. وسط هتاف الجموع للحرية والخلاص والديمقراطية والعدل، في الطرف الآخر من النفق المغلق من جهة ساحة أودان، تناهى صوت الفتاة لينا إلى سمع صديقتها زهية:
-أتعلمين يا زهية.. قيل إن جميلة بوحيرد ستكون في الشارع معنا، وستحضر المسيرة هذا اليوم أيضا. أريد أن ألتقي بها هذه المرة وأسمعها وأشاهدها عن قرب. بي لهفة لرؤيتها. تعالي لنسأل ونبحث ونسير نحو مكان تواجدها الآن. واووو ..كم سيكون ذلك رائعا يا لينا 00شحال نبغي نشوفها مرة تانية!. تجيب زهية بحرارة وكأنها تتحدث عن فرد عزيز من عائلتها.. في تلك الأثناء، بينما كانت لينا وزهية تشقان طريقهما وسط الجموع الهاتفة، كانت جميلة بوحيرد تقف وسط المتظاهرين الشباب بوجهها الصبوح وابتسامتها الساحرة وحضورها الوقور، تحدثهم بحرارتها المعهودة، بينما الجميع ينصت بنهم واهتمام إلى كلماتها القليلة الموزونة. جميلة ليست ثرثارة. لكنك وأنت تستمع إليها، يبدو لك أنها من فصيلة البشر النادر وجودهم فوق الأرض و في هذا الزمن، الذين يتحدثون بلغة القلب والجوانية العميقة، فتدرك لماذا تصل ذبذبات أصواتهم مباشرة إلى أعماقك، وإلى أعماق من ينصت إليهم. جميلة من فصيلة هؤلاء، لا تأتي بكلماتها من خارجها، لا تستلفها مؤقتا من فيلسوف كبير، أو منظر ألماني، أو يوناني، أو فرنسي، أو روسي، أو أمريكي شهير، فترتديها مثل ثوب تنكري للمناسبة. لا أبدا.. جميلة بوحيرد لا تقتني كلماتها من الدكاكين السياسوية، والحزبية، والعقائدية، والجهوياتية، وغيرها من التوصيفات التي فرّخت، وما فتئت تفرخ في البلاد. بل إن كلمات جميلة، تبدو مثلها واضحة، وممتلئة، وسخية مثل قطرة مطر، أو غابة عذراء لم تفسد نقاءها بعد الآلات المبتكرة الحادة القاطعة لأشجارها العتيقة، أو المجتثة لها من جذورها. كلماتها تشبهها، كرنة صوتها الدافئ القادم من عمق ثورة التحرير، الحامل لنبض الشهداء الأبرار، وحلمهم الجميل في جزائر حرة، كبيرة بين الأمم ،عالية الراية، هنية العيش، سعيدة حياة مواطنيها.
- صحيح ..على الرغم من تباعد الأجيال إلا أن لها تأثيرا على جميع من ينصت إليها خلال أحاديثها المقتضبة. ربما لأنها ظلت تشبه منطق الثورة التحريرية، وفية له ولشهدائه الطيبين، واضحا وجليا، غير منافق ولا مداهن ولا مقايض. لم تتدرب مثل الكثيرين على عمليات الحساب التي يفرضها نزق السلطة، و حس المصلحة. عمليات حسابية جد حساسة وعويصة، في ربح الفرد وخسارة الجماعة
. ما رأيك يا لينا.. رائع لو تطرح فكرة اقتراح ترشيح جميلة بوحيرد لجائزة نوبل للسلام.. أليس كذلك؟ بلى يا زهية ..طبعا رائعة على الرغم من أنها تبدو مستحيلة! مستحيلة يا زهية لأن الجوائز مهما كانت فإنها غير بريئة تماما، ثم من المستحيل أن جهة ما قادرة على اقتراح ترشيح اسم جميلة أو تدعيمها، لأنها ليست طرفا من ذلك العالم المنافق. جميلة بوحيرد على الرغم من الصمت المضروبة خيامه حولها منذ سنوات طويلة جدا، إلا أنها لم تضع أسلحتها. لم تستسلم. لم تستطع السلطة بأجنحتها المتعددة أن تستعملها، أو تستخدم وهجها لصالحها ولصالح مصالحها، ولَم يستطع أحد من الخارج أن يستغل بريقها. جميلة لم تهنأ بحضورها بلاتوهات التلفزيونات، ولا كاميراتها، ولا صفحات الجرائد، ولا الإذاعات، كأنها كانت تفضل أن تُنسى، على أن تكون قطعة من القصر الكرتوني الذي يتهاوى الآن أمام أعين أرواح الشهداء في علياء سمواتهم. يبدو لي يا زهية أن جميلة بطبعها الثوري العنيد ذاك، إذا ما خيّرت فإنها سترفض كل الجوائز لأنها أرفع منها، ولأنها تدرك بسليقة الثائرة التي تسكنها والتي لم تضيع منها قدر أنملة، أن الجوائز الحالية لا ترفع الوضيع الذليل، ولا تغني الفقير الجشع. لا محالة فستسخر جميلة بوحيرد من الجوائز السلطوية، ومن مِنَح الأنظمة الجائرة، لأن جميلة، ببساطة وعمق، وبشهامة الثوار، هي نفسها الجائزة الكبرى لشعب عظيم، ألهم العالم بثوراته المختلفة، وبصبره وبشجاعته ورغبته في الانعتاق. جميلة نفسها جائزة شعب وتاريخ نضالي طويل وعسير، فهل تحتاج الجائزة الكبرى إلى جائزة صغيرة، مهما كان يظن الصغار أنها كبيرة.؟! غير بعيد عن لينا وزهية وعن نزيم وإلياس، كانت المناضلة جميلة بوحيرد، محاطة بأفواج من المتظاهرين في الجمعة التاسعة ، أغلبيتهم من الشباب، كانوا يشرئبون بأعناقهم وأبصارهم وأرواحهم نحو سحرها. كانت توصيهم خيرا بالثورة وبالنساء و بالحرية و العدالة و الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.