تكالبت و ما تزال ، الأصوات و النزعات الآتية من وراء الضفة الأخرى، حول الشأن الداخلي للجزائر ، كلما تسجل فيها طفرة نوعية في تجسيد الديمقراطية و تكريس السيادة الشعبية... دول أجنبية جبلت على فطرية العداء للجزائر، و لا يغمض لها جفن إلاّ و هي تترقب كل اسوإ و نبإ مقلق من بلد المليون و نصف مليون شهيد(...) الشعب بكل أطيافه، و إن اختلفوا في الحساسيات السياسية مندد وما انفك يشجب أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، لأنها بكل بساطة ثقافة تسري في عروق الجزائريين مجرى الدم في الأوداج... إن أي مشروع وطني مهما بلغت درجته في الهرم السياسي لبلادنا ، ناجح لا محالة بوقوف الشعب الجزائري في ندية، و جبهة موحدة ضد كل المحاولات اليائسة سلفا لأي برلمان في العالم، يرغب أو يريد حشر انفه في قضايا الوطن و الأمة الجزائريين. دبلوماسيتنا المبنية على مبادئ حسن الجوار والتضامن مع الشعوب و نصرة القضايا العادلة، جعلت في فلسفتها، العميقة احترام إرادة الشعوب ، كمسلمة من ثورة نوفمبر المجيدة ، تبنت وهي تحارب الاستدمار البغيض، سياسة حرية القرار الداخلي للبلاد، فلا غرابة أن تلتحف الجزائر ما بعد الاستقلال والى اليوم بدرع الدفاع عن المسائل الجزائرية الجزائرية بإقصاء كل مقترح آتٍ من وراء البحار، لان سمه أعمق من دسمه (...) وما صب الزيت على النار وخلط الأوراق إلا خدمة لمصالح أجندات خارجية ، لم تهضم لحد الساعة ، ان الجزائر إفتكت سيادتها بلغة السلاح والنار، وليس بالمساومة والخداع ... نعم إن القرارات السياسية الجريئة لبلادنا إزاء القضايا المصيرية في العالم، وثباتها على مبادئ سياستها الخارجية لم يرق لمتذوقي الاصطياد في البرك العكرة، لانهم يريدون الدوس و الرفس على كرامة الانسان وحقوقه... وهذا ما لم ترده الجزائر قط في قاموسها السياسي، لانها بلد يعرف ماهية الكرامة، وبعدها الانساني ... لقد اكد رئيس الدولة، وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي على رفض الجزائر القاطع لكل تدخل اجنبي في شؤونها، وإن حلولها لكل كبيرة و صغيرة لا تكون إلا بصمة وطنية صرفة، مهما تطاولت ألسنة أعداء الأمس... الذين هم اعداء اليوم بلا منازع. فلا مراء، في سخافات ونذلات أوروبا، فحينما تتفوه القارة العجوز، فانها تنطق بالحماقات دون سواها.