رغم أن انتشار وباء كورونا بالجزائر ذو انعكاسات سلبية على صحة و حياة المواطنون قياسا بخطورته إلا انه و بطريقة غير مباشرة و طواعية غير المواطنون من سلوكاتهم و ثقافتهم الاستهلاكية التي كانت قبل ذلك تتسم بالفوضى و سوء التنظيم و اللامبالاة حيث كان لا بد من التهديد و الخوف حتى يدخل المستهلكون في الصف و يلتزموا بمختلف القواعد الصحية و السلامة حماية لأرواحهم من خطر فيروس كورونا الفتاك. و تعد ولاية مستغانم عينة حول تغير تصرفات سكانها خلال الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد. ذلك أن الجميع التزم بالبقاء في منازلهم استجابة لنداءات المختصين في الصحة و السلطات و هو ما يفسر فراغ الشوارع و الطرقات و الساحات العمومية من زوارها حتى خيل للبعض أن المدينة تسكنها الأشباح فلا يرى إلا حركة قليلة لبعض المارة الذين يخرجون من بيوتهم سواء للذهاب إلى أعمالهم أو لاقتناء حاجياتهم من المتاجر القليلة التي تفتح بوميا و اغلبها التي تختص في نشاط بيع المواد الغذائية أو المخابز أو الخضر و الفواكه. في الوقت الذي غابت فيه التجمعات و اللقاءات ما بين الشباب و اختفاء صور لعب الأطفال مع بعضهم البعض. لافتات بالمحلات تدعو لتجنب لمس المواد الغذائية من جانبهم، التزم العديد من التجار بمعايير السلامة الضرورية تجنبا للعدوى، حيث وضعوا القفازات على أياديهم و منهم من استعمل المطهر لغسل النقود وآخرين وضعوا لافتات أمام سلات الخبز مكتوب فبها ممنوع اللمس فيما قرر أصحاب السوبر ماركت وضع نظام يتم بموجبه عدم احتكاك المستهلكين مع بعضهم البعض أثناء الشراء أو لتفادي تشكيل طوابير عند القابض. وضع حواجز بالصيدليات و مكاتب البريد كما مست عملية التنظيم و الوقاية باقي المحلات ذات نشاط مغاير على غرار الصيادلة الذين وضعوا حاجز على مساحة من المحل يقف عندها الراغبون في شراء الأدوية و التي تعد بمثابة مسافة الأمان بينهم و بين الباعة كما هو الحال بوسط المدينة و مزغران و حاسي ماماش و غيرها من البلديات التي انتهج سكانها و تجارها نفس السلوك . و هو نفس الإجراء الذي استخدمته مختلف مكاتب البريد أين تم إجبار أصحاب المعاشات على الوقوف في طابور منظم بابتعاد الأول عن الثاني بمسافة متر واحد تفادبا للمس. و قد التزم الجميع بهذه الضوابط بل أنهم استحسنوها. هجرة سوق عين الصفراء إلى جانب ذلك، غاب العديد من السكان عن اللحاق بسوق عين الصفراء الشعبي المتواجد بوسط المدينة على الرغم من تحديد فترة فتحة الممتدة من الساعة السابعة صباحا إلى الحادية عشر، حيث لوحظ حضور قليل من المشترين و الذين يقطن غالبيتهم بجوار السوق كون أن السكان قرروا اقتناء الخضر و الفواكه بالأسواق و المحلات المتواجدة بالقرب من منازلهم متجنبين عناء التنقل إلى عين الصفراء على الرغم من انخفاض الأسعار بها مقارنة ببقية الأسواق الأخرى. إذ فضلوا عدم المجازفة بشراء مواد من الباعة الفوضويين بهذه السوق خوفا من عدم سلامتها التي قد تؤدي بهم الى التهلكة. مفضلين اقتناءها من المحلات حتى و لو كانت بأسعار مرتفعة. اختفاء الباعة الفوضويين في ذات السياق، اختفت ظاهرة البيع على الرصيف في مختلف بلديات الولاية حتى أن الذين كانوا بمارسون هذا النشاط فقد تم مطاردتهم من أعوان الأمن سواء بسوق عين الصفراء أو بسوق حاسي ماماش أو بغيرها من البلديات الأخرى تجار و سكان ينظفون الأرصفة من جانب آخر، بادر أصحاب المحلات إلى تعقيم و تنظيف محلاتهم بشكل يومي و حتى بالرصيف المحاذي للدكان و هو نفس الإجراء الذي يقوم به السكان الذين ينظفون يوميا عتبة بيوتهم بالمطهر في الوقت الذي طالب فيه العديد من سكان الدواوير على غرار موناظور و دوار الجديد بحاسي ماماش و بلدية الطواهرية لماسرى من السلطات بتعقيم الشوارع و تنظيفها في خطوة تؤكد تحول عقلية هؤلاء من لامبالاة إلى المبالاة .فضلا عن رفض بعض الساكنة تحويل مركزي التكوين المهني المتواجدين ببلديتين تقعان بجنوب مستغانم إلى مكان للحجر الصحي، حيث طالبوا السلطات بإلغاء هذا القرار مخافة من انتشار العدوى. تكافل اجتماعي منقطع النظير و في هذا الوقت العصيب زاد تكافل الناس فيما بينهم و انخراطت مختلف الجمعيات التي رغم سباتها العميق استيقظت و راحت تنظم العديد من المبادرات لجمع التبرعات و توزيعها على المحتاجين و المشاركة في حملات تطهير الشوارع و الأماكن العامة و التحسيس بخطورة الوباء.و من جانب العلاقات ما بين الأفراد، فقد لوحظ تجنب الزيارات بين الأهل و الأقارب على الرغم من قرب المسافة فيما بينهم حيث أصبح الهاتف الوسيلة الوحيدة للاتصال ما بين العائلات تفاديا للملاقاة و التنقل الذي قد يؤدي حسبهم إلى ما لا يحمد عقباه، حيث أكد لنا العديد من السكان انهم تفادوا زيارة اقاربهم في هذا الظرف مع التزام بيوتهم و عدم الخروج منها الا للضرورة.