التعديل الذي أجراه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على حكومة الوزير الأول عبد العزيز جراد يعتبر الثاني من نوعه في ظرف أربع عشر شهرا وقد كان متوقّعا بالنظر لعدة عوامل تتعلق بأداء الحكومة والوضع العام في البلاد ونظرة رئيس الجمهورية في ما يخص تطبيق برنامجه الانتخابي والوفاء بالتعهدات والالتزامات التي قطعها على نفسه ، والتي تتطلب انسجاما في العمل والمبادرة إليه والاستجابة للمطالب الملحة ومواجهة التحديات المطروحة وتقديم الحلول والاقتراحات البناءة والنشاط في الميدان. لقد سبق لرئيس الجمهورية التنبيه إلى بعض مكامن الضعف طالبا معالجتها من طرف الحكومة ، لتحقيق النتائج المرجوة والسير بالسرعة القصوى لتنفيذ البرنامج وتحديد الأولويات والاهتمام بانشغالات المواطنين في هذه الظروف الصعبة ، التي تهيمن عليها جائحة كورونا (كوفيد 19) بتأثيراتها السلبية على كل مجالات الحياة وقد تمكنت بلادنا من مواجهة هذه الأزمة متعددة الأوجه بصبر وحكمة و تسير بهدوء وحذر نحو الانفراج لتتفرغ لمعالجة مخلفاتها السلبية ، بتنشيط الاقتصاد الوطني قصد توفير مناصب شغل جديدة والرفع من الإنتاج والتحكم في الأسعار التي ارتفعت مؤخرا بشكل غير مسبوق مما يضر بالقدرة الشرائية للمواطنين خاصة الطبقة الهشة . وقد عمد رئيس الجمهورية إلى الإبقاء على الوزارات السيادية والهامة للمحافظة على استمرارية العمل والانسجام وزيادة الفعالية بإضافة الطاقم الوزاري الجديد ، ليكون التغيير ايجابيا ومفيدا ويدفع إلى النشاط وبذل المزيد من الجهد ، فقد تم الإبقاء على وزراء الخارجية والداخلية والتربية والعدل والصحة والمالية والاتصال مع دمج وزارتي الطاقة والمناجم في وزارة واحدة وتكليف محمد عرقاب بالإشراف عليها خلفا لعبد المجيد عطار وتقليص عدد الوزراء من 39 إلى 34 وإلغاء الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة الصحراوية وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة السينماتوغرافية . قطاع لم يستفد من التكنولوجيا و ركزت وسائل الإعلام على وزارة الري التي عين على رأسها مصطفى كمال ميهوبي خلفا لأرزقي براقي مشيرة إلى المشاكل التي يعرفها القطاع وأزمة العطش التي ظهرت مؤخرا في عدة مناطق وتراجع مخزون السدود بسبب نقص المغياثية في هذا الموسم ، علما أن خبراء في الري حذروا منذ سنوات من تنامي أزمة عطش في العقود القادمة ، إذا لم تتخذ الدولة الاحتياطات اللازمة ، وقد لجأت الجزائر سابقا إلى إقامة محطات لتحلية مياه البحر ولم يتم توسيع العملية كما أن المياه الجوفية والسطحية تتعرض للتلوث بمياه الصرف الصحي ومياه المناطق الصناعية لعدم وجود محطات لتصفيتها والاستفادة منها في السقي كما تفعل العديد من الدول ، فقطاع الري قطاع استراتيجي هام ويحتاج إلى تسيير محكم فلابد من إجراء مسح شامل للمياه السطحية والجوفية وحسن استغلالها والمحافظة عليها من التبذير و الهدر والتلوث وذلك بالاستفادة من التكنولوجيا والبحوث العلمية من خلال التعاون مع المعاهد و المخابر الجامعية والخبراء الجزائريين ولا نكتفي بالتسيير الإداري البيروقراطي ، ولهذا يجب أن يكون التعديل ذا مغزى ومعنى وفائدة لمواصلة السعي من أجل النهوض والرقي والتخلص من الروتين والفساد والتخلف دون انتظار الانتخابات التشريعية المقبلة ونتائجها .