الفريق أول شنقريحة يستقبل وزير الدفاع الرواندي    بوغالي يعزي في وفاة الصحفي بوكالة الأنباء الجزائرية مسعود بوصوار    الالعاب الافريقية المدرسية (الجزائر 2025): نور الدين مرسلي وحسيبة بولمرقة سفيرا الطبعة الاولى    بنك الجزائر الخارجي: نجاح إصدار قرض سندي ب15 مليار دج لفائدة "توسيالي الجزائر"    السوق المالية: دراسة ملف المؤسسة الناشئة "ديار دزاير" لولوج البورصة    منظمة التعاون الإسلامي: اللجنة التنفيذية تؤكد ضرورة وقف العدوان الصهيوني على غزة وتسهيل عودة النازحين    الحكومة الصحراوية تحذر من عواقب مواصلة المغرب محاولاته توريط دول العالم في "مغامرته الاستعمارية الفاشلة"    بنك الجزائر : حجز حق الصرف للسفر الى الخارج سيتم عن بعد قريبا    الألعاب الافريقية المدرسية 2025: المنتخب الجزائري للسباحة يختتم تربصه التحضيري بسطيف    حوادث مرور وحرائق تتسبب في وفيات وإصابات عبر الوطن خلال ال 24 ساعة الأخيرة    تواصل موجة الحر بعدة ولايات مع توقع تساقط أمطار رعدية    الصالون الوطني للحرفي الشاب بوهران: منصة لعرض تجارب رائدة في مجال استخلاص الزيوت النباتية    سعداوي يستقبل ممثّلي الجزائر    بن طالب يترأس لقاء وطنيا تقييميا    كرة القدم / بطولة إفريقيا للاعبين المحليين 2024 (المؤجلة الى 2025): المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بوتيرة مرتفعة    محرز لا يتفق مع رونالدو    الجزائر ترافع لتسوية النزاعات سلميا    انطلاق التسجيلات الأولية لحاملي البكالوريا    رحيل ترحل بوزن 25 كيلوغراماً    إعادة تشغيل المصعد الهوائي الرابط بين عنابة وسرايدي    طابع تكريماً لفانون    العدوان الصهيوني: منظمات إنسانية أممية تحذر من انهيار آخر شريان للحياة في غزة    وهران: افتتاح المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية    15 وزارة وهيئة لمحاربة تبييض الأموال    الجزائر تحمي مواطنيها أينما كانوا.. وحكمتها لا تحرّكها الاستفزازات    تحقيق السيادة الوطنية في مجال الأمن الصحي    الشرطة الجزائرية مستعدة لمجابهة كل التحديات    الارتقاء بدور المجتمع المدني في الانتقال الطاقوي    خدمة جديدة لنقل البضائع عبر خط أليكانتي - وهران    السيادة تتعدّى الأرض والقرار وتمتد إلى الوعي واللّغة الأم    سكيكدة تضبط آخر الترتيبات قبل الانطلاق    100 أكاديمي مغربي يدينون التطبيع مع الكيان الصهيوني    مركز "مونتي كريستو" جوهرة ونُعد فرساننا للألعاب المتوسطية 2026    النخبة الوطنية تحقق نتائج مميزة بنيجيريا    أبواب مفتوحة حول المنصة الرقمية "فهرسة"    عنابة تحتفي بفنون الشارع    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    تواصل عمليات إزالة المفارغ العشوائية ببومرداس    إنجاز مشاريع حيوية في عدة أحياء    عرض مشروع مسار خط السكة الحديدية    شريان حياة لتنمية ولاية إستراتيجية    الملتقى العربي الأول حول "الضاد في وسائل الإعلام": إبراز مكانة اللغة العربية في مقومات الهوية الوطنية    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    مهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم: انطلاق التسجيلات للمسابقات الدولية والوطنية    حوادث المرور: وفاة 35 شخصا وإصابة 1888 آخرين خلال أسبوع    استمرار التطبيع الرسمي المخزني المخزي    تم إطلاق عملية صرف المنحة السياحية عبر 5 بنوك وطنية    مشروع واعد" يضاف إلى خارطة البنية التحتية للقطاع    المجازر المروعة في غزة واستهداف دور العبادة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    بوقرّة يكشف عن قائمته..    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغفرة نالها من سقى كلبا، فكيف بمن رحم مسلما؟!
نشر في الحياة العربية يوم 22 - 01 - 2023

أخي المسلم اسمع معي إلى هذه القصة التي يُحدِّثنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم والتي يحثُّنا من خلالها على أعظم قيمة من قِيَم الإسلام، هذه القيمة هي عنوان رسالته صلى الله عليه وسلم، هذه القيمة عندما غابت من المجتمع انتشرت الجرائم والسرقات، وانتشر الجَشَع والطَّمَع والظُّلْم، وانقلب المجتمع إلى مجتمع غاب، يأكل القويُّ فيه الضعيفَ، وتُداسُ فيه الحقوق، ويشكو الوالد ولده، وتشكو الزوجةُ زوجَها، يشكو الفقير الغني، هذه القيمة هي (الرحمة).
فاسمع إلى نبيِّك صلَّى الله عليه وسلم وهو يقول:)) بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ – أخرج لسانه من شدة العطش والحر- يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْب مِنَ الْعَطَشِ مِثْل الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَالَ: ((فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ)).
فإذا كان الله تعالى قد غفر لمن سقى كلبًا على شدَّة ظمئه، فكيف بمن سقى العِطاش، وأشبع الجياع، وكسا العُراة من المسلمين؟! وكيف بمن تفقَّد أحوال المسلمين، وسعى في قضاء حوائجهم، وتفريج كرباتهم، وإزالة همومهم وغمومهم؟ لا شكَّ أن الثواب أعظم، والجزاء أكرم.
بل نبينا صلى الله عليه وسلم ذكر قصة مشابهة لهذه القصة ليؤكد على هذه القيمة العظيمة من قِيَم الإسلام فيقول: ((أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا- زانية- رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ- أي: يدور حولها-، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ – أخرجه لشدَّة العطش- فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا – أي: سقته الماء بخفِّها- فَغُفِرَ لَهَا)).
يقول أحد العلماء: إذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا، فكيف تصنع الرحمة بمن وحَّد ربَّ البرايا؟! نعم كيف تصنع الرحمة بمريض يحتاج إلى دواء؟ كيف تصنع الرحمة بفقير يحتاج إلى طعام وشراب؟ كيف تصنع الرحمة بمسكين يرتجف من شدة البرد؟ كيف تصنع الرحمة بأرملة تحتاج لبناء غرفة تجلس فيها هي وبناتها؟
إذا كانت الرحمة بالكلاب والحيوانات- أجَلَّكُم الله- سببًا من أسباب مغفرة الخطايا والذنوب ونزول رحمة الله بالعباد؟! فكيف برحمة المسلم الذي يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله؟!
ولو نظرنا إلى القرآن الكريم لرأينا أن عنوانه الرحمة، ومن عناية الله تعالى ببيان رحمته أن أول ما نقرأ من القرآن هي ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1] أول صفات تنعت لفظ الجلالة هي صفة الرحمة (الرحمن الرحيم)، وعندما تحدث الله تعالى عن نفسه قال: ﴿ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54]، وقال:﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156] ، وقال: ﴿ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً ﴾ [غافر: 7].
بل إن الله تعالى جعل الرحمة عنوان رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، ووصف الله النبيَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابَه رضي الله عنهم، فقال: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29].
وعندما تحدَّث النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه قال: ((أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ)) وفي ذات يوم قيل له: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً)).
فأين الأُمَّة اليوم من قيمة الرحمة؟ أين الرحمة في بيوتنا؟ أين الرحمة في دوائرنا؟ أين الرحمة في محاكمنا؟ أين الرحمة في أسواقنا؟ أين الرحمة في مستشفياتنا؟ أين الرحمة في المجمعات الطبية؟ أين الرحمة في تعاملاتنا؟
إن الرحمة عندما تغيب عن المجتمع فلا تستغرب أن ترى ولدًا يضرب أباه، ويرفع صوته فوق صوت أمِّه، وزوجًا يضرب زوجته ويُهينها أمام عائلته، وأبًا أو أخًا يقف حجرةَ عثرةٍ أمام زواج ابنته أو أخته لمصلحةٍ دُنْيويةٍ.
عندما تغيب الرحمة لا تستغرب أن ترى الأخ يحرم أخته من الميراث، والأخ الكبير يأكل حق إخوانه الصغار، وترى استطالة الناس على أموال بعضهم البعض.
اسمعوا إلى نبيِّكم صلى الله عليه وسلم وهو يحدثنا عن الرحمة في أحاديث كثيرة فيقول: ((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ..)).
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ)).
وفي ذات يوم دخل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المسجدَ وهو يقولُ: أيُّكم يسرُّه أنْ يقيَه اللهُ عزَّ وجلَّ من فيحِ جهنمَ؟ قلنا: يا رسولَ اللهِ، كلُّنا يسرُّه، قال: من أنظر معسرًا أو وضع له- أي: تنازل عن جزء من الدين- وقاه اللهُ عزَّ وجلَّ من فيحِ جهنمَ.
أسمعتم أيها الناس إلى أحاديث نبيكم صلى الله عليه وسلم كلها تخاطبكم وتقول لكم: من أراد أن يرحمه الله فليرحم الناس، ومن أراد أن يساعده الله فليساعد الناس، ومن أراد أن يفرج الله كربته فليفرج عن الناس، ومن أراد أن يستره الله في الدنيا فليستر على الناس، ومن أراد أن يساعده الله فليساعد الناس، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
انظروا في واقعنا اليوم: كم من عائلة اليوم لا تستطيع أن تبني لها غرفة واحدة تسكن فيها وتستر على حالها؟ كم من أسرة سياج بيتها مُهدَّم ولكن ليس لديها إمكانية في إعادة بنائه؟ كم من مريض لا يستطيع أن يذهب إلى الطبيب؛ لأنه لا يملك مالًا؟ كم من مريض يحتاج إلى عملية ولكن ليس لديه المال الكافي لإجراء هذه العملية؟ بل هناك من لا يملك مالًا لشراء الدواء؟
من المسؤول عن كل هؤلاء؟ أين الرحمة؟ لماذا هذا الغلاء؟ أين يذهب الفقير؟
أين يذهب الفقير والمحتاج واليتيم والأرملة مع هذا الغلاء؟ غلاء في المواد الغذائية، غلاء في الصيدليات، غلاء في إجراء العمليات الجراحية، غلاء في مواد البناء، غلاء في كل ما يحتاج إليه الناس اليوم؟
أين الرحمة المحمدية؟ أين أخلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مجتمعاتنا اليوم؟
هذا رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا – أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا – فَقَالَ: ((وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ" وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ)).
نبينا صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الموقف يقول لنا: يا صاحب المحلات والأسواق، إذا رحمت العامل الذي يعمل عندك فالله يرحمك… يا أيها الموظف، في كل دائرة إذا رحمت المراجع وسهَّلت أمره، فالله يرحمك ويُسهِّل أمرك.. يا أيها الغني، إذا رحمت الفقير والمسكين فالله يرحمك.. يا أيها الطبيب ويا صاحب الصيدلية، إذا رحمت المريض وسهَّلت أمره وتعاملت معه بإنسانيتك، فالله تعالى يرحمك ويعاملك بالمثل.. يا أيها التجار ويا أصحاب محلَّات المواد الغذائية إذا رحمتم الناس فالله يرحمكم، فنبيُّكم صلى الله عليه وسلم يعلنها ويقول: ((الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)).
هذه الخطبة هي رسالة للمدير في دائرته، للوزير في وزارته، للأب في أسرته، للمدرس في مدرسته، للطبيب في عيادته، للصيدلاني في صيدليته، لأصحاب الأسواق في أسواقهم، لكل فرد من المجتمع، فالكل راعٍ، والكُلُّ مسؤول عن رعيته.. أين أنتم من قيمة الرحمة؟ وأين أنتم من رحمةِ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم بالناس؟
فاتصفوا أيها المؤمنون بالرحمة، وتحَلَّوا بها، وكونوا رحماء بخلق الله كافة تنالوا رحمة ربِّكم، أسأل الله رب العالمين أن يجعلنا وإيَّاكم من المتخلقين بخلق الرحمة، ومن الرحماء بعباده، وأن يجعلنا برحمته من عباده الصالحين، أقول قولي هذا وأستغفر الله من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
إخوة الإسلام، وصف الله تعالى أصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز بوصف الرحمة، فقال: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29].
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف كانوا رحماء بينهم؟ كيف كان ذلك المجتمع؟! ما هي أخلاقه؟ وكيف كان تعامُلهم مع بعضهم؟
والجواب على هذا السؤال: أتركه لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يصف ذلك المجتمع العظيم [11]:
في خلافة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضيًا على المدينة المنورة (على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم)، فلبث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضيًا لمدة لم يختصم إليه فيها أحد، فطلب من سيدنا أبي بكر رضي الله عنه أن يعفيه من هذه المهمة.
فقال له أبو بكر رضي الله عنه أمِنْ مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟
فقال: لا يا خليفة رسول الله؛ ولكن ليس لي حاجة عند قوم مؤمنين، وبدأ يصف ذلك المجتمع:
عرف كل منهم ما له من حقٍّ؛ فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب؛ فلم يُقصِّر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحبُّ لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب واسوه، دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيم يختصمون؟!
أرأيتم أخلاق ذلك المجتمع العظيم؟! أرأيتم كيف جسدوا خلق الرحمة في تعامُلهم مع بعضهم؟!
فهذه دعوة إلى التراحُم فيما بيننا، ودعوة للتشبُّه بأخلاق ذلك الجيل العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.