لم يستبعد المحلل السياسي في العلاقات الدولية، السيد أبو الفضل محمد بهلولي، أن تعامل الجزائر مع فرنسا بالمثل في حال توجيه هذه الأخيرة تعليمات إلى المحافظات الفرنسية، بعدم الاعتداد بجوازات السفر التي تصدرها القنصليات الجزائرية للمواطنين الجزائريين من أجل الحصول على تصاريح الإقامة، في حين أكد ضرورة أن يتوجه المواطنون الجزائريون إلى القضاء الفرنسي، لاسيما مجلس الدولة للمطالبة بإلغاء هذه التعليمة إذا ما تم تطبيقها. أوضح بهلولي، في تصريح خص به "المساء" أمس، أن الجزائر لن تتأخر بدورها في رفض استقبال المواطنين الذين يحملون جواز السفر الفرنسي ردا على استفزاز اليمين المتطرّف، مضيفا أن هناك حملة ضد المهاجرين الجزائريين استعملت فيها عدة آليات وطرق، من خلال استغلال انتهاء صلاحية بطاقات ووثائق إقامتهم للكثير من المواطنين الجزائريين، ما جعلهم يلجأون إلى القضاء الفرنسي، الذي بات يساير أيضا الإدارة الفرنسية في العديد من القرارات. وأضاف أن الحكومة الفرنسية اليوم تستعمل آلية جديدة تتمثل في التعليمات التي تدخل في إطار ما يعرف بالضبط الإداري الذي يعد نوعا من الضغط والتقييد والعرقلة القانونية التي ليس لها أي أساس قانوني بالنسبة للمواطنين. وعليه يرى المحلل السياسي، أن نية الحكومة الفرنسية باتت واضحة اليوم، عن طريق وزارة الداخلية من خلال رفض تجديد إقامة بطاقة الإقامة بالنسبة للجزائريين أو حتى بالنسبة للذين يريدون لأول مرة الحصول على بطاقة الإقامة، مشيرا إلى أن ذلك كله يدخل في إطار مخالفة القوانين والمعاهدات. وأكد بهلولي، أن فرنسا تريد التملص من اتفاقية 1968، وذلك بعد أن أبدت نيتها لإلغائها أو تعطيلها، وعليه لا يستبعد أن ترسل باريس إخطارا رسميا للجزائر حول هذه النية، رغم ما تشكله هذه المعاهدة القانونية من أهمية، باعتبارها أساس اتفاق بين البلدين وامتداد لاتفاقيات إيفيان 1962 التي أنهت الاستعمار. واستدل في هذا الصدد بالأصوات الكثيرة والمؤثرة داخل الحكومة الفرنسية، لاسيما اليمين المتطرّف وحتى داخل أوروبا ككل والتي تريد التملص أو إلغاء الاتفاقية في ظل تشجيع كبير من السياسيين وحتى الحقوقيين لإنهائها. يأتي ذلك في الوقت الذي يبحث فيه الطرف الفرنسي عن علاقة أكثر توازنا وواقعية، ظانا أن اتفاقية 1968 منحت امتيازات كبيرة للشعب الجزائري والمواطنين المقيمين في فرنسا غير أن ذلك يجانب الحقيقة والواقع يؤكد محدثنا. كما أشار بهلولي، إلى أن الموقف الفرنسي مرتبط بقرار مهم للجزائر والمتمثل في شروع قنصلياتها منح جوازات السفر للكثير من المهاجرين الجزائريين، شريطة احترام القوانين والتنظيمات المعمول بها وبالتالي كان لذلك تأثير كبير بالنسبة للحكومة الفرنسية، خاصة وأن حصول مواطن جزائري حتى وإن كان غير نظامي على جواز سفر من القنصلية يضمن له الحماية القنصلية والدبلوماسية وتكون له حقوق وواجبات.