❊ دعوة إلى ميثاق لغوي إعلامي عربي يواكب التحولات الرقمية احتضن فندق الأوراسي بالعاصمة، صباح أمس، أشغال الدورة الأولى من الندوة العربية الموسومة ب«اللغة العربية في وسائل الإعلام"، والتي نظمتها جمعية "الكلمة" للثقافة والإعلام، تحت إشراف وزارة الاتصال، وبحضور شخصيات فكرية وإعلامية مرموقة من مختلف الأقطار العربية. وزير الاتصال، محمد مزيان، الذي أشرف على افتتاح الملتقى، لم يتردد في توصيف اللغة العربية بأنها "جوهر رمزي ورسالة حضارية"، مشددًا على أن اللغة ليست فقط وسيلة تعبير، بل هي وعي وهوية، وأداة تفكير وجسر نحو العالم، وفي كلمته التي حملت بعدًا تأمليًا، ذكّر الوزير بأن العربية تشكّل مرآة الوجود الحضاري للأمة، وأن حمايتها وترقيتها ليست ترفًا ثقافيًا، بل التزامًا وطنيًا وسياسيًا، لا يقل شأنًا عن حماية الحدود أو اتخاذ القرار السيادي. وإذا كانت التحولات الرقمية قد فرضت إيقاعها على العمل الصحفي، فإن الوزير دعا إلى ضرورة التفكير الجماعي في صياغة "ميثاق عربي" جديد للغة في وسائل الإعلام، يكون قادرًا على مرافقة هذه التحولات، ويضمن حضور العربية في المنصات الجديدة، ضمن مقاربة شاملة تراعي التكوين والمهنية والأخلاقيات التحريرية. وحرص الوزير على التذكير بالمكانة التي تحظى بها اللغة العربية في السياسة الثقافية الوطنية، مؤكدًا أن الدولة، تولي اهتمامًا خاصًا للغة العربية، بوصفها مكوِّنًا من مكونات السيادة الشاملة، وهي رؤية تنبع من قناعة بأن السيادة لا تتوقف عند الأرض والقرار، بل تمتد لتشمل الوعي الجماعي واللغة الأم. في السياق ذاته، اعتبر الوزير أن التجربة الجزائرية في التوفيق بين التنوع اللغوي والوحدة الوطنية، تؤكد أن ترقية اللغة العربية لا تعني بأي حال إقصاء باقي المكونات الثقافية، لاسيما الأمازيغية بكل تفرعاتها، بل إن الهوية الوطنية في الجزائر تتعزز عبر احتضانها لهذا التنوع في إطار وحدة المرجعية والعمق الحضاري المشترك. وخلص الوزير إلى القول "إنه سيعمل ليكرس هذا الملتقى بحيث يتم تنظيمه سنويا، ليكون مكسبا علميا للغة العربية ومواكبا لجديد وسائل الاعلام في الجزائر". من جهته، أوضح الدكتور محمد المأمون القاسمي الحسيني، عميد جامع الجزائر، أن اللغة العربية كانت وما تزال حجر الزاوية في الشخصية الوطنية الجزائرية، مستعرضًا محطات من التاريخ الجزائري التي لعبت فيها اللغة العربية دورًا مركزيًا في مقاومة الاستعمار وصيانة الهوية. أما رئيس جمعية "الكلمة"، أحمد بوشيخي، فاعتبر أن هذا الموعد العلمي يمثل مناسبة لطرح إشكاليات حقيقية تهم المشتغلين في الحقل الإعلامي العربي، في ظل التحديات المرتبطة بالرقمنة والمضامين العابرة للحدود، مشيرًا إلى أن الجمعية تسعى من خلال هذه الندوة إلى تقديم بدائل لغوية تعبّر بشكل أدق عن التحولات الحالية وتواكب تطلعات المتلقّي العربي. ولم تغب لحظة الوفاء عن أجواء الندوة، حيث تم تكريم عدد من الوجوه الإعلامية والفكرية العربية، على غرار الشاعرة سعاد الصباح من الكويت التي غابت عن اللقاء، الإعلامية سعدى علوه من لبنان، الصحفي أكرم القصاص من مصر، والوزير السابق علي بن محمد من الجزائر، إلى جانب الوزير محمد مزيان، عرفانًا بإسهاماتهم في خدمة اللغة والإعلام العربيين.