الوزير الأول يجري محادثات مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي    مفتش إدارة المدارس الابتدائية بمقاطعة الخروب 2: "النوادي المدرسية مكملة للنشاط التعليمي ومطلوب مشاركة جمعيات أولياء التلاميذ"    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط: التوقيع على سبع مذكرات تفاهم بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    لقاء علمي بالجزائر العاصمة بمناسبة اليوم العالمي للقابلات    رخروخ: الجزائر مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتعزيز حضورها الاقتصادي اقليميا وقاريا    وزارة البريد والمواصلات: إطلاق حملة وطنية للتوعية بمخاطر استعمال الوسائط الاجتماعية    اختتام الندوة الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي: دعوة إلى توحيد الجهود لحماية الحقوق الأساسية للصحراويين    اليوم العالمي لحرية الصحافة: عميد جامع الجزائر يدعو للتصدي للتضليل الإعلامي الغربي    السيدة كريكو تبرز "المكانة المرموقة" التي تحظى بها المرأة ضمن المشروع المؤسساتي لرئيس الجمهورية    الجزائر تطلب عقد جلسة مشاورات مغلقة حول المقابر الجماعية بقطاع غزة الثلاثاء القادم    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي : ميدالية برونزية للمصارعة الجزائرية امينة بلقاضي    تكريم رئيس الجمهورية نظير جهوده لتعزيز التعاون الاقتصادي الافريقي    وزارة التربية تحدد تواريخ سحب استدعاءات المترشحين لامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    الدرك الوطني يحذر من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الانترنت    قسنطينة : نحو تعليق إضراب المحامين اليوم والعودة للعمل    الأمين العام لحركة النهضة من برج بوعريريج: لا بديل عن الانتخابات الشفافة والنزيهة في اختبار من يقود البلاد    بمشاركة 18 بطلا من مجموع 60 مشاركا : فريق "الهناء" ينظم الطبعة الثانية للسروبان بسدراتة في سوق أهراس    استفادت من عدة مشاريع مصغرة في قطاع الفلاحة : المرأة الريفية تساهم في تدعيم السوق المحلية بعنابة    "طامزة"بخنشلة : انطلاق أشغال التحسين الحضري ب "تجزئة 148 قطعة"    أم البواقي : افتتاح التصفيات الجهوية لمسرح الطفل بمشاركة 11 ولاية    منشآت رياضية : بلعريبي يتفقد أشغال مشروع ملعب الدويرة    اليوم العالمي لحرية الصحافة: تكريم صحفيين مبدعين في الدراما الاذاعية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاء بمناسبة الذكرى ال93 لتأسيسها    المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين تدعو إلى الاستمرار في النضال في وجه التحديات    نفط: تراجع العقود الآجلة لخام برنت 71 سنتا لتبلغ 82.96 دولار    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية بعين الدفلى    الفاف تبنت مبادرة الصلح: رفع قرار حظر تنقل السنافر وأنصار مولودية الجزائر    موعد غينيا اتضح في انتظار مواجهة أوغندا: الكاف ضبطت رزنامة مواعيد شهر جوان    تعيين برباري رئيسا للوفد الجزائري في أولمبياد باريس    الجزائر تستقبل دفعة ثانية من الأطفال الفلسطينيين    تفاعل واسع مع رحيل جوهرة الساورة حسنة البشارية: عميدة موسيقى الديوان توارى الثرى    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    تجسيد مشروع ملموس للتنقيب وتحويل خامات الليثيوم    رحيل سفيرة موسيقى الديوان حسنة البشارية    حان الوقت لرفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    سكيكدة ولاية نموذجية في برنامج تعاون دوليّ    وضع شاطئ "الكثبان" على طول 7 كلم تحت تصرف المصطافين    اقتناء 4 شاحنات ضاغطة لجمع النفايات    مصالح الدولة في مهمة بلوغ "صفر حرائق" هذا الصيف    الموافقة على اعتماد سفيرتي الجزائر بسلوفينيا وإثيوبيا    أكثر لاعب أنانيٍّ رأيته في حياتي!    حيماد عبدلي مطلوب في نادي نيس الفرنسي    "الفاف" تطلق مبادرة "صلح كروية" وتتوعد الحكام    صحفيو غزة.. مئات الشهداء والجرحى والمعتقلين في سبيل القضية    عطاف يجري بكوبنهاغن لقاءات ثنائية مع نظرائه    إطلاق مسابقة أحسن صورة فوتوغرافية    دعوة لصيانة الذاكرة من التزييف والتشويه    دبلوماسيون ومتعاملون أجانب: رغبة في تطوير المبادلات    توقيع 3 اتفاقيات بالصالون الدولي "لوجيستيكال"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإفادة من القرآن في النمو والتقدم الاقتصادي وبناء القوة
نشر في الحياة العربية يوم 26 - 02 - 2023

كيف نأخذ من القرآن ما نتعلمه للنمو والتقدم الاقتصادي؟.
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دين الإسلام هو الدين الذي ارتضاه لعباده، وكل خير للعباد في دينهم ودنياهم فهو مبين في كتاب الله أحسن بيان وأتمه، قال سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ {النحل:89}، والله سبحانه هو خالق الخلق وهو أعلم بما يصلحهم وينفعهم؛ كما قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}،
وأما ما يتعلق بالقوة: ففي القرآن العظيم إرشاد للمسلمين بأنهم مأمورون بالسعي في تحصيل كل أنواع القوة في جميع جوانبها اقتصاديا، وعسكريا، وغير ذلك؛ لإظهار دين الله، والتمكين له في الأرض، وأن الإسلام لا يدعو إلى الرهبانية والعجز والإخلاد للأرض، بل يدعو إلى الأخذ بكل أسباب القوة جميعها، كما قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ {الأنفال:60}.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: ودين الإسلام الذي نتكلم باسمه الذي هو تشريع رب العالمين جل وعلا لا يمكن أن يكون صخرة تعثر في طريق التقدم، بل هو دين كل تقدم في كل ميادين الحياة، فدين الإسلام يدعو إلى التقدم والقوة في جميع ميادين الحياة، فما يخيله الكفرة الإفرنج من أنه دين ركود وجمود ودعة وإخلاد إلى الأرض، وأن المتمسك به لا يمكن أن ينهض، ولا يساير ركب الحضارة، كلها فلسفات شيطانية لا أساس لها، تروج على ضعاف العقول.
أما دين الإسلام فهو في حقيقة ذاته دين التقدم في جميع الميادين الحيوية، فيدعو إلى كل تقدم في جميع الميادين الحيوية، إلا أنه يعلم الناس أن هذه الدنيا ليست فوضى، وأن عليها ربا حكما عدلا هو خالق كل شيء، ومدبر كل شيء، ومنه كل شيء، وإليه مصير كل شيء، هو الذي خلق هذه الأرض والبحار، ونصب هذه الجبال ورفع السماوات، وخلق هذا الخلق، وشق أعينهم، وصبغ بعضها بصبغ أسود، وبعضها بصبغ أبيض، وفعل بهم ما هو معروف، هذا الرب هو الذي له السلطان الأكبر، والكلمة العليا، فلا يصدر إلا عن أمره، فهو (جل وعلا) الحقيق بأن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وهو (جل وعلا) أنزل كتابا مبينا محفوظا من كلامه (جل وعلا)، وسنة نبوية على نبي كريم، بين فيها معالم الحياة، وأقام فيها أسس الدنيا التي إذا مشت عليها قامت بالعدالة التي لا نظير لها، والأمن والطمأنينة والرفاهية، وانتظمت علاقاتها على أكمل وجه، مع إرضاء خالق السماوات والأرض، والعمل لدار الكرامة والخلود في الجنة في الدار الأخرى.
وإذا نظرتم في القرآن فإنه لا يدعو إلى الإخلاد والضعف والعجز، لا وكلا، بل إنه يدعو إلى التقدم والقوة في جميع ميادين الحياة، اقرءوا آية: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} [الأنفال: آية 61] فتجدوا نص هذه الآية الكريمة يأمر بإعداد القوة، وهو مساير للتطور مهما بلغ التطور، ولو مما لا يتصوره الإنسان، فالمتكاسل الذي لا يعد القوة لرد الكفاح المسلح، وقمع أعداء الله، هو مخالف لنظام القرآن، غير ممتثل أمر الله؛ لأن الله يقول: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}.
وإذا نظرتم في القرآن تجدونه يبين معالم السياسة، ومعالم الاجتماع، ومعالم الاقتصاد على أبدع الوجوه وأكملها في جميع مرافق الحياة .اه. من العذب النمير.
ومن مظاهر حسن الإسلام في مثل هذه القضية: أنه لم يحصر العباد في نظام خاص في شؤون الاقتصاد ونحوها مما يتعلق بمعاش الناس، بل جعل ضوابط عامة وحدودا للواجب والمحرم فيها، وترك للعقل البشري مجال الاجتهاد والإبداع فيما لم ينه عنه الشرع من أمور الدنيا، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم». أخرجه مسلم.
ومن الاهتداء بهدي القرآن الكريم: أخذ تفاصيل العلوم الاقتصادية وغيرها وأسباب التفوق فيها من أهلها، والإفادة من نجاحات الأمم الأخرى وتجاربها، فتفاصيل الأمور الدنيوية ليست موقوفة على النص الشرعي، والقرآن العظيم قد أشار إلى الرجوع إلى أهل الاختصاص في جميع القضايا، وهذا يعتبر نوعا من البيان لها.
قال ابن عثيمين: من الله علينا بكتابه العزيز الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [سورة فصلت، الآية: 42] وجعله سبحانه وتعالى تبيانا أي مبينا لكل شيء يحتاجه الناس في معاشهم ومعادهم، ثم إن تبيان القرآن للأشياء ينقسم إلى قسمين: الأول: أن يبين الشيء بعينه مثل قوله تبارك وتعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} [سورة المائدة، الآية: 3] وقوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما * والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم} [سورة النساء، الآيتان: 23-24].
الثاني: أن يكون التبيان بالإشارة إلى موضع البيان مثل قوله تعالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة} فأشار الله تعالى إلى الحكمة التي هي السنة، فإنها تبين القرآن.
وكذلك قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [سورة النحل، الآية: 43] وأيضا [سورة الأنبياء، الآية: 7].
فهذا يبين أننا نرجع في كل شيء إلى أهله الذين هم أهل الذكر به، ولهذا يذكر أن بعض أهل العلم أتاه رجل من النصارى يريد الطعن في القرآن الكريم وكان في مطعم، فقال له هذا النصراني: أين بيان كيف يصنع هذا الطعام؟ فدعا الرجل صاحب المطعم، وقال له: صف لنا كيف تصنع هذا الطعام؟ فوصفه، فقال: هكذا جاء في القرآن، فتعجب النصراني. وقال: كيف ذلك؟ فقال: إن الله عز وجل يقول: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فبين لنا مفتاح العلم بالأشياء بأن نسأل أهل الذكر بها أي أهل العلم بها، وهذا من بيان القرآن بلا شك، فالإحالة على من يحصل بهم العلم هي فتح للعلم. اه.
وتفصيل الكلام عما يتعلق بأسباب التقدم الاقتصادي في القرآن العظيم ليس مجاله الفتوى، بل يحتاج إلى بحوث وتصانيف، فهناك قضايا عديدة تتعلق بهذا الموضوع: كبيان القرآن العظيم لأهمية الأخذ بالأسباب، وأنه لا ينافي التوكل على الله والاعتماد عليه في تحصيل المسببات، وأن الأسباب الشرعية كتقوى الله وطاعته سبب من أسباب التوفيق لتحصيل القوة المادية، وأن القوة المادية ليست دليلا على خيرية عند الله، فقد يعطيها الله لأعدائه، ويمنعها أولياءه لحِكَم عظيمة، وبيان أن تحصيل المسلمين للقوة المادية ليست مقصودة لذاتها، وإنما مقصودها الأعظم إقامة دين الله، ونصرة شرعه، وكذلك ما في القرآن العظيم من تشريعات تتعلق بالاقتصاد: كتحريم الربا، وإيجاب الزكاة، ونحو ذلك، وكذلك ما في القرآن العظيم من إشارات لقضايا اقتصادية، كاستشراف المستقبل، والتدبير للأزمات، كما في قصة يوسف عليه السلام حين عَبَر رؤيا الملك، وعمل بها، وغير ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.