تشكل التسممات الغذائية إحدى أبرز المشكلات الصحية التي تزداد حدتها خلال فصل الصيف، نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة الذي يسرّع من نمو وتكاثر البكتيريا في الأطعمة، خاصة في ظل غياب شروط الحفظ والنظافة. هذا الوضع يستدعي من الجهات المختصة ومن المواطنين على حد سواء، مضاعفة الحذر واليقظة لحماية الصحة العامة. وفي هذا السياق، أكد المدير العام للمعهد الوطني للصحة العمومية، عبد الرزاق بوعمرة، أن الحرارة والرطوبة من أبرز العوامل التي تسهم في تسريع تدهور جودة الأغذية، مما يرفع احتمالات الإصابة بالتسمم الغذائي. كما أشار إلى أن سوء التخزين وعدم حفظ الطعام في درجات حرارة مناسبة من بين الأسباب الرئيسية لتفاقم هذه الظاهرة. وأضاف بوعمرة أن تلوث الأغذية، وضعف النظافة الشخصية ونظافة أدوات التحضير، فضلاً عن استهلاك أطعمة غير مطهية جيداً، كلها عوامل تزيد من خطر التسمم. وبيّن أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة تشمل الأطفال، كبار السن، الحوامل، وأصحاب الأمراض المزمنة، نظراً لضعف مناعتهم، ما يجعل الإصابة لديهم أكثر خطورة وقد تؤدي إلى مضاعفات صحية كبيرة. ولتفادي هذه الأخطار، شدد على أهمية استهلاك الأطعمة الطازجة والمطهية حديثاً، مع حفظها في ظروف ملائمة. كما نصح بالالتزام الصارم بقواعد النظافة الشخصية ونظافة أدوات الطبخ، وتجنب استهلاك المأكولات المجهولة المصدر، مع ضرورة زيارة الطبيب فور ظهور أعراض التسمم الغذائي. من جانبه، نبه رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، محمد بقاط بركاني، إلى خطورة الإهمال في شروط حفظ الأغذية، محذراً من تناول المأكولات المكشوفة، خاصة خلال ارتفاع درجات الحرارة، ما يسرّع من تكاثر الجراثيم بشكل كبير. كما أشار إلى خطورة الأطعمة الخفيفة التي تُستهلك بكثرة في الشواطئ والمنتزهات، داعياً إلى حفظها بطريقة آمنة والتعامل بحذر مع الأغذية الجاهزة. وفي السياق ذاته، أشار رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، إلى أن التسممات قد تعود إلى عدة أطراف، سواء المنتجين أو الباعة أو المستهلكين أنفسهم، ما يستدعي يقظة جماعية. وأوضح أن أغلب حالات التسمم تسجل بشكل جماعي، خاصة في الأعراس والمطاعم، مما يحتم على منظمي هذه المناسبات توخي الحذر وتكليف مختصين بالإشراف على سلامة الأغذية. كما سلط الضوء على ممارسات خاطئة تسهم في ارتفاع حالات التسمم، مثل قطع سلسلة التبريد لتوفير الكهرباء، أو سوء المناولة أثناء التحضير. وفيما يتعلق بالمنتجات الأكثر تسبباً في التسمم، أكد أن الحليب ومشتقاته تحتل المرتبة الأولى، تليها اللحوم والبيض ومشتقاته مثل الصلصات والمرطبات. وفي إطار التوعية، شدد زبدي على ضرورة تكثيف الحملات التحسيسية خلال الصيف، من خلال زيارات ميدانية وومضات توعوية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، داعياً المستهلكين إلى التحلي بوعي صحي أكبر، وعدم التهاون في التعامل مع الأغذية الحساسة، لضمان سلامتهم وسلامة ذويهم.