جنوب افريقيا: اتحاد نقابي يجدد دعمه لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال    حركة مجتمع السلم تدعم الجهود المطالبة بتجريم الاستعمار    الطاهر برايك: 826 عضواً سيرافقون الحجاج الجزائريين    أبو عيطة ينوّه مجدداً بدعم الجزائر للقضية الفلسطينية    الكأس الجزائرية الممتازة لكرة اليد: فوز م.برج بوعريريج أمام ش.سكيكدة (18-15)    مالي : الأحزاب تؤجل احتجاجاتها وتندد ب"الدعوات إلى العنف" وتهديدات أطلقها الانقلابيون    تصفيات شان-2025 (الجزائر- غامبيا): تأخير انطلاق المباراة إلى الساعة 30ر20    إسبانيا: تفكيك شبكة تهريب مخدرات متورطة مع المغرب في مقاطعتي غرناطة وألميريا    أمطار رعدية مرتقبة بتندوف وبني عباس بداية من صباح يوم غد السبت    البطولة الإفريقية لدراجة المضمار: الجزائر تشارك ب12 دراجا ودراجة في موعد القاهرة    اختتام الطبعة الأولى من الملتقى الدولي الجزائري للنحت    مالي: ائتلاف معارض يتحدى "التعليق غير القانوني" لنشاط الأحزاب السياسية في البلاد    قسنطينة: حضور لافت للعرض الشرفي لمسرحية "كرنفال روماني"    الاحتلال الصهيوني ارتكب 12 ألف مجزرة وأباد 2200 عائلة منذ بدء العدوان على غزة    "الأونروا" تدين قرار الاحتلال الصهيوني اغلاق مدارس تابعة لها في القدس المحتلة    الجريدة الرسمية : إدراج الحليب الطازج المحلي في نظام إنتاج وتسويق الحليب المدعم    سوناطراك: ناقلة النفط "عين أكر" تُغيث قارباً قبالة سواحل إيطاليا    مساعي أملاك الدولة الوطنية في إطلاق نظام معلوماتي جديد يضم الموثقين    السيد بن طالب يؤكد حرص قطاعه على استقرار واستمرارية المنظومة الوطنية للتقاعد    قدرات قطاع الصحة بولاية الجلفة تؤهلها لإنجاز مشروع مستشفى جامعي    إلتماس 10 سنوات حبسا ضد السيدة نغزة، ساحلي وحمدي    مسرحية "بقايا أحلام" للمخرج الجزائري نبيل مسعي أحمد تحصد جائزتين في المونديال المغاربي للمونودراما بليبيا    عنابة: افتتاح الطبعة الرابعة للصالون الدولي للسياحة    صون كرامة المواطن أولوية مطلقة في برنامج رئيس الجمهورية    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات من الوطن يومي الخميس والجمعة    بوغالي: مجازر 8 ماي محطة أليمة تغذى منها الوعي الوطني وألهمه عناصر قوة إضافية لتفجير الثورة التحريرية    السيد العرباوي يستقبل بفريتاون من قبل الرئيس السيراليوني    رئاسة اللجنة الفنية للملكية الفكرية التابعة لجامعة الدول العربية    لامين جمال يتعهد بالعودة    مباراة مجنونة    برمجة 22 رحلة إلى البقاع المقدسة انطلاقا من المطار الدولي لوهران    الإنتاج الصناعي بالقطاع العمومي.. مؤشرات بالأخضر    الجزائر متمسّكة بمطلبها المشروع في معالجة ملف الذاكرة    الإعلام العماني يجمع على تاريخية الزيارة ونجاحها    تسخير كل الإمكانات لإنجاح موسم الحج    هكذا يتم التعامل مع الكباش المستوردة قبيل عيد الأضحى    "ترياتلون" الجزائر لتعبيد الطريق نحو أولمبياد 2028    أبواب مفتوحة حول الرياضات العسكرية بالبليدة    700 حادث مرور على خطوط الترامواي خلال 4 سنوات    الجزائر تدعو إلى تغليب المسار السياسي والدبلوماسي    6 دول أوروبية ترفض خطة الاستيلاء والتهجير الصهيونية    يوم دراسي حول حماية الملكية الفكرية بتلمسان    600 مليار لمشاريع تحسين الإطار المعيشي للمواطن    حجز كميات معتبرة من الفلين المهرب بأم الطوب    90 دقيقة تفصل أشبال بوقرة عن حلم "الشان"    التخلص من عقدة الخوف طريق النجاح    لرئاسة اللّجنة الفنّية للملكية الفكرية    الشروع في أشغال الترميم    "وقائع سنوات الجمر" في كان 2025    إصلاحات كبرى في المناجم    عرض حول واقع الإعلام بالجزائر    عناية أكبر بذوي الاحتياجات الخاصة    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    علامات التوفيق من الله    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    شراء سندات الهدي بالبقاع المقدّسة من الجهات المعتمدة فقط    قبس من نور النبوة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة القرآن إلى الرسل والأنبياء
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 10 - 2017


الإسلام خاتم الأديان
نظرة القرآن إلى الرسل والأنبياء
د. راغب السرجاني
أرسل لله نبيَّه محمدًا وختم به رسالاته فكانت رسالته رحمة وهدى للعالمين فلم يَأْتِ رسول الله ليختلف مع الآخرين ويُثِيرُ البغضاء والشحناء بل جاء هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا إيمانًا من رسول الله بأن أنبياء الله جميعًا - عليهم صلوات الله وسلامه - إنما جاءوا بنفس التعاليم التي جاء بها لذلك حرص رسول الله دائمًا على إظهار هذا المعنى وآياتُ القرآن تدعوه إلى إعلان ذلك فيقول تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9].
وكانت معاملة رسول الله لأصحاب الديانات الأخرى معاملة راقية انطلاقًا من قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: 70] فلم يفكر يومًا في ظلم أحدهم أو قتله أو إجباره على اعتناق الإسلام أو إكراهه على تغيير دينه لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآَمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99].
ورغم ذلك فما زال هناك بعض الحاقدين يُثِيرون حول الإسلام ورسوله الكثير من الشبهات التي هو منها براء ولذا فقد أفردنا هذه المقالات لتناول حياة رسول الله مع غير المسلمين وآداب تعامله معهم.
الإسلام الدين الخاتم
منذ بعث الله نبيَّه محمدًا إلى العالمين بشيرًا ونذيرًا وهو يؤكِّد على حقيقة مهمَّة ألا وهي أن دينَ الأنبياء جميعًا هو الإسلام -منذ خلق الله I آدم إلى أن ختم الله رسالاته بمحمد - دينٌ واحد يدعو إلى عبادة رب ّ واحد I وإن اختلفت الشرائع في الأحكام الفرعيَّة وجاء القرآن الكريم معبِّرًا عن هذا المعنى في آيات كثيرة فقال عن إبراهيم : {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 127] وجاء على لسان يوسف : {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101].
فالإسلام ينظر إلى الأنبياء جميعًا نظرة تبجيل وتعظيم فاستحقَّ لذلك أن يكون الدِّينَ الخاتم للبشريَّة.
نظرة القرآن للرسل والأنبياء
منذ بداية الدعوة الإسلاميَّة والقرآن يتنزَّل بالآيات التي تشرح قصص الأنبياء انطلاقًا من كون الرسالة التي نزلتْ عليهم جميعًا واحدة -مهما اختلفت العصور والأماكن- وهدفها واحد وهو إخراج الناس من الظلمات إلى النور وهدايتهم إلى طريق الحقِّ تبارك وتعالى فكان القرآن واضحًا غاية الوضوح في بيان حقيقة العَلاقة بين الرسل جميعًا حيث قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 163 164].
ثم ها هو ذا القرآن المكِّيُّ يتحدَّث عن تكريم موسى - على سبيل المثال - فيقول: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص: 14] ويقول أيضًا: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144] ومثال ذلك كثير جدًّا في القرآن الكريم.
والأمر كذلك بالنسبة لعيسى فتجد القرآن المكِّيَّ يُمَجِّد قصَّته في أكثر من موضع فيذكر على سبيل المثال: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 30-33]. ويقول أيضًا: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام: 85].
وعلى هذا التكريم والتبجيل استمرَّ الوضعُ في فترة المدينة على ما كان فيها من صراعات وخلافات مع اليهود والنصارى وعلى ما حدث من تكذيب مستمر ّ منهم إلاَّ أن المديح الإلهي للأنبياء الكرام استمرَّ دونما انقطاع فربنا I يذكر موسى وعيسى عليهما السلام كاثنين من أُولي العزم من الرسل فيقول سبحانه في حقِّهما: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوح وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب: 7].
فإذا أخذنا في الاعتبار أن هذه السورة -وهي سورة الأحزاب- قد نزلت بعد خيانة يهود بني قريظة للمسلمين ومحاولتهم استئصال كافَّة المسلمين من المدينة أدركنا مدى التكريم الإلهي لموسى وعيسى عليهما السلام - وهما من أنبياء بني إسرائيل - وأدركنا كذلك مدى الأمانة التي اتَّصف بها رسول الله إذ ينقل تكريم الله لهؤلاء الأنبياء العظام على رغم خيانة أقوامهم وأتباعهم.
ولم يكن هذا الاحتفاء والاحترام لهذين الرسولين العظيمين أمرًا عرضيًّا عابرًا في القرآن الكريم بل كان متكرِّرًا بشكل لافت للنظر فعلى الرغم من ورود لفظ (محمد) أربع مرَّات فقط ولفظ (أحمد) مرَّة واحدة فقط نجد أن لفظ (عيسى) قد جاء خمسًا وعشرين مرَّة ولفظ (المسيح) إحدى عشرة مرَّة بمجموع ستّ وثلاثين مرَّة!! بينما تصدَّر موسى قائمة الأنبياء الذين تمَّ ذكرهم في القرآن الكريم حيث ذُكر مائة وست وثلاثين مرَّة!
وبالنظر إلى عدد المرَّات التي ذُكر فيها كل نبي في القرآن نُدرك مدى الحفاوة التي زُرعت في قلوب المسلمين لهم كما نجد أن لها دلالات لطيفة فأكثر الأنبياء ذكرًا في القرآن هم: موسى ثم إبراهيم ثم نوح ثم عيسى عليهم جميعًا أفضل الصلاة والتسليم وهم جميعًا من أُولِي العزم من الرسل ولا شكَّ أنَّ في هذا تعظيمًا وتكريمًا لهؤلاء الرسل خاصَّةً ولكن لم يأتِ ذِكْرُ رسولنا محمد -كما أشرنا قبل ذلك- إلاَّ خمس مرَّات بل إننا نرى في هذا الإحصاء أن سبعة عشر نبيًّا قد ورد ذكرهم أكثر من ذكر رسول الله ممَّا يدلُّ دلالة قاطعة على أن الإسلام يجلُّ كل الرسل والأنبياء كما يجزم هذا الإحصاء بأن القرآن ليس من تأليف رسول الله -كما يدَّعي كثير من الغربيين- وإلاَّ كان همُّه أن يُمَجِّدَ نفسه لا غيره.
ونتساءل: أبَعْد كل هذا الذِّكْر والتعظيم يقال: إن المسلمين لا يعترفون بغيرهم؟! مَنْ مِنْ أهل الأرض يعترف بنا كما نعترف نحن بغيرنا؟!
الإيمان بجميع الأنبياء
وعلى الرغم من قناعتنا أن رسول الله هو أفضل البشر وسيِّد الخَلْق إلاَّ أن القرآن الكريم يأمرنا بالإيمان بجميع الأنبياء دون تفرقة بينهم فيقول الله يصف الإيمان الأمثل الذي يجب أن تتحلَّى به أُمَّة الإسلام: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136].
هذا هو الإسلام في سعته وشموله لكل الرسالات وفي ولائه لكافَّة الرسل وفي توحيده لدين الله كله ورَجْعِهِ جميع الرسالات إلى أصلها الواحد والإيمان بها جملة كما أرادها الله لعباده .
كما أن القرآن يعدُّ تكذيب رسول واحد من الرسل تكذيبًا لجميع الأنبياء والمرسلين لقول الله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:123] وقوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوح الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:105] ويقول سيد قطب في الظلال تعليقًا على هذه الآية: وقوم نوح لم يُكَذِّبوا إلاَّ نوحًا ولكن الله I يذكر أنهم كذَّبوا المرسلين فالرسالة في أصلها واحدة وهي دعوة إلى توحيد الله وإخلاص العبودية له فمَنْ كَذَّب بها فقد كَذَّب بالمرسلين أجمعين فهذه دعوتهم أجمعين .
هذه هي الخلفية التي كان يضعها رسول الله في ذهنه عند الحديث عن الأنبياء والمرسلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.