مجلس المحاسبة يفضح المسيرين ويكشف صعوبة مهمّة الآمرين بالصرف تكلف عمليات إعادة التقييم الدورية للمشاريع ملايير الدينارات، بالموازاة مع تسجيل بطء في إطلاق المشاريع أو تنفيذها لتصل في بعض المرات إلى ثماني سنوات، بسبب عدم توفر الأوعية العقارية وبالنظر إلى الآجال الكبيرة لتنفيذ إجراءات التصديق على دفاتر الشروط، ونقص مكاتب الدراسة ومؤسسات الإنجاز المختصة القادرة على ضمان إنجاز المشاريع، وأثر عدد وحجم التجاوزات للآجال المسجلة من قبل المجلس على مواعيد الاستلام وتشغيل المنشآت والبنى التحتية إضافة إلى تكلفتها النهائية التي تتعرض إلى إعادة تقييم متكررة لرخص البرنامج الأولية لمختلف الوزارات. وسمح الفحص المنجز من قبل مجلس المحاسبة لميزانيات التجهيز بملاحظة عدد كبير من العمليات التي خضعت لإعادة التقييم أو إعادة الهيكلة، وفي بعض الحالات لكليهما في وقت واحد، وتعلقت التعديلات المنجزة في أغلب الأحيان بالتكاليف وحجم الأشغال وآجال التنفيذ أو حتى ببنية المشاريع، حسب ما تضمنه التقرير التقييمي لمجلس المحاسبة حول المشروع التمهيدي لقانون تسوية الميزانية لسنة 2012، الذي لاحظ على مستوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تسجيل 14 عملية للتجهيز تابعة لبرنامج دعم الإنعاش الاقتصادي، محل إعادة تقييم، حيث انتقلت من 4 . 008 مليار دينار إلى 6.123 مليار دينار، في حين شهدت ثماني عمليات أخرى انخفاض رخص البرنامج الخاصة بها، حيث انتقلت من 516 مليون إلى 470 مليون دينار فضلا على ذلك كانت 45 عملية منها 36 تابعة لنفس البرنامج محل إعادة الهيكلة. وبوزارة التكوين والتعليم المهنيين، شرعت الوزارة في إعادة تقييم عمليتين للتجهيز بمبلغ إجمالي يقدر ب500 مليون دينار، ولاحظ المجلس اللجوء المتكرر لعمليات إعادة التقييم على ميزانية التجهيز لوزارة الفلاحة، حيث قدرت الزيادات المسجلة بمبلغ إجمالي قدر ب7434 مليار دينار، أما وزارة النقل فقد تم إعادة عمليات تقييم مسجلة بعنوانها برسم البرنامج التكميلي لدعم النمو بقيمة 673.539 مليار دينار أي بزيادة تقدر ب72 في المائة، في حين عرفت تلك العمليات التابعة لبرنامج دعم النمو الاقتصادي ارتفاعا يقدر ب50 مليار دينار تمثل نسبة 7.98 في المائة. وسجل تقرير المجلس عدة عمليات تقييم متكررة بوزارة العدل تعلقت بتجهيز السجون بكاميرات المراقبة المسجلة منذ 2006 برخصة برنامج تقدر ب100 مليون دينار، باءت بالفشل بسبب عدم كفاية رخصة البرنامج التي مع ذلك خضع مبلغها لإعادة تقييم بمبلغ 1.300 مليار دينار أي 13 مرة الغلاف الأول، كما عرفت العملية المتعلقة بتهيئة وتجهيز المدرسة الوطنية لإدارة السجون بسور الغزلان المسجلة منذ عام 2008 عدة عمليات تقييم، حيث انتقلت رخصة برنامجها من 28 مليون دينار إلى 721.891 مليون دينار أي 26 مرة الرخصة الأولية، وهو الشأن ذاته للعملية المتضمنة إنجاز مقر المدرسة العليا للقضاء التي يعود تسجيلها إلى سنة 2008 برخصة برنامج مقيمة من جديد ب9.945 مليار دينار، وعرفت نسبة تقدم تقدر ب10 في المائة. من جهتها، قامت وزارة الشؤون الخارجية بإعادة هيكلة وتقييم عدة عمليات مثل تلك المتعلقة بدراسة وإنجاز وتجهيز المقر الجديد للوزارة المبلغة سنة 1999 برخصة مقدرة ب500 مليون دينار، حيث انتقل المبلغ إلى 18.900 مليار دينار سنة 2012 أي 38 مرة رخصة البرنامج الأولية بالإضافة إلى برنامج تكميلي لدعم النمو على التوالي سنوات 2000، 2004، 2010 أدت إلى تغييرات في التمركز لفائدة مراكز أخرى لم تكن معنية حسب مقررات برامج جديدة برخصة برنامج تقدر ب2.199 مليار دينار مبلغة في 2012، كما سجلت وزارة الداخلية إعادة تقييمات لرخص البرنامج في بعض الأحيان أكثر من 14 مرة.
هذه أسباب فشل سير المشاريع وعرفت العمليات المركزية لوزارة الثقافة في 31 ديسمبر 2012 إعادة تقييمات وصلت 25 في المائة، أي 6.38 مليار دينار منها 1.183 في عام 2012، كما عرفت ميزانية تجهيز وزارة الاتصال هي الأخرى سنة 2012 إعادة تقييم 7 عمليات تمثل نسبة 42.29 في المائة من رخصة البرنامج. وفي السياق، سجلت وزارة المالية عمليات مفردة في السنوات 2005 و2006 و2009 لدى مديرية الجمارك متعلقة بدراسة وانجاز 23 مركزا حدوديا للمراقبة بتبسة وتهيئة مقر المديرية العامة للجمارك وتهيئة وتوسيع مرقد بالدار البيضاء أعيد تقييمها في حدود 443 في المائة، 400 في المائة و367 في المائة على التوالي، كما لاحظ المجلس أن العملية المتعلقة بإنجاز وتجهيز مفشية جهوية للجمارك ببومرداس مسجلة في سنة 2004 ألغيت مرتين وتقدر نسبة تنفيذها ب2 في المائة، كما أعيد تقييم رخصة البرنامج المتعلقة بها في حدود 200 في المائة، وسجلت وزارة التجارة من جهتها إعادة تقييم 5 عمليات تجهيز بمبلغ 646.480 مليون. وحمل المجلس الضغوطات والعراقيل التي تصادف الإدارة المسيرة للبرامج للمشاريع للوزارات، حيث وبوزارة العدل يجد الآمر بالصرف صعوبات للإحاطة بمحتوى العمليات وإعداد دفاتر الأعباء والتحكم في دراسات المشاريع وحتى تقييم كلفات المشاريع، أما بالداخلية فقد لوحظت عدة نقائص في تحديد الاحتياجات وإعداد دفاتر الأعباء وتشابك الاختصاصات بين المصالح التقنية وتلك المكلفة بالتنفيذ المالي للمشاريع.