“أنا في الطريق الذي اخترته ولا يعنيني قلّة العابرين فيه أو كثرتهم لأنّي أضع تركيزي على هدفي، نعم لم أتخيّل يوماً بأنّي سأصل لِمَ أنا عليه اليوم، ليس انتقاصاً من قُدراتي، لا، وألف لا، بل لأقول بأنّ شخصيتنا تتطّور وقد قرأت من أيام كتاباً تحت عنوان: “إذا كنت على عجلة من أمرك فتمهّل” أشار خلاله الكاتب “لوثر سايفرت” إلى نظرية المراحل الحياتية المتتابعة والتي تنص على أنّ الإنسان يدخل كل سبع سنوات تقريبا في مرحلة جديدة من مراحل تطور شخصيته، وعليه لم يكن تفكيري منذ سنوات كما هو اليوم، تغيّرت اهتماماتي ومنه تغيّرت طموحاتي، وما من داعٍ للعجلة فنحن ننضج على مهل والأيّام تُعلّمنا وتصقلنا والنجاح الجميل يأتِ بعد العثرات والخيبات وعليه وجب ألاّ نقع فيما وصفه “سايفرت”: «بداء العجلة»”. * المسيرة في سطور الدكتورة ليندة طرودي من مدينة الجسور المعلقة “قسنطينة”، وُلِدت وترعرعت بحيّ شعبيّ في وسط المدينة “ربعين شريف” وبالضبط نهج عبد الحميد بن باديس، كان تحت منزلنا مطبعة العلاّمة بن باديس، كل سنة وبالضبط يوم العلم 16 أفريل يزورها الكبير والصغير…تقول ليندة” أتذكَّر بعض الأشياء التي تحتويها: مطبعة ورقية، عصا وبرنوس، تأتِ الصحافة أيضاً سنوياً لالتقاط الصور، كنت طفلة حينها ربما بسن الثامنة عندما رأيت صحافياً صينياً يحمل كاميرا متجهاً ناحية المطبعة ربما تأثرت به لذا كلما سألوني ماذا ستصبحين عندما تكبرين؟ أُجيبهم: صحافية بقناة الجزيرة، بعدها شاء الله أن ألِج تخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية، حفظت القرآن لفترة وجيزة بمسجد الأربعين شريفا على يد أقدم مشايخه وأتذكر حينما كان أبي رحمه الله يمزح معنا قائلاً أربعين شريفا وأبُوكم واحد وأربعون لأنّ اسمه المُتداول الشريف”. “أتممت تعليمي الابتدائيّ بابتدائية الفارابي أو التربية والتعليم بذاتِ الشارع، لأُواصِل بعدها المسار التعليمي بالمتوسط والثانوي كبقيَّة التلاميذ، ثمّ مضت السنوات بالجامعة ويوم 18 مارس من سنة 2018 ناقشت أطروحة تخرجي تحت عنوان: “مسار التحول الديمقراطي في مصر وتداعياته على الأمن الإسرائيلي بعد 2011″، بتخصص الدراسات الأمنية الدولية بجامعة الجزائر03 بتقدير مشرف جدا”. “لأدخل بعدها عالم البطالة الذي لم أتخيّله هكذا، لكنّه بدل أن يكون مُثبطاً حاولت ما استطعت أن أهرب منه فدرست بمركز وتحصّلت على دبلوم إدارة الموارد البشرية وشهادات أخرى في عديد المجالات صحيح لا أعمل حالياً، لكنّها زادت من خبراتي وثقتي بنفسي ولم أجلس مكتوفة اليدين بل حاولت وسأُحاول أكثر ما دام في العمر بقيّة”. * المشاركات الوطنية والدولية “بحُكم تخصصي ومتطلبات الدراسات العليا شاركت في عديد الملتقيات والأيام الدراسية بمختلف جامعات الوطن، كان لها أهمية كبيرة في تخفيف رُهاب الجمهور الذي يُعانيه الكثير منّا ويغفل عنه، ونتيجة التجارب المختلفة استطعت أن أتحدث بكلّ ثقة في أيّ مكان أتواجد فيه، بالإضافة إلى ذلك شاركت بمؤتمرات وملتقيات في كل من تونس والمغرب، لكن المشاركة التي أضافت لمسيرتي العلمية الكثير هي: الدعوة التي تلقيتها من أرقى المنتديات الشبابية باسطنبول العام الماضي وعلى إثرها دخلت أستوديو التصوير لثاني مرّة في حياتي لكن ليس لاجتياز مسابقة صحافية بل لتصوير محاضرات في تخصصي وبالضبط تحت عنوان: مدخل لتفسير التحول الديمقراطي والتي ستتوفر قريباً وسأسعد بمشاركتها مع مختلف الباحثين المهتمين بالعلوم السياسية وفوق هذا سيتحصلون على شهادة بعد اجتيازهم الاختبار النهائِيّ، والتعلُّم عن بعد من أساسيات العصر التكنولوجي السريع”. * الانجازات والجوائز الأدبيّة “لا أزال في بداية الطريق، وسأقول بأنّي قد ورثت حبّ الكتابة عن أبي ربما، إذ كتب لسنوات عديدة في جرائد وطنية ناطقة بالفرنسية رُغم إتقانه الشديد للغة العربية إلاّ أنّ ذلك ما كان متوفراً بوقته، أمّا أنا فاتجهت للكتابة بسن 15 بداية مع قصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وأخرى في حبّ الوطن لكنّها لم تدم طويلاً، واتجهت بعدها لكتابة النصوص والخواطر ليصدر لي أوّل كتاب سنة 2016 تحت عُنوان: “دموع الفراشة”. ” تلاه الكتاب الثاني الفائز بالجائزة الأولى بمسابقة الكاتب المتميز السنوية في موسمها الثالث سنة 2017 من تنظيم مؤسسات التدريب الاحترافي العالمية G.P.T.I، تحت عنوان: “اعترافات بنفسجيّة”. ” لأدخل بعدها مجال الكتابة القصصيّة ونجحت بتوفيقٍ من الله ببلوغ اللائحة القصيرة لجائزة «رونق المغرب» دورة 2019 بمجموعة قصصية تحت عنوان: “شهوة العالم السفليّ” وكنت الجزائرية الوحيدة بين أربعة مغاربة بلغوا القائمة القصيرة من بين 15 مجموعة قصصية وصلت إلى اللائحة الطويلة بعد فرزها من بين 180 مشاركة توصل بها الراصد الوطني للنشر والقراءة من كافة الدول العربية”. “أمّا بداية هذه السنة فكان من نصيبي الفوز بالمركز الرابع بدورة الإبداع الروائي الشتوي عن دار “يوتوبيا” للنشر والتوزيع، وروايتي الأولى قيد الطبع وستكون بالمكتبات بعد أيام إن شاء الله، تصنف في خانة الأدب السياسي تحت عنوان: “البجعة الحنطيّة: الرقص في محراب الشيطان”. “ولأنّي ذكرت الأدب السياسي فقد تمّ اختيار كُتيّب شاركت به ضمن سلسلة book . Fast في مسابقة عن دار الماهر للطباعة والنشر والتوزيع تحت عنوان: “الأدب السياسي وجدليّة المعنى” وهو موضوع نادر لا تتوافر فيه دراسات عربيّة، أتمنى أن يُدرج ذات يوم كتخصص في الجامعة”. * الآفاق والطموحات “لا أُحبِّذ الحديث عن أحلامي الكبيرة أُبقيها سراً فإن تحققت سيكون أثرها واضحاً وإن لم تتحقق ستكون الخيبة خفيفة، لكن رُغم ذلك سأبوح ببعض الطموحات التي من بينها النجاح في مجال الكتابة وأن يقرأ لي الناس من مختلف الأعمار واللغات بهذا العالم، أي أن تُترجم أعمالي يوماً ما وأن يتحوّل أفضلها إلى عمل سينمائي”. “أمّا في مجال تخصصي فأريد المواصلة في البحث وتوفير مواد علمية للأجيال القادمة حتى لا تُعاني من نقص المصادر كما عانينا نحن، فالمكتبات الجامعية للأسف ليست غنيّة بالإصدارات العالمية وطبعاً هناك ما أرنو إليه وسأتركه لليوم الذي سيتحقّق فيه بإذن الله”. * نصيحة إلى الشباب…” الحياة لم ولن تكون على مقاسِ أحد” “إلى الشباب المناضل أقولها وأضع تحتها سطران، إنّ الذي يعيش في مجتمعنا المُحبِط يا إمّا يختار العمل بصمت من أجل بلوغ أهدافه حتى لا يتعرّض للتنمّر ممّن تلبّسهم جُنون العظمة، أو يُكشّر عن أنيابه ويدخل حرباً لا طائل منها”. “نصيحتي أن تؤمنوا بأنفسكم وتُحافظوا على الإيجابيين حولكم وبالنهاية لا أحد سيعيش فشلكم لكن الجميع سيتساءلون على طريقة نجاحكم، فاعملوا وكافحوا لنيل ما ترنون إليه فالدنيا قصيرة كما أنّها لم تأتِ على مقاس أحلامنا، بل نحن من نُصمّم والله ولي التوفيق ودائماً ما يُريحني قوله تعالى في الآية 105من سورة التوبة: «وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»، لا تخف من طُموحك واعمل ما استطعت لتحقيقه إن أصبت فلك أجران و إن أخطأت فلك أجر”. * كلمة يجب قولها ” الواقع الذي نتخبّط فيه ليس بالهيّن خاصة في ظل الفساد المتفشِّ في الجامعات، وفي ظل تجاهل السلطات المعنيّة للبطّالين والدكاترة المُتخرجين، سأستغل الفرصة كمحاولة لنقل أصواتنا عن طريق الكتابة ولا أُخفيكم أنّي أتلقّ كميات استهزاء تعلّمت تجاهلها وسأواصل الكتابة حول الأمر ما دام يريح ضميري فنحن لا نتوسّل أحداً حتى نخجل بل نُطالب بأبسط حقوقنا ما دمنا شباباً فبإمكاننا بذل الكثير”. ” والتوظيف المباشر حل يجب أن نُضيف إليه حلولاً وبدائل أخرى تتمثل في فتح مسابقات على مستوى الوزارات والسفارات فتخصص العلوم السياسية تخصص النخبة وللأسف هذه الأخيرة مهمّشة بالجزائر وحتى لا أكون منحازة سأقول أنّ جميع التخصصات تُعاني وهذا دليل على أنّ الجامعات ومختلف القطاعات الأخرى غارقة في المشاكل ونتيجة غياب الرقابة والمساءلة حدث ما حدث”. ” و الحل أن تفتحوا قنوات حوار مباشرة معنا فنحن أصحاب الشأن ومستقبلنا يضيع ويتشتت فكيف سيكون حال الوطن إن كان شبابه يائِساً؟ أكثر ما يتمناه الهجرة إنّه حقاً لمن المؤسف أن تهرب الكفاءات لخدمة دول أخرى هي أصلاً أكثر تطوراً منّا”.