تم تدشين يوم الخميس لوحة تذكارية بساحة "ناسيون" (مقاطعة باريس 12) تخليدا لذاكرة الضحايا الجزائريين الذين قتلوا على أيدي الشرطة الفرنسية في مظاهرة سلمية يوم 14 يوليو 1953. وفي ذلك اليوم تعرض العديد من الجزائريين الذين خرجوا في مظاهرة بباريس للمطالبة بجزائر مستقلة للقمع من طرف الشرطة التي اطلقت عليهم النار. وقد خلفت هذه المجزة المنسية ستة قتلى جزائريين ونقابي فرنسي فيما اصيب حوالي أربعين شخصا بجروح. و شهد حفل التدشين الذي نظم بمبادرة من رئيسة بلدية باريس أن هيدالغو حضور جمهور غفير من بينهم منتخبين محليين و نقابيين و بعض المتظاهرين الجزائريين و أعضاء من عائلات الضحايا و مؤرخين. و وقف الحاضرون دقيقة صمت تخليدا لذاكرة ضحايا قمع الشرطة الفرنسية ضد جزائريين كانوا يطالبون باستقلال الجزائر بطريقة سلمية وذلك 16 أشهر قبل اندلاع حرب التحرير الوطنية. مجزرة مخفية ردحا طويلا من الزمن وذكرت نائبة رئيسة بلدية باريس المكلفة بالذاكرة كاترين فيوشاريي بمجازر 17 أكتوبر 1961 أين تم قتل الآلاف من الجزائريين على أيدى الشرطة و البعض تم القائهم في نهر السين و 8 فبراير 1966 في محطة المترو شارون بباريس حيث تم قمع متظاهرين مناهضين للمنظمة العسكرية السرية و حرب الجزائر. و ترى هذه البرلمانية أن هذه اللوحة التذكارية تهدف إلى "تهدئة الذاكرة و تضميد الجراح" من أجل "الحفاظ على الهدوء الذي تقوم عليه العلاقات" بين الجزائر و فرنسا . و من جهتها استحضرت عمدة المقاطعة ال 12 كاترين براتي-إلباز ظروف هذه المجزرة المرتكبة من الشرطة الفرنسية معتبرة أنها "نقطة سوداء" في تاريخ فرنسا و تأسفت على إخفاء هذه الجرائم لمدة طويلة "بالكذب" و "العدالة المنتهكة". و استذكرت أن الضحايا كانوا يريدون خلال المظاهرة التي نظمها النقابيون سوى شيئا واحدا يتمثل في "حرية بلادهم" معبرين عن "تعطشهم للاستقلال". و أوضحت السينمائية دانيال كوبفرشتاين خلال مداخلتها التي أنتجت فيلم وثائقي سنة 2014 بمدة 85 دقيقة بعنوان "رصاصات 14 يوليو 1953 مقتل متظاهرين جزائريين بباريس" أن مجزة الجزائريين التي صادفت يوم العيد الوطني 14 يوليو تبين "صلتنا مع الغير الذي هو مثلنا" حيث تم فيه تلطيخ الشعار الفرنسي +حرية مساواة أخوة+ بالدم. و أوضح لواج أحد الناجين من مجازر المظاهرة المنظمة من قبل الحزب الاشتراكي الفرنسي و التي انضم إليها جزائريين مناضلين من حركة انتصار الحريات الديمقراطية خليفة مولفي (86 سنة) عضو سابق آنذاك في الكنفيدرالية العامة للعمل أنه على الرغم من الانشقاقات التي كانت قائمة بين المصاليين و المركزيين إلا أن الجزائريين الحاضرين أعربوا عن وحدتهم من أجل استقلال الجزائر بعد مضي 120 سنة من الاحتلال الفرنسي. المجزرة تدل على أن العنف كان منتشرا على نطاق واسع لاسيما في الجزائر من جهته ذكر المؤرخ آلان روسيو صاحب كتاب "نوستالجيري: التاريخ اللامنتهي لمنظمة الجيش السري" في تصريح وجيز له بأن مجازر 14 يوليو 1953 "تدل على أن العنف كان منتشرا على نطاق واسع لاسيما في الجزائر" مشيرا إلى أن هذا العنف كان بمثابة "سرطان انتشر داخل المجتمع الفرنسي" آنذاك. وعن الاعتراف بالجرائم الاستعمارية يرى آلان روسيو أن الدولة الفرنسية "جد متأخرة" في هذا المجال مشيرا إلى أنه استحسن التصريحات التي أدلى بها في الجزائر المترشح للانتخابات الفرنسية ماكرون حين قال إن الاستعمار "جريمة ضد الانسانية". من جهة أخرى وحسب العديد من المؤرخين والشهادات فإن القمع مورس على جزائريين كانوا يتظاهرون سلميا وتعرضوا لاستفزازات مظليين عادوا من الهند الصينية مما أدى إلى اشتباكات مع الشرطة بساحة "ناسيون" قبل أن تتفرق المظاهرة غير أن الجزائريين الذين كانوا يرتدون بكل فخر" العلم الجزائري قرروا مواصلة المظاهرة بعض الوقت قبل أن يتفرقوا. وحسب عدة مصادر فإن الشرطة أطلقت النار "عمدا وبدون سبق انذار" على المتظاهرين مما أسفر عن 7 قتلى من بينهم 6 جزائريين وحوالي 50 جريحا من بينهم 44 جزائريا. وبالنسبة للجزائريين الذين قتلوا يتعلق الأمر بكل من عمار طابجادي (26 سنة) و عبد الله باشا (25 سنة) و لعربي داوي (27 سنة) وعبد القادر درانيس (31 سنة) ومحمد إيزيدور إيلول (20 سنة) ومدجان الطاهر. وللإشارة ستتواصل الأنشطة المبرمجة في اطار احياء هذه الذكرى يوم الجمعة بتقديم كتاب يتطرق لمجزرة 14 يوليو 1953 "رصاصات 14 يوليو 1953" للمؤلف دانيال كوبفرشتاين سيتبعه عرض فيلم حول نفس الموضوع.