فتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقا معمقا عبر العديد من الولايات، لضبط شبكات وطنية معقدة ومترابطة، اختصت في تهريب بنادق الصيد والبنادق المضخية ذات العيارات المختلفة متعددة الاستخدامات، فرنسية وإيطالية الصنع، روجت كميات كبيرة منها ضمن مسارات سرية وأضحت محل تداول بعد تزوير أرقامها التسلسلية ودمجها بملفات إدارية مبنية على رخص حمل سلاح قديمة. فتحت مجددا الفرق المتنقلة للشرطة القضائية وفصائل الدرك الوطني، ملف المتاجرة ببنادق الصيد الأوروبية المنشأ، حيث أمرت قيادة الجهازين فروعها الإقليمية بفتح تحقيقات معمقة لتحديد هوية أشخاص بصفة مغتربين وتجار صغار وأعوان مصالح إدارية وجمركية، احترفوا عمليات الغش والتلاعب في تهريب كميات معتبرة من قطع غيار بنادق الصيد والبنادق الكاملة قصد بيعها لفائدة أشخاص حاملي رخص أصلية من الدوائر المختصة، حيث اكتشفت عناصر الأمن مؤخرا عمليات تزوير واسعة للأرقام التعريفية للقطع المهربة بطرق سرية، ودمجها ضمن بيانات رخص البنادق القديمة المستخرجة سنوات السبعينات والثمانينات. وتعمل المصالح ذاتها على إجراءات اقتناء وتمرير تلك الأسلحة على المصالح المختصة، حيث حُركت التحقيقات على خلفية التزوير الكبير الذي رصدته مصالح أمن ولاية باتنة وتيبازة وسطيف وقسنطينة في أوساط الأشخاص الذين استفادوا من إجراءات الإرجاع الشامل للبنادق المسحوبة منهم مطلع التسعينات، علما أن الملف فجرته قضية استرجاع ترسانة من البنادق لدى إطار بالجمارك بولاية تيبازة شهر سبتمبر 2017، زيادة على قضايا متفرقة عالجتها مصالح أمن الجلفة وقسنطينة مؤخرا. يشتغل ضباط مختصون على التحقيقات الواسعة التي تستهدف القضاء على ظاهرة التجارة غير الشرعية لبنادق الصيد والأسلحة النارية، التي استفحلت خلال السنوات الأربع الماضية، خصوصا وأن المذكرات الأمنية التي أطلقتها قيادة الأمن الوطني، تشير إلى أن بعض محترفي التزوير توصلوا إلى طرق جديدة للغش والتزوير والتحايل على القانون، من خلال جلب أسلحة جديدة مصنوعة في دول أوروبية دون وثائق، ليتم تمريرها على مصالح الرقابة بتواطؤ أعوان وإطارات نافذة.
100 مليون مقابل تغيير أسلحة قديمة بأخرى جديدة
وحسب مصادر مطلعة، فإن جميع الإجراءات الخاصة بالحصول على رخص حيازة الأسلحة، ستخضع للمراجعة، علما أن عصابات التزوير عمدت إلى اقتناء أسلحة قديمة فاسدة من لدن المواطنين الذين تمكنوا مؤخرا من استعادة بنادقهم في إطار الإجراءات الحكومية المتعلقة بالإرجاع الانتقائي لبنادق الصيد، حيث تعقد صفقات بيع بمبالغ 20 مليون سنتيم بالنسبة للبنادق المتضررة، ويستفيد منها المتحايلون بغرض استغلال أرقام هياكلها فقط وتركيبها على هياكل البنادق الجديدة، قبل بيعها بمبالغ تتراوح ما بين 90 و140 مليون سنتيم، وهي الطريقة نفسها المستعملة في جرائم تزوير أرقام هياكل السيارات وأرقامها التسلسلية . وأخذت هذه العمليات رواجا كبيرا في الولايات الشرقية والغربية، بعدما تمكن التجار المحتالون من تمرير العشرات من البنادق نظرا للطريق الفنية التي مكنتهم من إحداث تغييرات غير مشكوك فيها لدى المصالح الإدارية، التي لا تمتلك إمكانيات الكشف عن مصدر تلك الأسلحة، خصوصا البنادق ذات الماسورتين العلويتين صنف واحدة فوق أخرى، إضافة إلى الماسورات، حيث يكتفي أصحاب الرخصة الأصلية بذكر هوية المالك فقط، فيما يذكر في الواجهة الأخرى من الرخصة نوع وطراز وعيار السلاح، وهكذا تنطبق مواصفات السلاح القديم على السلاح الجديد، وهو ما يسهل عملية التزوير والغش. ووفقا لمعلومات أمنية، فإن الملفات الحديثة ابتداء من سنة 2011، ستخضع للتدقيق لدى المصالح الأمنية، ولدى مديريات التنظيم والشؤون العامة، وسيتم متابعة المزورين لدى الجهات القضائية المختصة، مع حرمانهم من الحصول على رخص حيازة البنادق مستقبلا.