يتسابق الصائمون خلال شهر رمضان، للقيام بالأعمال التطوعية خاصة وأن مطاعم الرحمة تفتح أبوابها في هذا الشهر، حيث يجد الصائمون من محبي فعل الخير الفرصة سانحة للخيرات. في هذه الأسطر، حاولنا نقل جانب من حلاوة العمل التطوعي لدى نسوة فضلن هجر منازلهن لإفطار عابري السبيل. زارت "المساء" مطعما للرحمة بمدرسة أم سلمة بأعالي القصبة، أشرف عليه فوج الإرشاد التابع للكشافة الإسلامية الجزائرية في خرجة هي الأولى من نوعها بالنسبة للفوج، وما إن دخلنا الساحة التي خصصت للطبخ حتى وقفنا على الجو العائلي الذي صنعته المتطوعات، إذ كن يتبادلن أطراف الحديث وهن يحضرن الخضر المطلوبة لإعداد الأطباق التي اتفقن على طبخها. اقتربنا من السيدة نادية التي كانت تقطع البصل لتحدثنا عن فكرة التطوع قائلة "العمل التطوعي بالنسبة إلي ليس بالجديد لأنه سبق لي وأن عملت مع جمعيات في هذا الإطار، غير أن لهذا العمل في رمضان نكهته وحلاوته خاصة لأننا كصائمين نتطلع إلى تحصيل الكثير من الحسنات خلاله، لذا (نستطعم) الجهد الذي نبذله في سبيل مساعدة الغير". تواصل محدثتنا قائلة: "فكرة الطبخ لعابري السبيل مرجعها حبي الكبير للطبخ، وأعتقد أنه ليس هنالك ما هو أفضل من تحضير الطعام لمحتاج"، وتعلق "بمجرد أن اقترح عليّ الإشراف على تحضير الوجبات وافقت على الفور، حيث أبدأ التحضيرات عند الساعة الثامنة صباحا، ولا انتهي إلا بحلول موعد آذان العصر، وعلى الرغم من أني لا احتك بعابري السبيل إلا أني أسال يوميا عن نوعية الطعام، وما إذا كانت الكمية كافية وتغمرني فرحة عارمة عندما يقال لي أن كل عابري السبيل أعجبهم الأكل وأن الكمية نفدت و دعوا لي بالخير يزول عني التعب وأشعر بطاقة كبيرة لأبدأ يوما جديدا". عابر السبيل الذي يقصد مطعم الرحمة يشعر وكأنه في المنزل، لأننا تقول محدثتنا نحرص على أن تحوي المائدة على كل ما يشتهيه الصائم من طبق الشوربة والطبق المرافق له وأطباق السلطة والفاكهة أو المشروبات الغازية. في ردها على سؤالنا حول قدرتها على التوفيق بين التطوع وشؤونها المنزلية، تقول محدثتنا إن أيام رمضان التي أصبحت تتزامن وفصل الصيف الذي يعرف بطول اليوم فسحت لنا المجال واسعا للتطوع دون أن يؤثر ذلك على التزاماتنا اليومية، وبحكم أني من سكان القصبة لا أملك أي إشكال لأني أسكن بالقرب من المطعم وهذا ما زاد حماسي لفعل الخير.. أما عن التعب، فاعتقد أنه سرعان ما يزول لمجرد التفكير أني ساهمت في تفطير عدد من الصائمين. من جهتها، حدثتنا الحاجة آسيا غابات عن تجربتها مع العمل التطوعي فقالت: "يعرف سكان القصبة أني أشرف على الطبخ في الأعراس وبحلول رمضان سألت ما إذا كنت أحب فعل الخير فأجبت "ومن لا يحب فعل الخير وفي رمضان؟ وبعد أن عرضت علي المشاركة في عملية التحضير لمختلف الأطباق لفائدة عابري السبيل قبلت على الفور، فخبرتي الطويلة في مجال الطبخ جعلتني متعودة على تحضير الطعام وبكميات وافرة لذا لا أشعر مطلقا بالتعب أو الإرهاق، بل على العكس أحزن عندما أنتهي من التحضير ويحل موعد عودتي إلى البيت، لأن العمل الخيري له نكهة خاصة لا يشعر بها إلا من يمارسها، ومع الجو العائلي الذي نصنعه رفقة أعضاء الكشافة لا أحس أبدا بمرور الوقت... السبب الوحيد الذي يدفعني إلى القيام بهذا العمل الخيري هو الرفع من ميزان حسناتي، ولا أخفيكم تنتابني فرحة عارمة عندما يقال لي أن كمية الطعام التي تم تحضيرها نفدت وأنهم دعوا لنا بالخير، فهذا يكفيني، تقول الحاجة آسيا، واعتبره زادي الذي يعطيني انطباعا بالشبع حتى ولو لم آكل".