لطفي ربزاني كاتب شاب سيشارك لأول مرة في المعرض الدولي للكتاب بديوان شعري عنوانه «إنسان نووي» ونصوص سريالية «قبلات ارتدادية». اتصلت به «المساء» للتعرف عن فحوى عمليه وشعوره بمناسبة مشاركته في «سيلا22»، فكان هذا الحوار. ❊ ماذا تعني لك المشاركة في الصالون الدولي للكتاب؟ ❊❊— لا يمكنني حصر شعور مثل هذا في إجابة صغيرة، ولا الكلمات يمكنها أن تنقل حجم الفخر والعرفان لكل ما جعل هذا الحدث.. يحدث! من البديهي أن هذه المشاركة تُعتبر حلم كل إنسان يعتبر الكتابة أو الكلمة حاجة حيوية، والتعبير عنها بأيّ جنس أدبي. كما أنّني أرى أنّ الكتابة تمثّل غذاء للروح وتجسيدا نسبيا للمبادئ، وعنوانا للأحاسيس المدفونة في أعماق الذات. إن عملية الكتابة، ثم نشر العمل بحد ذاته هو إنجاز؛ فما بالك لو كان العمل نفسه يُعرض على ملايين البشر المتلهفين للكنوز المدونة للأفكار والإبداع والرسائل الإنسانية. كما يعرض للقراء والمثقفين ولكتّاب آخرين والفنانين بجانب مؤلفات عالمية متنوعة. بكل صراحة، مشاركتي في الصالون الدولي للكتاب كنت أشتم رائحتها الزكية منذ أكثر من سنة، حين نشرت أول مؤلف لي «إنسان نووي» إلكترونيا وشرعت في إجراءات النشر الورقي، لكن تعذرت مشاركتي في طبعة السنة الماضية لضيق الوقت. وهذا العام أنا مسرور جدا لأنني سأشارك ليس فقط بمؤلف واحد بل باثنين! ❊ حدثنا عن خبايا ديوانك «إنسان نووي» مولودك الأول. ❊❊«إنسان نووي» مولود كتابة دامت حوالي ست سنوات، ومهما يكن من أعمال مستقبلا أعترف بأن كتابي الأول سيبقى الأقرب إلى قلبي؛ لأنه قطعة مني، هو مكتوب بصوت روح مبدؤها الحب والجمال والحرية والحياة، بعقل لا يكفّ عن التفكير، بدمع، بغضب، بعتاب، بهذيان بضعف وبقوة، وبكل ما أوتيت من شغف وجموح.. خاصة بخيالٍ.. كوني «إنسانا نوويا» يحتوي 35 قصيدة كرونولوجية متحررة من قيود الوزن، بكلمات وأفكار القرن العشرين، مشكَّلة من أساطير الإغريق والرومان وسحر الكون بكل أجزائه. قُسمت القصائد إلى خمسة أجزاء أسقطت عليها مراحل تطور الكون وما يشكله: بيغ بانغ، تمدد، ثقب أسود، كون مفقود، حضارة بيونجمية. وفي هذا السياق، سيلاحظ القارئ كثرة استخدام المصطلحات العلمية، الفيزيائية للرمز. كما سيجد من خلال الكتاب ومهما كان عرقه أو جنسه أو دينه، ضالته من المشاعر والأحاسيس والتحفيز الفكري، فقصائدي إنسانية ومجردة من الذكورة والأنثوية والنسب، بل لكل إنسان هويته «الكون». أعتقد أن في الأدب هناك الشعر، هناك الرواية، هناك الخاطرة، هناك النصوص منها المسرحية، هناك القصة وغيرها، وهناك «إنسان نووي»، قد يكون جنسا أدبيا هجينا نسبيا، ومؤكد أنه ليس الأفضل، لكنني متأكد أن ما يأتي به هو غير مألوف إطلاقا، ناهيك عن الرسالة الإنسانية التي يحملها، والتي أتمنى أن يستوعبها القارئ الذي سيقرأ قصائد حرة جدا، مما سيحفّزه فكريا، حيث سيعيش التمرد خلال جولة في الكون بمشاعر متفجرة. أما عن اختياري لهذا العنوان فلأنه بكل بساطة لا عنوان غيره، من الواضح أن العنوان مركّب من كلمتين ولكل واحدة دلالتها، سأترك القارئ يكتشف معنى «إنسان نووي» خلال قراءته للكتاب. ❊ ماذا عن عملك الثاني؟ ولماذا صنفته ضمن الأدب السريالي؟ ❊❊— «قبلات ارتدادية» هو ثاني عمل لي، ويُعد نصوصا سريالية متتابعة ومركّبة في قالب مرقّم، يعكسه منطق رياضي. الكتاب مُركّز إدمان، هوس وصراع داخلي، يتجلى في نصوص ذات لغة وعبارات عميقة وأسلوب سريالي بحت. سيدخل القارئ منذ أول نص «سيجارة رقم واحد» في عالم غريب مشفّر تغلب عليه المصادفة، كذلك هناك لجوء إلى عالم التناقض والتجسّدات وانفلات الخيال، بالإضافة إلى الهذيان الذي يرشد إلى أعماق الذات. بالمقابل، رغم أن أغلب النقاد والمفكرين يرّجحون أن السريالية تعبير عن العقل الباطن إلا أني أرى أنها تأتي من الأنا؛ لأن اللغة والأسلوب متحكَّم فيهما. كما تتشابك النصوص نسبيا، والتي هي مرقمة ومقّسمة مبدئيا إلى»سجائر (رقم واحد، اثنان....)، قبلات، انتصابات، كليشيهات، بالإضافة إلى نصوص أخرى تتشابك برمزها و دلالاتها مع أرجاء الواقع الراهن. ❊ ما علاقة عملك الأول بالثاني، هل يتشابهان في نقاط معيّنة؟ ❊❊— الأسلوب المستعمل في «قبلات ارتدادية» غامض ومتشائم، هو مهدم وباحث عن بديل لترجمة المشاعر والأفكار. كما له بعد آخر، وقد يشبه أسلوب كتابي «إنسان نووي» نسبيا. من الجانب الرمزي، أعتقد أنه يحطم القواعد والشكل ويرفض المنطق؛ فقد أهملت اللغة ولم أخضع لقواعدها، حيث أترك الكلمات والعبارات تعمل وتؤثر بكل استقلال، تتزاوج فيما بينها أو تتنافر، مؤلفة صوراً، وكاشفةً عن مشاهد، قصص، واقع... وإدمان. بالمقابل، أظن أن السريالية هي من تحبني، حيث يظهر الأسلوب السريالي في العديد من قصائد «إنسان نووي»، على غرار «قبلات ارتدادية»، فأنا أعشق استخدام الرمز واللغة القابلة للتأويل. ❊هل من عمل أدبي جديد في الأفق؟ ❊❊— أحاول ألا تكون كتاباتي نمطية أو مواضيع مستهلكة، أحترم كل الأعمال الإبداعية لكني أفضل تلك الخارجة عن المألوف، الأصلية والتي تحمل قيمة إضافية للأدب. لديّ العديد من الأفكار المجنونة منها مشاريع روايات، سأعمل جاهدا لتكون في المستوى. ❊ كيف ترى واقع أدب الشباب في الجزائر؟ ❊❊— في رأيي أن هناك الأدب وكفى، فبغض النظر عن أجناس وأنواع هذا الأخير، فالكتابة جودتها ورقيّها ليست حكرا على أي مرحلة من العمر. من الملاحظ أن هناك ثورة فكرية وأدبية في مجتمعنا وهذا أمر رائع، فبعدما كان النشر مثلا محتكرا من طرف مجموعة من الكتاب وكون معظم دور النشر لا تنشر إلا الأسماء المعروفة أو تطالب بمبالغ خيالية للنشر وأحيانا تسرق الأعمال أو يستغل الكتّاب كبار السن الشباب لامتصاص أفكارهم الإبداعية، حيث لم يكن هناك تنوع في الأعمال الأدبية وكان نوع من الركود الأدبي، لكن تحطمت هذه القاعدة «السلبية» و»الشريرة»، وظهرت بعض المؤسسات الفتية التي تشّجع الكتّاب الشباب على نشر أعمالهم، ومثل جيد عن ذلك «دار المثقف». فبعد الانتقاد اللاذع لكمّ الإصدارات الجديدة المعتبر من طرف بعض الكتاب وبعض الذين لا علاقة لهم بالكتابة وبعض الحاسدين، فقد فشلت المقاومة وتقبلت فكرة «الثورة الأدبية»، وأن لكل من لديه ملكة إبداع من حقه إظهارها للعالم، فالوقت والنقد كفيلان بغربلة الممتاز من الرديء.