أودع الرئيس الجنوب إفريقي السابق، جاكوب زوما، السجن بتهمة التورط في فضائح فساد في سابقة لم يشهدها هذا البلد الإفريقي منذ سقوط نظام "الأبارتيد" تسعينات القرن الماضي. وقرر زوما تسليم نفسه إلى الشرطة للشروع في تنفيذ عقوبته بالسجن 15 شهرا بعد إدانته بتهمة "احتقار القضاء" ليضع بذلك حدا لحالة ترقب سادت دولة جنوب إفريقيا في الآونة الأخيرة بعد أن كان رفض مرارا الذهاب إلى المحكمة للتحقيق معه ومساءلته في قضايا تتعلق بالفساد، معتبرا أنه محصن ولا يمكن إدانته ولا سجنه. وشكلت مثل هذه الخطوة من زوما، المعروف عنه شخصيته الكاريزمية والذي سبق وكسب نبله واحترامه بقضائه عشر سنوات سجنا إلى جانب أيقونة مكافحة نظام التمييز العنصري، نيلسون مانديلا، امتحانا ذا أهمية بالغة لمؤسسات الديمقراطية الفتية في جنوب إفريقيا. وكان القضاء الجنوب إفريقي منح زوما البالغ من العمر 79 عاما مهلة إلى غاية الخميس الماضي للانصياع طوعا لقرار المحكمة بسجنه، وحذره من اقتياده بالقوة في حال رفض ذلك. ويبدو أن محاولة الرجل الذي حكم جنوب إفريقيا لتسع سنوات كاملة للنجاة من سلطان العدالة باءت كلها بالفشل، ما جعله يقرر الذهاب بنفسه إلى أحد السجون بمسقط رأسه بمقاطعة "كاوازولو- ناتال" لقضاء عقوبته. ونشرت المؤسسة التي تمثله مساء الخميس، على موقعها على "تويتر" صورة ليلية لمكان اعتقال زوما مرفوقة بتعليق "هذا هو المكان الذي يُسجن فيه الرئيس زوما وهو جد، يبلغ من العمر 79 عاما دون محاكمة"، معتبرة أن "البلد يعود إلى أيام الفصل العنصري.. حزينة جدا". غير أن جزءا كبيرا من المجتمع الجنوب إفريقي، رحب بسجن زوما بما يتماشى واحترام مبادئ الديمقراطية بقناعة أنه لا يجب أن يكون أحد فوق القانون. والمؤكد أن متاعب زوما مع قضاء بلاده لا تزال مستمرة وهو الذي يواجه اتهامات بالضلوع في قضية رشوة تعود لأكثر من 20 عاما. ويواجه أيضا 16 اتهاما بالاحتيال والتزوير والاختلاس تعود لصفقة شراء طائرات مقاتلة وزوارق دورية ومعدات عسكرية عام 1999 من خمس شركات أسلحة أوروبية مقابل مبلغ يعادل آنذاك قرابة خمسة مليارات دولار.