أرقامي .. خدمة جديدة    عطّاف يستقبل دي لا كروا    24 ألف دينار و18 ألف دينار    عبد اللطيف تلتقي نظيرها البيلاروسي    مهرجان دولي للكسكس    وكالة الأنباء الجزائرية تطلق قسما باللّغة الصينية    حلول إفريقية لتطبيب أوجاع إفريقيا    توجيهات الرئيس ورقة عمل لمكافحة الغش والتهريب وضمان مخزون استراتيجي    رئيس الجمهورية يعزز الإصلاحات الاجتماعية التاريخية ويدعم القدرة الشرائية للمواطنين    20 سنة سجنا و200 مليون غرامة للسائقين المتهورين    وفد الشرطة الصينية يزور مديرية الوحدات الجمهورية ومقر "الأفريبول"    تفكيك شبكة إجرامية خطيرة    الاحتفال بعشرينية مشروع "Raï'N'B Fever"    الرئيس تبون يشدّد على أهمية المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة: "شريان يربط إفريقيا بالعالم"    وزير المالية يعرض مشروع قانون المالية 2026 أمام مجلس الأمة    أخطاء أينشتاين الجميلة    عطاف يدعو إلى مضاعفة الجهود لصياغة حلول إفريقية خلال الندوة الرفيعة للسلم والأمن    المقاومة.. فلسفة حياة    صالون دولي للصناعة في الجزائر    أديوي: على الأفارقة توحيد صفوفهم    الرئيس يُهنّئ ممثّلي الجزائر    أمطار منتظرة بعدّة ولايات    كأس العرب تنطلق اليوم    تعرّضتُ للخيانة في فرنسا    أكاديميون يشيدون بمآثر الأمير عبد القادر    4 ملايين طفل معني بالحملة الوطنية    لنضالات الشعب الجزائري دور محوري في استقلال دول إفريقيا    توفير أوعية عقارية مهيأة للاستثمار بقسنطينة    متابعة نشاط الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة    انطلاق حملة التلقيح ضد شلل الأطفال    منظمات وأحزاب تدافع عن حقّ الصحراويين    ضرورة استخدام التكنولوجيا في مجال التنبؤ والإنذار المبكر    حجز مبالغ غير مصرح يقدر ب 15000 أورو    الرئيس تبون يعزي عائلة العلامة طاهر عثمان باوتشي    الطريق إلى قيام دولة فلسطين..؟!    تصريحاته اعتُبرت مساسًا برموز الدولة الجزائرية وثورة التحرير    إعلان الجزائر" 13 التزاماً جماعياً للدول الافريقية المشاركة    مخطط لتطوير الصناعة الصيدلانية الإفريقية آفاق 2035    الروابط بين الشعبين الجزائري والفلسطيني لا تنكسر    المدارس القرآنية هياكل لتربية النّشء وفق أسس سليمة    دعم الإنتاج المحلي وضمان جودة المنتجات الصيدلانية    دورة طموحة تحتفي بذاكرة السينما    مدرب منتخب السودان يتحدى أشبال بوقرة في قطر    محرز يقود الأهلي السعودي للتأهل إلى نصف نهائي    "الخضر"يدخلون أجواء الدفاع عن لقبهم العربي    إتلاف 470 كلغ من الدجاج الفاسد    الفنان عبد الغني بابي ينقل نسائم الصحراء    أسرار مغلقة لمعارض الكتاب العربية المفتوحة!    اللغة العربية والترجمة… بين مقولتين    وفاة مفاجئة لمذيعة شابّة    الخطوط الجوية الجزائرية تصبح الناقل الرسمي للمنتخب الوطني في جميع الاستحقاقات الكروية    قسنطينة تهيمن على نتائج مسابقة "الريشة البرية" الوطنية لاختيار أحسن طائر حسون    البرلمان الجزائري يشارك في الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس المجلس الوطني الصحراوي    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    هذه أضعف صور الإيمان..    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ.. بلزاك الرواية العربية
نشر في المساء يوم 22 - 09 - 2021

فن الرواية مدين لنجيب محفوظ، فهو بلزاك الرواية العربية، لا يختلف على ذلك اثنان من النقاد، ويمكن اعتبار كتابات الرواد، أمثال العقاد، طه حسين، الحكيم ،هيكل، يحي حقي والمازني، المحاولات التأسيسية الأولى. نجيب محفوظ (1911/30 أوت 2006) ابن حي الحسين الشعبي بالقاهرة، نشأ في بيت يتميز بالسماحة واليسر والمرونة، بعكس ما أشيع بأن أحمد عبدالجواد في الثلاثية، وهو القاسي الصارم المولع بالنساء، هو والد نجيب محفوظ، وقد ظل محفوظ ينفي ذلك نفيا قاطعا.
في هذا الحي الذي يتميز بالأواصر الاجتماعية والإحساس العميق بالانتماء إلى الحارة والوطن، فتح الولد بصره على عالم الطفولة البريء ومرحها، ودنيا المنشدين والمقرئين والقصاصين الشعبيين والمتصوفة ومجالس العزاء والطرب، كما هو عالم السياسة، حيث نما الشعور الوطني بالرغبة الجارفة في التخلص من الاستعمار، كما تجلى ذلك أيضا في نضال زعيم الوفد سعد زغلول القدوة في العطاء وحب الوطن والثبات على المبدأ، وقد أحبه محفوظ وانتمى في عمقه إلى الوفد.
كما كان عالم الأدب يسير ثابتا نحو التأصل والتجديد، فالشعر بذخت راية الكلاسيكية فيه على يد البارودي وشوقي وإسماعيل صبري وحافظ، والنثر تخلص من الركاكة والإسفاف والتصنع والحذلقة البيانية، وغدا نثرا فنيا رفيعا جامعا بين عمق الفكرة ورصانة اللغة في غير تكلف، والمحاولات التأسيسية النقدية تتقدم على يد سيد علي المرصفي وأحمد الإسكندري وحفني ناصف، ثم العقاد وطه حسين فيما بعد.
اكتشف الفتى نجيب في نفسه ميوله الفكرية والفنية معا، فقد كان محبا للموسيقى وكبار مطربيها في ذلك الوقت عبده الحامولي، صالح عبدالحي ومنيرة المهدية، كما جذبته مجالس العزاء والذكر وظل دائما يحرص على سماع صوت القارئين الكبيرين في ذلك الوقت، الشيخ علي محمود والشيخ محمود البربري. هكذا كانت مصر الناهضة والباحثة عن حريتها في مطلع القرن العشرين، مصر المكافحة ضد الاستعمار البريطاني، تتعانق على أرضها ثلاث حضارات كبرى، الفرعونية والعربية الإسلامية والقبطية.
والسائر في القاهرة يستطيع أن يستجمع ذلك بنظرة واحدة، إضافة إلى جماليات الحارات الشعبية وثقافتها وأواصرها الاجتماعية، وانخراطها في الكفاح ضد الاستعمار، وقد كان لها النصيب الأوفر في ثلاثيته فيما بعد "بين القصرين"، "قصر الشوق" و"السكرية".
انتسب نجيب إلى قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، وتتلمذ للشيخ مصطفى عبدالرازق الذي احتفظ له بشعور المحبة والتقدير، فقد كان الشيخ مصطفى عبدالرازق جامعا بين العلم والحلم والتواضع، ثم انخرط بعد التخرج في الوظيفة في وزارة الأوقاف حتى أحيل على المعاش. ولعل الكثيرين يتعجبون أشد العجب من قدرة نجيب على الالتزام الوظيفي والإبداع الأدبي، فمن المعروف أن الوظيفة روتين قاتل، كما أن علاقاتها قائمة على الرياء والمحاباة والانتهازية والتآمر، في حين نجح نجيب في مساره الوظيفي دون أن يؤثر ذلك على مساره الإبداعي، وذلك يرجع إلى صرامته وانضباطه وتفريقه بين الوظيفة، ككسب للقمة العيش، وبين حياة شخصية قوامها الميل إلى الإبداع والميل الفطري، الذي تعضده الموهبة، ولم يسمح لجانب أن يؤثر على الجانب الآخر، وهكذا نجح في أن "يعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله".
أما الذين تأثر بهم من الكتاب، فهم العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم الذي جمعته به الصداقة والزمالة في مؤسسة الأهرام، ثم سلامة موسى الكاتب والمفكر اليساري الذي نشر عنده بعض المقالات وبعض الروايات الأدبية، ومن الكتاب العالميين، لاشك أنه أعجب ببلزاك وبروست وماركيز، ولكنه لم يعجب بتيار اللارواية الذي دشنه ألان روب غرييه ونتالي ساروت، وأعلن أنه لا يفهمه.
يميز النقاد في مسار الكاتب الإبداعي بين ثلاث مراحل، فالمرحلة الأولى هي التاريخية أو "الفرعونيات"، كما تسمى أيضا، حيث دشنها بثلاث روايات فرعونية هي؛ "رادوبيس" و"عبث الأقدار" و"كفاح طيبة"، وقد اعترف أنه كتبها متأثرا بروايات جرجي زيدان التاريخية، وكان في نيته أن يتم هذه المشوار بروايات تاريخية أخرى، لكنه لم يفعل، لينطلق في المرحلة الثانية، وهي الواقعية، ومن أشهر روايات هذه المرحلة "خان الخليلي"، "القاهرة الجديدة"، "زقاق المدق"، "بداية ونهاية"، وتأتي الثلاثية "بين القصرين" و"السكرية" و"قصر الشوق"، التي توجته أديبا عالميا ووشحته بوشاح نوبل وجائزته العالمية، لتؤرخ تأريخا فنيا وواقعيا لمرحلة في تاريخ مصر، من خلال الحارة في علاقاتها الاجتماعية وصيرورتها التاريخية وسياقاتها الزمنية والمكانية، جاعلا من ثورة 1919 قطب الرحى ومدار الأحداث والإطار المرجعي، وليس صحيحا ما زعمه لويس عوض من أن الرواية أضرت بأحداث ثورة 1919، ولم تتناول تفاصيلها وخلفياتها وأحداثها، فقد كانت مهمة الكاتب التأسيس الفني وليس التوثيق التاريخي وطبعا دون إهمال التاريخ.
وفي المرحلة الثالثة، اتجه الكاتب إلى الرمزية دون الاهتمام بالتفاصيل الواقعية، حيث تناول القيم والمعاني المجردة، كما في روايته الإشكالية "أولاد حارتنا"، التي كتبها بعد ثورة يوليو 1952، وبعد توقف عن الكتابة لمدة خمس سنوات، من سنة 1952 حتى سنة 1957. نال محفوظ جائزة نوبل عام 1988، كاعتراف بإنجازاته الأدبية واعتراف بعالمية الأدب العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.