يربط الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول بين تأثير التوترات الجيوسياسية على سوق الغاز وأسعاره وبين تطورات السوق النفطية العالمية، حيث يعتبر أن التخوّفات المستمرة من نقص إمدادات الغاز في أوروبا تزيد من الطلب على النفط وبالتالي ترفع أسعاره. وانعكس قرار مجموعة "أوبك+" الذي اتخذته الأربعاء الفارط، والقاضي بالإبقاء على اتفاق التعاون من دون تغيير وعدم زيادة كميات إنتاج إضافية، على السوق بصفة مباشرة معززا المنحى التصاعدي لأسعار الخام التي اقتربت في تداولات أمس من سقف 93 دولارا للبرميل بالنسبة لبرنت وفاقت 92 دولارا للبرميل بالنسبة للخام الأمريكي. وأكد خبراء أن الارتفاع القوي للنفط لا تقتصر أسبابه على التوترات الجيوسياسية، وإنما تمتد إلى تزايد مخاوف تأثير الطقس البارد على الإنتاج النفطي في بعض المناطق من العالم، ما ينتج عنه تفاقم في أزمة شُحّ المعروض في الأسواق العالمية. وساهم شحّ الإمدادات العالمية والتوتر السياسي بأوروبا في رفع أسعار النفط بنحو 15 بالمائة منذ بداية العام، ولا يزال الطلب يرتفع بشكل تصاعدي، بعد هبوط مؤقت بتأثير من انتشار متحور فيروس كورونا "اوميكرون"، إلا أن الاستهلاك عاد للارتفاع سريعاً. ويتزامن ارتفاع أسعار النفط مع ارتفاع أسعار الغاز، مثلما يوضحه الخبير مبتول في مساهمة حول اضطرابات السوق الطاقوية العالمية في ظل التوترات الجيوسياسية، مشيرا إلى صعود الأسعار الفورية في أوروبا وآسيا من 30 إلى 40 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية ، مقابل حوالي 9 و12 دولارا بين 2019 و2020 مؤثرة على سعر النفط. في ظل هذه الأوضاع، يرى الخبير أن الجزائر تظل لاعبا استراتيجيا في السوق الطاقوية، لاسيما في توريد الغاز لأوروبا على وجه الخصوص. حيث يذكر بأن الوجهة الأولى للغاز الجزائري لا تزال السوق الأوروبية ، وخاصة إيطاليا (35٪) وإسبانيا (31٪) وتركيا (8,4٪) وفرنسا (7,8٪). ويجزم الخبير بقدرة الجزائر على الاستفادة من التوترات بين روسيا والغرب، بشرط معالجة بعض العوائق الاقتصادية، لاسيما الاستهلاك المحلي المرتفع وتعدد المنافسة، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن الاستهلاك المحلي المرتفع قد يتجاوز الصادرات الحالية بحلول عام 2030 (الملف مرتبط بسياسة الدعم دون الاستهداف وقبل كل شيء بمزيد من الصرامة في الميزانية وإستراتيجية دعم الصادرات خارج المحروقات)، مشددا على ضرورة إنعاش الاقتصاد الوطني في عام 2022 وتسريع مسارات الانتقال الطاقوي والمزج الطاقوي والفعالية الطاقوية، وقبل كل شيء تطبيق صرامة أكبر في تخصيصات الموارد المالية للبلاد.