❊"الوعدة ".."البركة" و"الكريمة" تسميات بدلالات اجتماعية متميزة لا يزال فن "القرقابو" الذي اشتهرت به مدينة وهران، يجد مكانه رغم التطور و العصرنة و مختلف التحديات و ذلك لارتباطه الوثيق ب«الوعدة"، أو ما يعرف محليا ب "الزيارة" حيث يجوب يوميا عدد من الشباب حاملين الطبل و القراقيب هاتفين بأشعار و أغاني من التراث. حسب كمال أحد أفراد فرقة "القراقابو"، الذي التقيناه وسط مدينة وهران، رفقة زميله فإن هذا النشاط التقليدي يعد من التراث المحلي لمدينة وهران، والذي يعود لعشرات السنين حيث ثوارته أبا عن جد و كان جده رئيس فرقة "القرقابو" أو "القمبري" وهو الآلة التي حملت الطريقة تسميتها . أوضح كمال بأنه ومنذ القدم جرت العادة بمنطقة كريشتل، الواقعة ببلدية قديل شرق مدينة وهران تنظم وعدة سنوية وذلك من خلال ذبح ثور كبير والذي يطوف به عبر أزقة المدينة وسط أهازيج و ابتهالات و أناشيد يقابلها المواطنون و الموريدون ب "الزيارة"، و هي صدقة من نقود تذهب لصالح أعضاء فرقة "القرقابو" وذلك ل«البركة" أو التبرك ب«الوعدة" و تحقيق الأمنيات، على حسب معتقدات سكان مدينة وهران، و يتم بعد انتهاء الطواف بالثور وجمع "الزيارة" ذبح الثور و توزيع لحومه صدقة على المحتاجين و إطعامه صدقة في طبق الكسكسي لصالح الزوار. و أكد كمال بأن ممارسة فن "القرقابو"، ليس مهنة خاصة يتفرغ لها ممارسوها بل هو مبادرة ومحبة المريدين لهذه الطريقة التقليدية والتراثية، كما أوضح كمال بأن النشاط يعتمد على آلة الطبل الكبيرة الحجم والمعروفة باسم "الكريمة" المصنوعة من جلد المعز وتعتمد على عصا خشبية للضرب عليها حيث يقوم هو شخصيا بصناعة الطبل بعد أن تعلم الحرفة من والده، كما يتم تزين الطبلة ب«الحناء" ضمن تقاليد استخدام الطبل ومعتقدات ممارسي هذا النشاط، كما تعتمد الفرقة على "القراقيب" وهو آلة مصنوعة من الحديد ومعروفة لدى كل ممارسي "القراقابو" وهي الآلة الأساسية في الاحتفالات والمتميزة بإيقاعها المعروف وقد ارتبط اسمها بفرق "القرقابو" على مر الزمن . كما كشف كمال بأن "القرقابو"، يصاحبه فن "الديوان" الذي يعد من هو أيضا من التراث ويبرز أواصر التماسك داخل المجتمع من خلال الجلوس على الأرض لكل الحضور والمدعوين دون تمييز وسط أهازيج وتصفيق و شعارات متعارف عليها ويغلب على هذه الجلسة الأخوية آلة "القمبري"، برنينها وموسيقاها الخاصة التي تحفز الحضور والذين يقومون كذلك بالتبرع في الغالب لمساعدة شخص أو المساهمة في جمع تكاليف عرس الشباب المقبلين على الزواج. و حول مصير هذا الفن التراثي الذي له أبعاد اجتماعية خاصة، أكد كمال، بأن مشاكل كبيرة أصبحت تهدد هذا الفن الاجتماعي و خاصة ارتفاع أسعار الثيران بالأسواق و الذي أصبح ثمنها يصل لحدود 50 مليون سنتيم ما يعد من المستحيل توفير ثمن ثور واحد، غير أن ذلك لم يمنع من بقاء طابع "القرقابو"، الذي تحافظ عليه العائلات ليبقى من رموز مدينة وهران.