افتتح وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، أمس، بفيلا بولكين بحسين داي أشغال اليوم الدراسي "الذكاء الاصطناعي والتراث المعماري الجزائري: الرهانات، الاستخدامات والآفاق"، تم فيه إبراز دور الذكاء الاصطناعي كأداة مبتكرة لتحسين حفظ التراث وتثمينه ونقله، زيادة على دعمه للبحث العلمي من خلال استغلال البيانات التاريخية، كما تم بالمناسبة تقديم بعض النماذج ومشاريع البحث. أقيمت الفعالية بالتعاون مع المجلس الوطني لنقابة المهندسين المعماريين ومؤسسة التراث والمدينة والعمارة ، وتم فيها طرح ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من خدمات أفضل للمعالم الأثرية من خلال أدوات التشخيص التنبؤ، والمراقبة الآلية، والنمذجة ثلاثية الأبعاد، مع تدعيم البحث العلمي من خلال استغلال مجموعات كبيرة من البيانات التاريخية. تطرق المتدخلون إلى مختلف الاستخدامات ، وكيف يوظف الذكاء الاصطناعي في الجزائر لرقمنة وتوثيق التراث المعماري، لا سيما من خلال النمذجة ثلاثية الأبعاد، والتصوير المساحي، والتحليل الآلي. في كلمته الافتتاحية، قال الوزير زهير بللو أن شعار هذا اللقاء يلامس أحد أهم التحولات المعاصرة، وهي الذكاء الاصطناعي، وعلاقته بالتراث المعماري الجزائري، مضيفا أن "التقاء التراث بالتكنولوجيا ليس مجرد ترف فكري بل ضرورة تفرضها التحديات الحالية، من أجل صون ذاكرتنا الجماعية وحفظ هويتنا المعمارية، واستشراف سبل استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في خدمة التوثيق والتشخيص والترميم، بل وحتى إعادة إحياء المواقع التراثية برؤية مبتكرة ومستدامة." الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية حديثة كما أكد السيد الوزير أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية حديثة، بل شريك فعال يمكنه إحداث نقلة نوعية في توثيق تحليل، وإدارة التراث الثقافي المادي وغير المادي، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي تتيح أدوات للحفاظ على المواقع التاريخية، تسهيل الوصول إليها، وتعزيز التفاعل الثقافي مع الأجيال الجديدة، مما يضمن استدامة التراث وحمايته من التهديدات المتعددة كالاندثار والتغيرات البيئية. في هذا السياق، دعا الوزير زهير بللو خلال هذا اليوم الدراسي إلى فتح حوار معمق بين الخبراء والمهتمين حول التحديات التقنية والأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وعلى ضرورة احترام الأصالة الثقافية حماية البيانات، وضمان مشاركة المجتمع المدني في جهود الحفظ. من جهة أخرى، أوضح المتحدث أن هذه المبادرات تعكس التزام الجزائر بحماية تراثها الثقافي كرمز لهويتها وسيادتها الوطنية، وتؤكد أن الذكاء الاصطناعي يشكل أداة حيوية لتحقيق التنمية الثقافية المستدامة، من خلال تعزيز التعاون بين المؤسسات الثقافية والتكنولوجية، وتطوير طرق مبتكرة تواكب التحولات الرقمية العالمية، مما يجعل التراث الثقافي عنصراً فاعلاً في حاضر ومستقبل الأمة. نحو تفعيل الذاكرة العمرانية تدخل بالمناسبة أيضا السيد حسان ملكية، رئيس المجلس الوطني للمهندسين المعماريين، الذي وقف على حجم التحولات في هذه المهنة، معتبرا الذكاء الاصطناعي أداة لا غنى عنها من ذلك تفعيل الذاكرة العمرانية، وهو الأمر الذي يتطلب –حسبه- مزيدا من التكوين وصون المعاني والهويات وسرد للمكانيات، مضيفا أن هذا الذكاء الاصطناعي ماهو إلا مساعد وليس بديلا وهي الرؤية التي يتبناها المجلس. بدوره، تحدث المهندس فريد بن سالم رئيس مؤسسة التراث والمدينة والعمارة عن راهن التراث المعماري في الجزائر الذي يشهد العديد من التحديات منها حالة التدهور وضعف الإمكانيات الخاصة بالحماية والتوسع العمراني، مثمنا دور الذكاء الاصطناعي المساعد على التوثيق والتنبؤ بالمخاطر وتحسين الصيانة، ومثمنا أيضا مد جسور التعاون بين المهندسين والمؤرخين قصد بلورة رؤى مشتركة واستراتيجيات فعالة. أما السيدة نوال دحماني مديرة الدراسات الاستشرافية، التوثيق والإعلام الآلي بوزارة الثقافة والفنون فتناولت إسهام دائرتها في رسم برنامج والمحاور المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ضمن هذا اليوم الدراسي، ووصفت التحضير لهذا الموعد بالرحلة الطموحة التي تجمع بين التراث والتكنولوجيا، واصفة التراث بالتاريخ والهوية وبأن المعمار يتعدى كونه مجرد حجارة ، مستعرضة أيضا مختلف التحديات منها الإهمال والتدهور لبعض المواقع ما يتطلب تجاوز الحلول التقليدية من خلال فتح آفاق غير مسبوقة للباحثين والمؤرخين والمسؤولين من خلال استغلال الذكاء الاصطناعي.تم بالمناسبة أيضا تقديم محاضرة مصورة للمهندسة ياسمين دشوق التي قدمت تفصيلات عن استخدام الذكاء الاصطناعي في حفظ التراث منه المعماري وكذا المخطوطات وغيرها، إضافة للجولات الرقمية وكذا التعاون الدولي وغيرها. المساهمة في رقمنة وتوثيق التراث المعماري للإشارة، فإن الذكاء الاصطناعي في الجزائر يساهم في رقمنة وتوثيق التراث المعماري، لا سيما من خلال النمذجة ثلاثية الأبعاد، والتصوير المساحي، والتحليل الآلي، حيث تتيح هذه التقنيات إنشاء نسخ رقمية دقيقة للمواقع، أو لمقتنيات المتاحف. تشير مختبرات البحث في جامعتي سطيف وباتنة (ساهمت في هذا اليوم الدراسي) والمدرسة المتعددة التقنيات للهندسة المعمارية والعمران بالجزائر العاصمة إلى اهتمام أكاديمي وأعمال بحثية حول تطبيق الذكاء الاصطناعي على التراث. أما الاستخدامات المحتملة فمنها منصات تعاونية ذكية، صيانة تنبؤية متقدمة، مساعدة في الترميم وإعادة البناء، تحليل دلالي للأرشيف، وتطوير أدوات وساطة أكثر تطوراً مثل روبوتات المحادثة المتخصصة والمسارات السياحية المخصصة، كما يمكن للذكاء الاصطناعي مستقبلا أن يتيح إعادة البناء الافتراضي، والصيانة التنبؤية، وتفسير النصوص القديمة، وتطوير منصات تعاونية للباحثين والقيمين على التراث. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحفز التعاون الدولي، ويخلق مهنا هجينة جديدة، ويعزز الجاذبية السياحية والتعليمية حول التراث، ومع ذلك، يتطلب استثمارات مستدامة في البحث والتكوين والبنى التحتية، بالإضافة إلى إطار تنظيمي واضح وأخلاقي لضمان تكامل مسؤول وسيادي.