احتضن مسرح عنابة الجهوي، مؤخرا، عرضا مسرحيا استثنائيا موجها للجمهور الصغير، بعنوان "أنا والكشاف"، جمع بين سحر الفن، وسمو القيم الإنسانية. ونجح العرض الذي أنتجته التعاونية الثقافية "المشعل" لولاية سيدي بلعباس، في استقطاب جمهور غفير من البراعم، وفي مقدمتهم أشبال كشافة فوج "المنارة" من عنابة، رفقة أطفال دار الشباب "الحصحاصية" بالعلمة، الذين أضفوا على القاعة حيوية، وتفاعلا منقطع النظير. وانطلقت أحداث المسرحية التي صاغ نصها الكاتب هشام بوسهلة وأخرجها ببراعة الفنان صديق بن دراوة، لتروي حكاية مشوقة تمزج بين روح المغامرة وحب الاكتشاف، حيث استطاعت الشخصيات فوق الخشبة، أن تنقل المشاهدين الصغار إلى عالم من القيم الكشفية الأصيلة، كالتعاون، والشجاعة، والانضباط، وحماية البيئة. ولم تكن المسرحية مجرد عرض ترفيهي عابر، بل تحولت إلى تجربة تعليمية حية، حيث عاش الأطفال لحظات من الفرح الغامر وهم يتابعون تفاصيل الرحلة الكشفية التي جسدها الممثلون بأداء احترافي، يبرز أهمية الحركة الكشفية في بناء شخصية الفرد، وخدمة المجتمع. ومن خلال التناغم بين النص الرصين والرؤية الإخراجية المتجددة، استطاع العرض أن يمرر رسائل عميقة حول أهمية العمل الجماعي في مواجهة الصعاب، ما جعل القاعة تهتز بتصفيقات الصغار، الذين تفاعلوا مع كل لفتة، وحوار. للإشارة، يأتي هذا النشاط الثقافي ليؤكد الدور الريادي الذي يلعبه المسرح في صقل مواهب الناشئة، وتنمية خيالهم، خاصة عندما يلتقي الفن بالحركة الكشفية العريقة، ما يساهم في غرس بذور المواطنة، والاعتزاز بالقيم الوطنية والتربوية في نفوس أجيال الغد، ويجعل من الركح جسراً حقيقياً يربط بين المتعة البصرية والوعي الأخلاقي.