يشكّل ضمان استقرار التموين بالمياه الصالحة للشرب أولوية قصوى بالنظر إلى التغيرات المناخية التي تُعد أحد أهم العناصر التي تحكم تسيير المرفق العام للمياه. والسلطات المركزية أعطت أهمية خاصة لقطاع الموارد المائية؛ بتخصيص أموال ضخمة من أجل التكفل بالنقائص الموجودة في تسيير هذا القطاع. واعتمدت على استراتيجية واضحة المعالم؛ من أجل مواجهة الشح في المورد المائي، تم حصرها في ثلاث نقاط، وهي الاتجاه نحو المياه غير التقليدية من خلال تعميم إنجاز محطات تحلية مياه البحر طبقا لتوجيهات رئيس الجمهورية، وإعادة استعمال المياه المستعملة المنتَجة من أنظمة التصفية، إلى جانب الربط بين السدود، وتحويل مياه الوديان الى السدود؛ كأحد الحلول الناجعة لمواجهة شح المياه. ولاية قالمة التي شهدت في وقت سابق أزمة خانقة في توفير وتوزيع المياه الصالحة للشرب على مدار عام كامل، بسبب الندرة والتذبذب في الاستفادة من هذا المورد الحساس، تعرف في السنوات الأخيرة القليلة، تحسنا كبيرا في ما يخص بالتزود بالمادة الحيوية؛ من خلال تجسيد عدة برامج. ومن أجل وضع حد لمعاناة سكان الولاية، والتكفل بالخدمة العمومية للمياه، سخّرت الدولة إمكانيات، وجسدت مشاريع هامة على المدى القصير، والمتوسط والطويل. وعرف، بذلك، قطاع الموارد المائية بالولاية، قفزة نوعية. وتَدعّم بمشاريع هامة جديدة للقضاء على العجز، والتسرّبات المائية؛ لتحسين الخدمة في عملية تزويد المواطنين. وتُعد الزيارة التي قام بها وزير الري والموارد المائية، طه دربال، إلى قالمة، مؤخرا، الثانية من نوعها خلال هذه السنة، لتحقيق الأهداف المسطرة، وإنجاز وإتمام المشاريع الحيوية بالولاية. وتأتي الزيارة للوقوف على واقع القطاع، الذي يحظى بأهمية كبيرة من طرف السلطات العليا للبلاد، وعلى رأسها السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي وضع ضمن استراتيجيته وأولويات الدولة التحقيق المائي في البلاد. وتتزوّد ولاية قالمة أساسا من مصدرين، الأول بنسبة 59 في المائة من المياه السطحية، و41 في المائة من المياه الجوفية، في انتظار المياه غير التقليدية قريبا. وتتمثل المياه السطحية في سد بوهمدان. كما تتوفر على 51 نقبا، و12 منبعا بقدرة إنتاج يومية تقدر ب 35500 متر مكعب يوميا، وبطول الشبكة 2744 كلم. ويبلغ عدد الخزانات بها 369 خزان، و80 محطة ضخ. كما تتوفر الولاية على سد صغير مجاز بقر ببلدية عين مخلوف بطاقة 5 هكتومتر مكعب، ومحطات السقي. أما أكبر محيط سقي فهو قالمة - بوشقوف على مساحة تقارب 10 آلاف هكتار، ومحيط السقي مجاز بقر ببلدية عين مخلوف بمساحة 300 هكتار، ومحيط السقي بالنشماية على مساحة 80 هكتارا (غير مستغلين). نحو استفادة قالمة من مياه البحر المحلاة أكد والي قالمة، سمير شيباني أن الدولة لم تتوانَ في بذل وسعها لإطلاق مشاريع استراتيجية، ترمي إلى كسب رهان التنمية الحساس في ظل التحديّات والرّهانات الحالية؛ من أجل تحقيق الأمن الطاقوي، والغذائي، والمائي، كاشفا عن برمجة ولاية قالمة لاستفادتها من المياه الصالحة للشرب انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر بولاية سكيكدة مستقبلا. كما استفادت من عملية تحليل ومعالجة المياه المستعملة الثلاثية بما يسمح بتحويل المياه المصفاة إلى محيطات السقي، بحصة أولية تقدر ب 5 ملايين متر مكعب سنويا كمرحلة أولى، على أن تتضاعف الكمية في مرحلة ثانية بعد ربط بلديتي هليوبوليس والفجوج بباقي الوحدات الفلاحية بالولاية، وتزويدها بمياه السقي. 65 في المائة من البلديات في أريحية نسبية أوضح مدير الري لولاية قالمة، عزة عبد الحميد، في عرض مفصّل لقطاع الري بقالمة خلال زيارة الوزير، أن 33 بلدية مسيّرة من طرف مؤسسة "الجزائرية للمياه"، وواحدة من طرف بلدية عين العربي، موضحا أن 65 في المائة من البلديات في أريحية نسبية، بحيث تتزوّد 18 بلدية من أصل 34 بلدية، بالمياه الصالحة للشرب بأريحية، منها بلديتان يوميا، و8 بلديات يوما بيوم. و9 بلديات يوما في كل ثلاثة أيام. و4 بلديات يوما كل أربعة أيام. و4 بلديات يوما كل خمسة أيام. و6 بلديات يوما كل ستة أيام. مشاريع حيوية على المدى القصير والمتوسط والطويل بخصوص البرنامج التنموي، سجلت الولاية منذ 2010 الى يومنا هذا، 91 عملية، بغلاف مالي قدره 16.772.600.000.00 دينار، منها 70 عملية بغلاف مالي قدره 15 مليار دينار، وعملية ممركزة ب 180 مليار سنتيم، تتمثل في 49 عملية منتهية، بغلاف مالي قدره 7.484.600,000,00 دينار، و14 عملية مجمدة، منها عمليات ذات أهمية قصوى وذات طابع استعجالي. وأوضح المدير أنه تم إعادة تسجيل العمليات. كما تم إنجازها في إطار البرنامج القطاعي بغلاف مالي قدره 4.573.000.000.00 دينار. و6 عمليات في طور الإنجاز بقيمة 2.915.000.000.00 دينار. وعملية ممركزة منتهية، ومستلمة بمبلغ 1.800.000.000,00 دينار. أما البرنامج الجديد من 2023 إلى 2025، فقال إنه تم تسجيل في سنة 2023، عمليتين منتهيتين، و10 عمليات في 2024، منها 6 عمليات منتهية، و4 في طور الإنجاز. وفي هذه السنة 2025 تم تسجيل 7 عمليات، منها 6 عمليات في طور الإنجاز، وعملية بصدد الانطلاق في الإنجاز. وبرسم السنة الجديدة 2026، كشف عن استفادة الولاية من مشاريع حيوية لأول مرة، بما يقدر ب 4.540.000.000.00 دينار لإنجاز 6 عمليات على المدى القصير، تتمثل في إنجاز 3 مناقب، وتجهيز، وكهرباء، الأول في بلدية هيليوبوليس بعمق 450 متر. والثاني في بلدية تاملوكة بعمق 350 متر. والثالث في بلدية سلاوة اعنونة بعمق 200 متر، بالإضافة إلى تهيئة 14 بئرا، وتهيئة محطة الضخ 1 و2، مع تجديد شبكة المياه، وتدعيم بلديات دائرة حمّام النبايل بالمياه الصالحة للشرب انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر، وإنجاز محطة تصفية المياه المستعملة ببلدية وادي الزناتي. وذكر المسؤول جاهزية دفاتر الشروط مع مطلع السنة الجديدة 2026، والتي ستقدم للجان الصفقات للإعلان عن المناقصة. ولضمان استمرارية التموين بالماء الصاح للشرب بولاية قالمة، أوضح مدير الري بالولاية عزة عبد الحميد، أن قالمة استفادت من 40 ألف متر مكعب من محطة تصفية مياه البحر بكدية الدراوش بولاية الطارف. والمشروع يشرف على الانتهاء؛ إذ تستفيد تسع بلديات من مياه البحر المحلاة كتدعيم وتأمين، إضافة إلى مشاريع أخرى، منها مشروع تحويل مياه وادي الشارف إلى سد بوهمدان كأحد الحلول الناجعة المستعجلة. والدراسة منتهية، ناهيك عن عمليات أخرى قيد الإنجاز لتحسين الوضعية في القريب العاجل بالولاية؛ من تهيئة الآبار، وإعادة تأهيل المضخات والخزانات المائية، وكذا إعادة تأهيل شبكات المياه، بالإضافة إلى مشروع معالجة ودمج وحدة المياه الثلاثية، التي تسمح بتصفية المياه إلى أعلى درجة لسقي المنتوجات الفلاحية. ومن أجل تحسين التزوّد بالمياه الصالحة للشرب، تجري عملية ربط 9 بلديات وتزويدها بالمياه الصالحة للشرب انطلاقا من كدية الدراوش. وهي وادي فراغة، وبوشقوف، ومجاز الصفا، وعين بن بيضاء، والنشماية، وبوعاتي محمود، والفجوج، وهيليوبوليس، وقلعة بوصبع. كما تجري أشغال مشروع لدعم 6 بلديات، وهي: واد الزناتي، وبرج صباط، وبوهمدان، وعين رقادة، وعين مخلوف، وتاملوكة انطلاقا من سد بوهمدان، بحيث سيكون التموين بالمياه الصالحة للشرب يوما بيوم. وفي السياق، تعمل مصالح قطاع الري على وضع حيّز الخدمة خزانين بسعة 1000 متر مكعب ببلدية النشماية، ووضع حيّز الخدمة نقب 12 لترا في الثانية ببلدية قالمة. وهذه العملية من شأنها تدعيم رواق بوشقوف - جبالة خميسي - بني مزلين بالمياه الصالحة للشرب، إضافة إلى تجديد شبكة توزيع المياه الصالحة للشرب بقطاع 5 ببلدية قالمة، وتهيئة الشبكة بقطاع 7 بذات البلدية. وهذه العملية من شأنها القضاء على التسرّبات المائية بعاصمة الولاية، ناهيك عن تجديد قناة الضخ بنقب ببلدية تاملوكة لاسترجاع كمية المياه الضائعة، وتدعيم بلدية الركنية بالماء الصالح للشرب انطلاقا من منبع عين السر، وتهيئة محطة الضخ بالركنية لتمكين سكان البلدية من مياه الشرب يوميا، والعمل، أيضا، على الزيادة في طاقة الضخ إلى حمّام الدباغ وعين احساينية يوميا من المياه الصالحة الشرب. وحسب البرنامج، سيتم تهيئة وتوسيع محطات الضخ 2 و3 ومحطة عين رقادة، وتجديد التوصيلات الفردية والقطاعية لشبكة المياه الصالحة للشرب ببلديات حمّام النبايل، وعين بن بيضاء، وواد الشحم، وبوهمدان، والدهوارة وعين صندل، وأخيرا تهيئة 10 آبار ببلديات بوشقوف، وهيليوبوليس، وبلخير، وعين بن بيضاء، وتاملوكة، والفجوج. وعلى المدى المتوسط، أوضح المدير أنه سيتم تدعيم بلديات دائرة حمّام النبايل بالماء الصالح للشرب انطلاقا من مياه التحلية قبل نهاية 2026، وإنجاز 3 آبار مع التجهيز والكهرباء ببلديات هيليوبوليس وتاملوكة وسلاوة اعنونة قبل نهاية السنة الجديدة، إضافة إلى تهيئة 14 بئرا للاستغلال ببلديات قالمة، وبومهرة احمد، وبوشقوف، وهيلبوبوليس، وتاملوكة، وبوحشانة قبل حلول فصل الصيف، إلى جانب تهيئة محطة الضخ بعين احساينية 1 و2، مع تجديد قناة الجر قبل نهاية السنة 2026، وإنشاء محطة التصفية بوادي الزناتي في مدة تقارب العامين بما أن العملية تم تسجيلها. أما على المدى الطويل فأشار المتحدث إلى أن دراسة مشروع تحويل مياه واد الشارف إلى سد بوهمدان، قد انتهت. كل هذه المشاريع تتطلب مجهودا كبيرا لتلبية هذا المورد الحساس. ومن الضروري تثمين جهود الدولة من خلال ما تم إنجازه من منشآت الري والموارد المائية في إطار تطوير وتحسين الخدمة العمومية للمياه.