مع قساوة فصل الشتاء وبرودة طقسه، يبحث العديد من المواطنين على الدفء في الملابس الصوفية وكذا الجلدية، هذه الأخيرة التي تعتبر الأكثر مقاومة للعوامل المناخية لاسيما المطر والرطوبة، حيث تمنعهما من التسرب إلى الجسم ومنه حمايته من الأمراض، إلا أن المؤسف في الأمر أن البعض بات يبحث عما يتماشى مع الموضة متناسيا الأضرار الصحية لبعض أنواع الملابس الجليدية. بحلول الموسم الشتوي يفضل الناس شراء الملابس التي تقيهم برد هذا الفصل، وهو ما يفسر توجه أعداد متزايدة من المستهلكين لاختيار المنتجات الأكثر مقاومة للبرد ، هذه الأخيرة متوفرة، ولكن بأسعار بعيدة عن متناول الكثيرين. فخلال الجولة التي قامت بها “المساء” لاحظت علامات الاستغراب المرسومة على وجوه البعض بسبب الارتفاع الرهيب في أسعار هذه الملابس، وافتقار أغلبها للجودة المطلوبة، وهو ما يحدد استعمالها في شهور معدودة لتصبح بالية غير قابلة لإعادة لبسها، بينما تتميز الملابس ذات الجودة العالية بأسعار مرتفعة لا يقدر على مجاراة غلائها إلا ميسورو الحال. وفي محاولة لنا لمعرفة مدى إقبال المواطنين على الملابس الجلدية، تحدثت إلى سهام، الشابة التي أكدت أنها من محبي هذه المادة قائلة: “لست من النوع الذي يشتري العديد من الأحذية دفعة واحدة للتغيير في الألوان، وإنما اقتصد لشراء حذاء جلدي واحد فقط خاصة وأن هذه المادة معروفة بصلابتها ومتانتها في هذا الفصل، المعروف بكثرة إمتلاء الحفر والطين، فمقاومة هذه المادة تجعلها لا تتمزق بعد بضعة استعمالات فقط، ونفس الشيء بالنسبة للحقائب اليدوية”. من جهة أخرى، ترى حياة أن خامة الجلد جيدة سواء في الاستعمالات المنزلية أو في الملابس الجاهزة إلا أن سعرها المرتفع يمنعها من اقتنائها لاسيما وأن حذاء بسيطا قد يصل سعره إلى 15 ألف دينار. ومعظم من مسهم استطلاع “المساء” أجمعوا على جودة هذه المادة سواء من الناحية الجمالية أو المتانة والمقاومة، إلا أن فئة قليلة أكدت امتناعها عن الإكثار من استعمال هذه المادة لما تخلفها من أضرار خاصة المقلدة منها، والتي يصعب على الفرد التفريق بينها وبين الأصلية، خاصة التي تدمج معها مواد أخرى لاسيما بعد صرخات البعض من مخاطر المواد الصينية التي غزت السوق على شاكلة ملابس وأحذية وحقائب تبدو لوهلة أنها مصنوعة من خامة الجلد. حيث أصبح من المعروف أن بعض الملابس قد تكون مصبوغة بصبغات غير ثابتة، لكن هذه النوعيات قليلة، وتتمثل غالبا في الأحذية والحقائب وكذا المعاطف وقفازات اليد، فبعض هذه المنتوجات قد يعمل على تلوين البشرة، خاصة بعد تعرضها للرطوبة أو الأمطار فيترك الثوب جزءا من لون الصبغة المستخدمة به على جسد من يرتديه، وهذه الصبغات كثيرا ما تحتوي على مواد سامة ربما تؤثر على صحة الإنسان، فتتحرر مثل هذه المواد من القماش عندما تبتل الملابس بالعرق أو الماء، و يختلف تأثيرها على الجسم باختلاف المصدر ونوعية مركباته فبعضها لا يؤثر على الجسم بشكل واضح ما لم يتواجد بتركيزات عالية جدا، والبعض الآخر يعد شديد التأثير إذا وجد بتركيزات حتى ولو كانت منخفضة. في الموضوع، يكشف السيد مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك لولاية الجزائر، وهو طبيب عام، أنه مع حلول فصل الشتاء من الطبيعي أن يزداد إقبال المواطنين على الملابس التي توفر الراحة أكثر، “ولكن مع بحث الكثيرين عن الجديد في عالم الأزياء والموضة، لا ننتبه إلى المخاطر الصحية التي قد تواجهنا نتيجة إرتداء بعض الملبوسات، فإن المشكلات الصحية تأتي من مصادر مختلفة، إلا أن الجلد لم يسجل إصابات واضحة إلا في حالة ملامسته المباشرة مع البشرة الأمر الذي قد يسبب تهيجا أو حساسية لكنها تكون غير خطيرة”. ولم يتحدث زبدي عن المخاطر الصحية للملبوسات الجلدية بقدر ما انتقد أسعارها المرتفعة، مستغربا الأمر خاصة وأن الجزائر تزخر بالموارد الحيوانية التي تعد مصدرا رئيسيا للجلود.