تعيش ملحقة معهد الموسيقى بالقبة في الظل، رغم أدائها الرائد في تكوين العشرات من الفنانين عبر أجيال امتدت منذ بداية السبعينيات، الملحقة تواصل التكوين الأكاديمي وتحاول صقل المواهب وتوجيهها وتأطيرها نظريا وتطبيقيا على يد أساتذة مختصين ذوي كفاءات علمية راقية. تقع الملحقة بجنب مقر بلدية القبة، وتشمل إلى جانب الموسيقى والغناء التكوين في اختصاص التمثيل والرقص، أثناء زيارتها التقت ”المساء” ببعض الأساتذة وبالمكلف بتسيير الملحقة الذين أجمعوا على المستوى العالي لعملية التكوين، باعتبار أن المعهد غالبا ما يلتزم ببرنامج بيداغوجي مسطّر يختلف مثلا عن برامج التكوين في المراكز الثقافية العادية. من ضمن المواد المدروسة، نجد ”الأندلسي”، ”القيثارة الكلاسيكية”، ”الكمان”، ”البيانو”، ”الشعبي”، ”الرقص” وغيرها، كما يوجد بالملحقة سبعة أساتذة، أغلبهم ذوو تكوين أكاديمي جامعي عال، يؤطرون أكثر من 200 طالب من مختلف الأطوار والأعمار ابتداء من مستوى السنة الأولى ابتدائي (6 سنوات) إلى المستويات العليا. تستقبل الملحقة إضافة لأبناء القبة والمناطق المجاورة، الطلبة من الحراش مباشرة بعد إغلاق ملحقة الحراش، وكذا الطلبة من برج الكيفان، كل هؤلاء يخضعون لتكوين مستمر لمدة تتراوح بين 6 و8 سنوات ليحصلوا بعدها على شهادة التخرج، وغالبا ما يصل عموم الطلبة إلى المستوى المتوسّط ليدخلوا مباريات مفتوحة، وحين الحصول على ميداليات، خاصة الميدالية الأولى، ينتقل الطلبة إلى المستوى العالي، ثم مستوى ”الأكسوسيت2 فالأكسوسيت1”. وأشار أحد الأساتذة القدامى بالملحقة، مختص في الموسيقى العالمية (مكون في روسيا)، إلى أنّ للأستاذ فسحة في البرنامج تمكّنه من الاجتهاد والمساهمة في كتابة الدرس الملقى، فبالنسبة لآلة الكمان مثلا له تشكيلة متنوّعة من خلال تدريس المقام وشبه المقام ودراسة القطع الموسيقية المختلفة، هذه التشكيلة هي عبارة عن برنامج شامل. من جهته، أكّد أحد الأساتذة مختص في موسيقى الأندلسي أنّ البرنامج النظري يبنى على تعليم السولفاج، أمّا البرنامج التطبيقي فيتم من خلاله تعليم مبادئ الأداء الغنائي والعزف على الآلات الموسيقية وأداء الأزاجيل الأندلسية التي يعتمد فيها وبشكل أساسي على النوتات الموسيقية، وأجمع الأساتذة الذين التقتهم ”المساء” على أنّ الموسيقى الأندلسية أسهل من ناحية التحصيل العلمي من الموسيقى العالمية، لذلك يلاحظ أنّ غالبية الطلبة تتجه نحو الأندلسي بعدما تصعب عليهم الموسيقى العالمية ويصعب عليهم مسارها الأكاديمي العلمي إلى درجة أنّ البعض يعزف عنها تماما. للإشارة، تمّ التأكيد على أنّ الموسيقى الكلاسيكية لا تعني بالضرورة الموسيقى العالمية العلمية، إذ أنّ الموسيقى الأندلسية هي أيضا موسيقى كلاسيكية، لكنها غير مسجلة علميا بل تم توارثها بالنقل الشفهي فقط. ونتيجة الإقبال على ”الأندلسي”، يرى القائمون على الملحقة أنّ هذا الفن يشهد نهضة قوية وواعدة من طرف الشباب بما ينبئ بمستقبل واعد قادر على زحزحة فن الراي من الوسط الشبابي وتعويضه بالأندلسي الذي يحمل قيمة فنية وتاريخية لا يعلا عليها. للإشارة، فإنّ الملحقة بها عدّة أقسام خاصة بالدروس النظرية وأخرى مجهّزة لتعليم العزف، كما يوجد بها العديد من الآلات الموسيقية بما فيها البيانو الكلاسيكي. وتخرّج من الملحقة العديد من نجوم الأغنية الجزائرية بكلّ طبوعها، خاصة في الأندلسي والشعبي والعصري، إضافة إلى العازفين الذين لهم حضورهم القوي في الساحة الفنية، وساهمت في نشر الثقافة الموسيقية منذ السنوات الأولى للاستقلال، مما جعل العائلات لا تتردّد في تسجيل أبنائها في هذه الملحقة التابعة لمعهد الموسيقى المتواجد بالعاصمة (كونسيرفاتوار).