من أجل الحرية والإستقلال من أجل العدالة الإجتماعية من أجل الإنسانية والديمقراطية الحقيقية وفي اطار الدين الإسلامي جاءت ثورة نوفمبر المجيدة التي فجرها الشباب الجزائري الفذ وتولد عنها الإستقلال، هكذا أراد »برايس أحمد« أن يبدأ حكايته مع الثورة قائلا »كان عمري 27 سنة عندما انضممت لجيش التحرير الوطني سنة 1956.. كنت أنا ثالث إخوتي وكان أخواي يجمعان المال للثوار من أجل شراء السلاح لتجنيد أكبر عدد من الشباب لتدعيم الثورة، وكنا ننتمي للمنطقة الخامسة، -الأوراس- وبعد جمع المال كان يتم شراء السلاح من تونس وليبيا وللعمل كان أخي الأكبر متزوج ولديه أولاد وحدث ذات يوم أن اتصل بي وطلب مني أن أمكث مع عائلته في حين يلتحق هو بالثوار. بغية ايصال السلاح والمشاركة في المعارك، وهو ما رفضته وإقترحت عليه ان اقوم بالعمل بنفسي بدلا عنه من منطلق أني أعزب ولا إلتزامات لدي، ويضيف محدثنا متذكرا »كانت لدي رغبة كبيرة للمشاركة في الاعمال الثورية، وهو ما حدث بالفعل، وأذكر يومها اني مشيت حوالي 35 كيلومترا سيرا على الاقدام حتى إلتقينا بالمجاهدين، فإنضممت إليهم وسلمت لهم السلاح بعدها كلفت ببعض المهام كالحراسة، وما يجهله أغلب الشباب اليوم أننا عانينا كثيرا من الجوع والبرد وقلة النوم ومع هذا لم تحبط عزيمتنا«، وعلى العموم يستطرد السيد برايس قائلا: إن أول معركة خضتها كانت بمنطقة تسمى رأس ا لسطحة التي تبعد بحوالي 25 كلم على تبسة، حيث تمكنا (أنا رفقة مجموعة من المجاهدين) من اسقاط الطائرة الصفراء التابعة للعدو الفرنسي والتي لايزال هيكلها لحد الآن في مكان الحدث، وأذكر حينها أن العملية الثورية انطلقت منتصف النهار الى غاية منتصف الليل الساعة 12، واستشهد منا حوالي خمسة مجاهدين في حين جرح سبعة وتمكنا من الاستلاء على واحد وعشرين قطعة سلاح كانت »تعتبر أيام الثورة بمثابة الكنز«. لينتقل بعدها المجاهد برايس للتفصيل في المعركة فيقول: »أذكر أنه كان يوم أحد حيث انطلقنا من مكان يسمى الحوض وفي حدود الساعة الخامسة وصلنا لمكان يسمى قسطل مليئ بالأشجار فأردنا أن نرتاح فيه ولسوء الحظ فاجأنا العساكر فصعدنا هاربين في إتجاه الجبل ومما زاد الأمر سوءا هو أنه عندما صعدنا للجبل كشفنا فلم نجد مكانا نختبئ فيه وبدأت الطائرات العسكرية تحوم فوقنا والعساكر يجرون خلفنا عندها لم يكن أمامنا خيار إلا الجهاد، وهو ما حدث بالفعل إذ بدأت معركة كبيرة كانت أحد نتائجها أننا تمكنا من اسقاط طائرة عسكرية وتمكنا من قتل عدد معتبر من الجنود الفرنسيين ومع حلول الليل إفترقنا وتلت هذه العملية العديد من العمليات والهجمات والتي ساهمت في تحقيق استقلال الجزائر«. أما عن العلم الجزائري فيقول محدثنا »هذا الرمز يمثل كل الشهداء والمجاهدين الذين ضحوا من أجل ان ترفع هذه الراية على ارض الجزائر، حيث سالت دماء مليون ونصف مليون شهيد«، في حين يتأسف من شبان جيل الاستقلال فيقول »شباب اليوم مخيب للآمال إذ اختاروا طريق المخدرات والهجرة.. كنا نتمنى أن يعيش شبابنا في هذه البلاد التي بها امكانيات هائلة لمن اراد فعلا ان يعمل«، يسكت قليلا ويضيف الاستقلال لم يأت مجانا والجزائر أمانة لابد من الحفاظ عليها وكل ما أتمناه ان يحظى المجاهد بنوع من الاحترام من هذا الجيل الصاعد«.