السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    كمال الأجسام واللياقة البدنية والحمل بالقوة (البطولة الوطنية): مدينة قسنطينة تحتضن المنافسة    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    كأولى ثمار قمة القادة قبل يومين : إنشاء آلية تشاور بين الجزائرو تونس وليبيا لإدارة المياه الجوفية    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    وسط اهتمام جماهيري بالتظاهرة: افتتاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    سوريا: اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    رخروخ يعطي إشارة انطلاق أشغال توسعة ميناء عنابة    معالجة 40 ألف شكوى من طرف هيئة وسيط الجمهورية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    مهرجان الجزائر الأوّل للرياضات يبدأ اليوم    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    عرقاب: نسعى إلى استغلال الأملاح..    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و305 شهيدا    بطولة وطنية لنصف الماراطون    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    تفعيل التعاون الجزائري الموريتاني في مجال العمل والعلاقات المهنية    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    التراث الفلسطيني والجزائري في مواجهة التزييف    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرداية تستعيد أنفاسها ببطء بعد "الفيضان"
نشر في المستقبل يوم 25 - 10 - 2008

بدأت ولاية غرداية تسترجع أنفاسها وتستجمع قواها بعد الكارثة التي ألمت بها منذ ما يقرب من الشهر. وقد جرفت السيول كل ما تسنى لها الوصول إليه حتى بطاقات تعريف المواطنين. كما خلفت الكارثة مئات المنازل المنكوبة والعائلات المشردة، إضافة إلى الخسائر المادية. ويجمع مواطنو غرداية وكذا المصالح الولائية على أن مشروع السد الأبيض الذي هو في طور الإنجاز كان له دور كبير في التخفيف من سيول الفيضان الذي ألم بولاية غرداية والتي وصلت إلى ما بين 600 و900 متر مكعب في الثانية، أدت بدورها إلى ارتفاع منسوب المياه إلى 8 أمتار، إضافة إلى نظام تقسيم المياه عبر منطقة الغابة بوسط غرداية. "المستقبل" عادت إلى غرداية بعد قرابة شهر (1 أكتوبر 2008) لترصد من جهة وضع المدينة بعد "كارثة الفيضان" سواء من جانب الجهود المبذولة لترميم مخلفات "الفيضان" أو من جهة العراقيل التي ما زالت تقف حجر عثرة أمام‮ عودة‮ الحياة‮ إلى‮ سابق‮ عهدها‮.‬ إن أول كلمة يسمعها "الزائر" لمدينة ميزاب من أفواه العديد من سكانها أن "ربي لطف"، فغرداية التي يحيط بها سبعة أودية تصب كلها في الوادي الرئيسي الذي يقطع بدوره وسط المدينة على طولها، كانت ستغرق بكاملها لولا وجود السد الأبيض والآبار الكثيرة التي يعتمد عليها الفلاحون لسقي الأراضي من خلال النظام العريق لتقسيم المياه. كما يرى كثير منهم أنه من حسن حظ المواطنين أن الفيضان جاء صبيحة يوم العيد حيث كان معظم الناس يستعدون للذهاب إلى صلاة العيد، الأمر الذي مكنهم من مواجهة الكارثة التي لو حصلت في أحد أيام رمضان لكانت الحصيلة أثقل بسبب عودة الناس إلى النوم بعد صلاة الفجر. كما لقيت الولاية المنكوبة عناية تامة من طرف السلطات المحلية والمركزية منذ أول يوم من الكارثة، حيث عرفت وصول وزير الداخلية والمدير العام للحماية المدنية، بعدها توافدت قوافل التدخل لمديريات الحماية المدنية من 24 ولاية بأكثر من 1100 عون وإطار، وانعقاد مجلس الحكومة المصغر على تراب الولاية، ومشاركة الكشافة الإسلامية الجزائرية والهلال الأحمر الجزائري إلى جانب الجهود الجبارة التي قام بها الجيش الشعبي الوطني من أجل إعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية، والتي تلتها زيارة بعض الشخصيات السياسية، وأعيان المنطقة، إضافة إلى المعونات التي كانت تصل من كل الولايات بما فيها التبرعات التي تقدمت بها دولة الإمارات العربية من خلال سفارتها والتي قدمت لهيئة الهلال الأحمر الجزائري بالعاصمة. وبالرغم من أن بعض المواطنين سجلوا العديد من السلبيات التي رافقت عملية تسيير الكارثة، خاصة في حي باب السعد الذي تضرر كثيرا. إلا أن ممثلي الإدارة لا يزالون يطمئنونهم بأن الدولة تبذل قصارى جهدها من أجل إرجاع الأمور إلى مجراها الطبيعي، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه في يوم وليلة بل يتطلب بعض الوقت وعلى المواطنين أن يتفهموا ذلك. من جهة أخرى أدت الإشاعات التي انتشرت في الأيام الأولى من الكارثة إلى زرع الهلع في أوساط المواطنين من أجل مغادرة منازلهم في أقصى سرعة ليخلو المجال أمام اللصوص لاقتحامها وأخذ ما يمكن أخذه في راحة تامة. واستدعى هذا الأمر إلى تجنيد كل إطارات‮ الإذاعة‮ المحلية‮ لتفنيد‮ هذه‮ الإشاعات‮ عن‮ طريق‮ الاتصال‮ بالمصالح‮ المختصة‮ وإبلاغ‮ الرأي‮ العام‮ في‮ أوقات‮ قياسية‮ عبر‮ الأستوديو‮ وفي‮ الميدان‮.
رئيس‮ خلية‮ الأزمة‮: غرداية‮ لا‮ تقبل‮ أن‮ تكون‮ منطقة‮ للشاليهات‮
"غرداية لا تقبل أن تكون منطقة للشاليهات بحكم طابعها التاريخي والسياحي والحضاري" عبارة ألح عليها رئيس خلية الازمة بولاية غرداية السيد بولبلوط أثناء لقائنا به. وحسب المسؤول نفسه فإن مشروع إنجاز 2000 سكن سيتم قريبا وستوضع عجلاته على السكة قبل نهاية السنة، مطمئنا العائلات المنكوبة بأن القرارات هي الآن قيد التنفيذ وتتطلب بعض الوقت فقط، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيوفر أكثر من 18000منصب عمل في شتى المجالات. وأضاف بولبلوط أن منطقة واد نشو التي عينت لاستقبال الشاليهات تتوفر على جميع المرافق الضرورية وبالتالي لن يواجه القاطنون الجدد بها أية مشاكل خاصة فيما يتعلق بالدراسة قائلا "لن يحرم التلاميذ من المدرسة"، منبها إلى أن هذه الشاليهات لن تكون إلا لفترة مؤقتة إلى غاية إتمام السكنات المزمع إنجازها. كما أكد رئيس الخلية أنه مع نوفمبر القادم سيتم إسكان كل المنكوبين في شاليهات. من جهة أخرى نفى بولبلوط أن تكون السلطات قد وافقت على إسكان المنكوبين داخل الخيم حفاظا على كرامة المواطن الغرداوي، حيث استعملت المدارس والقاعات الرياضية وبعض المراكز التجارية للإسكان المؤقت إلى غاية إيجاد الحلول المناسبة. وقد بدأت الأجواء تعود إلى حالتها الطبيعية بسبب عدم توقف أشغال إعادة التهيئة وعودة بعض العائلات إلى مساكنها. وبالرغم من أن إجراء منحة الكراء المقدر ب12000 دينار طرح جدلا في أوساط المنكوبين إلا أن السلطات لولائية اعتبرته قرارا لا رجوع فيه وستستفيد منه كل عائلة منكوبة. للإشارة فإن الفيضان خلف 43 قتيلا و1200 بناية متضررة وغرق أكثر من 300 مركبة، الأمر الذي استدعى وصول أكثر من 500 ما بين مهندسين وتقنيين وإداريين من الولايات الأخرى للمشاركة في تسيير الكارثة الضخمة التي حلت بالولاية.
المخبر‮ الوطني‮ للسكن‮: من‮ الضروري‮ تشديد‮ الرقابة‮ على‮ إصدار‮ رخص‮ البناء
يرى ابراهيم بوعيسى مدير الإدارة العامة للمخبر الوطني للسكن بولاية غرداية، أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق مصلحة التعمير بحكم أنها هي التي تمنح رخصة البناء، إضافة إلى بعض مكاتب الدراسات التي يجب أن تشترط القيام بدراسات على أرضية مكان المشروع، مؤكدا على الدور التوعوي الذي يمكن أن يلعبه كل منها في ما يتعلق بالوقاية من أخطار البناء على ضفاف الأودية، والحث على الاهتمام بدراسة المشاريع من كل جوانبها. كما يري بوعيسى أن غلاء الفواتير المتعلقة بالبناء تدفع المواطنين إلى المغامرة دون إخطار السلطات المختصة وعدم التصريح بنوعية المشاريع المراد إنجازها من أجل التقليل من الأعباء. ويلح المسؤول ذاته حيث التقيناه بمكتبه بالمخبر الوطني للسكن على ضرورة إعادة النظر في مخطط العمران الأساسي وتفادي المناطق القريبة من الوديان قبل إنجاز المشاريع العمرانية إضافة إلى وجوب تشديد المراقبة على إصدار رخص البناء وهذا من أجل التقليل من المخاطر أثناء حدوث الكوارث. ويعتبر المخبر الوطني للسكن غرداية مؤسسة عمومية أنشئت بداية سنة 2008 وتهتم بالدراسات الأرضية وإجراء التحاليل على نوعية الأرضية المخصصة لإنجاز المشاريع. كما أن دورها استشاري‮ حيث‮ يلجأ‮ إليها‮ مكاتب‮ الدراسات‮ ومديرية‮ التعمير‮ قبل‮ بداية‮ دراسة‮ المشروع،‮ ونفس‮ المؤسسة‮ ستوكل‮ إليها‮ مهمة‮ دراسة‮ أرضية‮ مشروع‮ 2000‮ سكن‮ بمنطقة‮ وادي‮ نشو‮ بضواحي‮ غرداية‮ لإسكان‮ المنكوبين‮.‬
جولة‮ ميدانية‮ رفقة‮ إطار‮ من‮ مديرية‮ السكن‮ في‮ المناطق‮ المنكوبة
بولنوار شهبوني أحد المسؤولين بمديرية السكن والتجهيز لولاية غرداية التقيناه ليأخذنا في جولة ميدانية بالمناطق المنكوبة. وأكد خلال حديثه لنا عن دور المديرية أثناء الكارثة، وأن كل عمال وإطارات المديرية بمن فيهم المدير مجندون في إطار مخطط تسيير الكارثة، فهناك مجموعة تعمل خارج المديرية في الميدان مع الفرق التقنية التي توافدت على ولاية غرداية من الولايات الأخرى، وهذا لتسهيل المهمة عليهم، إضافة إلى مشاركتها بثلاثة عمال يوميا في خلية الإصغاء بمقر الولاية لتسجيل انشغالات المواطنين المنكوبين، مضيفا أنه من أجل الإسراع في حل مشاكل المواطنين يضطرون إلى نقل الملفات والوثائق خارج المديرية للمصادقة عليها من طرف المدير المتواجد في الميدان منذ بداية الفيضان. وأشار المسؤول إلى احتمال وجود إجراءات جديدة تتعلق بهدم السكنات المجاورة للوادي وتعويض أصحابها من طرف الدولة من أجل توسيعه‮ وإرجاع‮ الحجم‮ الطبيعي‮ له‮ على‮ غرار‮ وادي‮ بشار‮ الذي‮ بسبب‮ كبر‮ حجمه‮ لم‮ يخلف‮ خسائر‮ كالتي‮ خلفها‮ فيضان‮ غرداية‮.
سعيد‮ وردان‮ الصحفي‮ المنكوب‮
معايشته‮ للكارثة‮ جعلته‮ يعبر‮ بصدق‮ عن‮ هولها‮
سعيد‮ وردان‮ المشرف‮ على‮ قسم‮ الأخبار‮ بالإذاعة‮ المحلية‮ لولاية‮ غرداية‮ بصفته‮ صحفيا‮ وأحد‮ منكوبي‮ الفيضان‮ التقيناه‮ في‮ مقر‮ عمله‮ بالرغم‮ أن‮ عائلته‮ صارت‮ دون‮ مأوى‮ من‮ جراء‮ الكارثة‮.‬
سعيد وردان الذي فضل الالتحاق بإذاعة غرداية منذ ثماني سنوات وكانت آنذاك لا تزال فتية، احتك بالمجتمع الغرداوي عن طريق الروبورتاجات والبرامج الشبابية التي كان ينشطها عبر الأثير إضافة إلى القطاعات الأخرى. ويولي سعيد وردان اهتماما كبيرا للجانب الاجتماعي حيث كان له اتصال وثيق بالفئات الشبانية عن طريق برنامج "موجة الشباب" الذي قدمه لمدة خمس سنوات، ولا يزال يحدوه طموح كبير للغوص أكثر في هذا المجتمع الذي يتميز بتنوع ثقافي ومذهبي ولغوي من أجل اكتشاف المزيد من خصائصه ومميزاته.
سعيد الذي نجا من الموت بأعجوبة هو وزوجته يحمد الله على أنه عاش تلك الأوقات العصيبة بالرغم من أن الفيضان أتى على بيته وكل ممتلكاته، مؤكدا أن هذا الموقف ساعده أثناء مهمته الإعلامية في الإحساس أكثر بالمنكوبين وبالتالي التعبير بصدق عن هول الكارثة في الكثير من التدخلات‮.‬
ويجزم سعيد أنه مع بداية الفيضان لم يتمكن من التوفيق بين عمله وبيته بحكم أنه حوصر بالمياه داخل سطح منزله في تلك الصبيحة ما جعله يستفسر عن أحوال زملائه عن طريق الهاتف، لينتقل هو وزوجته بعد إنقاذه إلى بيت أحد المحسنين لقضاء الليلة ليكون في اليوم الثاني مع زملائه‮ بمقر‮ الإذاعة‮ تاركا‮ زوجته‮ المصدومة‮ في‮ بيت‮ عائلة‮ أحد‮ الزملاء‮.
وفي ظروف صعبة استطاع سعيد أن يعيد ترتيب عمل الطاقم الصحفي الشاب بقسم الأخبار بحكم تجربته بالتنسيق مع القسم التقني ودائرة الإنتاج. ويصف سعيد الجهد الذي قدمته إذاعة غرداية أثناء الكارثة بأنه أسطوري ويعتبره مدرسة جديدة تضاف إلى خبرته المهنية.
مدير‮ إذاعة‮ غرداية‮ ل‮ "‬المستقبل‮":‬
الإذاعة‮ المحلية‮ لعبت‮ دورا‮ هاما‮ في‮ تفنيد‮ الإشاعات
كشف مدير الإذاعة المحلية لولاية غرداية أن هذه الأخيرة كان لها الدور الفعال في تسيير الكارثة التي حلت بالمنطقة منذ اليوم الأول، فإلى جانب المهمة الإعلامية التي قامت بها بالرغم من صعوبتها بعد انقطاع البث، حيث اضطر العديد من الصحفيين ممن تنقلوا إلى الأماكن المنكوبة مشيا على الأقدام، أن يبثوا تسجيلاتهم عن طريق الهاتف النقال لتبث بدورها عبر قنوات الإذاعة الوطنية. إلى جانب هذا لعب صحفيو إذاعة غرداية دورا أقل ما يمكن القول عنه أنه اجتماعي، فقد استطاع العديد منهم إقناع أصحاب الخير من شخصيات وهيئات للمشاركة في مبادرات‮ تضامنية‮ تشمل‮ جمع‮ المساعدات‮ وإيصالها‮ إلى‮ المناطق‮ المتضررة،‮ إضافة‮ إلى‮ تفنيد‮ الإشاعات‮ في‮ وقتها‮ من‮ أجل‮ إعادة‮ الهدوء‮ في‮ صفوف‮ المواطنين‮.‬
كيف‮ تعاملت‮ الإذاعة‮ المحلية‮ لغرداية‮ مع‮ الكارثة‮ وما‮ الدور‮ الذي‮ قامت‮ به؟
كانت الإذاعة حاضرة منذ بداية الفيضان بحيث مباشرة بعد التأكد من الخبر اتصلنا بالمدير العام للإذاعة وأبلغناه بمستجدات الأمر، حيث قدم لنا بعض التوجيهات التي يجب اتخاذها في مثل هذه الحالات، في الوقت نفسه قمنا بالاتصال بخلية الإعلام بالولاية وبالحماية المدنية وبالجهات الأمنية والهلال الأحمر الجزائري. وصارت الإذاعة تشكل حلقة وصل حقيقية بين خلية الأزمة التي شكلت في تلك اللحظات وجماهير المواطنين القاطنين على ضفاف الوادي. وكان للإذاعة الدور الفعال في إعلام المواطنين بما يجب فعله على اختلاف الأحياء التي يقطنون بها بتوجيه من خلية الأزمة وطمأنتهم بأن المصالح الأمنية والحماية المدنية تقوم بدورها من أجل إنقاذ المواطنين. بعدها أوقفنا شبكة البرامج العادية وأصبح البث 24 ساعة على 24 ساعة بقرار من المدير العام حتى نتابع تطورات الموقف ونواصل عملية تحسيس المواطنين. وكانت الإذاعة في اليوم الأول عبارة عن بلاطو مفتوح بعد إعادة انطلاق البث. في اليوم الموالي للكارثة كنا قد بدأنا في تقديم شبكة برامجية خاصة طارئة عبارة عن موائد مستديرة وبلاطوهات مفتوحة وبلاغات إعلانية شارك فيها ضيوف الولاية الرسميون الذين حضروا لمعاينة آثار النكبة والمنظمات‮ والمجتمع‮ المدني‮ والمديريات‮ والمؤسسات‮.‬
إعلاميا‮ كيف‮ تم‮ تفنيد‮ الإشاعات؟
نعم لقد انتشرت الإشاعات أثناء الكارثة والقائلة بأن هناك فيضانا آخر سيحدث وأن السد الأبيض قد انفجر، والغرض من هذه الإشاعات هو تهجير الناس من منازلهم للأسف للسطو عليها وزرع الهلع في أوساطهم، وكانت الإذاعة في كل مرة تتصل بالجهات المختصة للتحقق من صحة الأخبار الواردة ليتم طمأنة المواطنين بصفتها ناقلا للخبر من مصدره. وقد لعبت الإذاعة دورا مهما في إبراز جهود التضامن بين المواطنين، إضافة إلى كل التغطيات الإعلامية لنشاطات كل المصالح بما فيها تدخل الجيش في فك العزلة عن المناطق بإنشاء طرق ترابية. وكانت الإذاعة خلية للإعلام‮ والاتصال‮ جمعت‮ الصحفيين‮ من‮ كل‮ المؤسسات‮ الإعلامية‮ حيث‮ توافيهم‮ بالمعلومات‮ حول‮ ولاية‮ غرداية‮ وتسهل‮ لهم‮ الاتصال‮ بمؤسساتهم‮.
يقال‮ إن‮ إذاعة‮ غرداية‮ لعبت‮ دورا‮ اجتماعيا‮ إضافة‮ إلى‮ الدور‮ الإعلامي؟
أكيد، فقد كانت الإذاعة تدعو وتستعطف أصحاب الورشات الكبرى للوقوف بجانب إخوانهم في هذه المحنة بتسخير إمكانياتهم في رفع الأوحال وفتح الطرقات وإيصال المعونات. وقد استضافت بلاطوهات الإذاعة العديد من الشخصيات السياسية وأعيان المناطق وشيوخ الزوايا للتعبير عن تضامنهم‮ مع‮ المنكوبين‮ ومساعدتهم‮ بالإمكانات‮ المتوفرة،‮ وقد‮ اضطر‮ الفريق‮ الإذاعي‮ الذي‮ أشرف‮ على‮ البث‮ في‮ اليوم‮ الأول‮ إلى‮ التنقل‮ مشيا‮ على‮ الأقدام‮ من‮ أجل‮ الوصول‮ إلى‮ مكان‮ عمله‮.‬
نشكركم‮ سيدي‮ على‮ هذا‮ اللقاء‮ فهل‮ لكم‮ من‮ كلمة‮ ختامية؟
شكرا على هذه الالتفاتة الطيبة. أقول أنه منذ اليوم الثالث عشر بدأنا نعود إلى شبكتنا البرامجية العادية تدريجيا بتكييف كل البرامج مع آثار هذه الفيضانات وإبراز الجهود التي خصصتها الدولة لتجاوز هذه المحنة من أجل عودة التلاميذ إلى مدارسهم والتكفل بالمتضررين.
رئيس‮ بلدية‮ بنورة‮ ل‮ "‬المستقبل‮":‬
نرتقب‮ قرارا‮ حكوميا‮ لتشديد‮ الرقابة‮ على‮ مشاريع‮ البناء
بلدية بنورة إحدى البلديات التي تضررت من الفيضان تبعد بحوالي ثلاثة كيلومترات عن وسط غرداية وتلفها ثلاثة أودية ويمر عبرها الطريق الوطني رقم 1 الذي يصل الشمال بالجنوب، كان لنا حديث مع رئيس بلديتها القائد الكشفي أحمد سبعي حيث سلط الضوء على التنسيق بين البلدية والهلال‮ الأحمر‮ الجزائري‮ والكشافة‮ الإسلامية‮ والذي‮ بواسطته‮ تم‮ احتواء‮ الكارثة‮ والتخفيف‮ من‮ أضرارها‮.
هلا‮ حدثتمونا‮ عن‮ حجم‮ الخسائر‮ على‮ مستوى‮ البلدية؟
البلدية تقع بين ثلاثة وديان واد ميزار واد متيسة وواد أزول وبالتالي أثناء الفيضان حوصرت بين هذه الأودية، إلا أنه إذا قارناها ببلدية العطف وبلدية غرداية نجد أن الخسائر تعتبر ضعيفة حيث لا يوجد قتلى، من جانب آخر المنازل المتضررة متواجدة على ضفة الواد اليسرى وقد أحصينا ما يقارب 650 عائلة منكوبة والتحقيق جار بالطبع من طرف المصالح المختصة، وفيما يتعلق بقطاع التربية لدينا مدرسة واحدة تضررت وتأخرت الدراسة فيها بأسبوع فقط بعد إعادة تهيئتها مباشرة، كما أن هناك مدرستين تعرضتا لأضرار بسيطة لكن خلال أيام العيد تم تنظيفها‮ لتستأنف‮ الدراسة‮ فيها‮ بشكل‮ عادي‮. أما‮ ما‮ يخص‮ حظيرة‮ البلدية‮ فقد‮ تضررت‮ كثيرا‮ حيث‮ أن‮ مجمل‮ مركبات‮ وعتاد‮ الأشغال‮ غرق‮ في‮ المياه‮.
وكم‮ يقدر‮ حجم‮ الخسائر‮ بالحظيرة؟
من 5 إلى 6 ملايير سنتيم ولكن والحمد لله الكل مؤمّن والعمل الإداري مع شركات التأمين جار. أما بالنسبة للمنشآت القاعدية بما فيها الطرقات فقد انقطع الطريق الوطني رقم 1 والذي يمر وسط بلدية بونورة، ولكن بعد أقل من ثلاث ساعات عمل استطعنا إعادة فتحه لننتقل إلى الطرق الثانوية داخل الأحياء لرفع العزلة عنها، واستعنا في هذه العملية بآلات وعتاد المقاولين الخواص الذين استجابوا لنداءاتنا، كما وفرنا الماء الشروب للمواطنين خلال اليوم نفسه بعد تصليح شركة المياه لكل مضخاتها وهذا بنسبة 90 بالمئة.
ألم‮ تتأثر‮ نوعية‮ المياه‮ أثناء‮ الفيضان؟
المراقبة الصحية جارية بمساعدة تقنيين جاءوا من ولاية سطيف من أول يوم وهم يعملون إلى الآن لمراقبة قنوات المياه الشروب والصرف الصحي وخزانات المياه والآبار ومعالجة المياه ولم نسجل أية حالة تسمم إلى حد الآن.
فيما‮ يخص‮ العائلات‮ المنكوبة‮ أين‮ تم‮ نقلها؟
حوالي 650 عائلة منكوبة هناك منها من استطاعت تنظيف بيتها لتبقى فيه كما هناك من انتقلت إلى منازل أخرى عن طريق الكراء والسكن عند الأقارب، وهذا محاولة منا لتفادي مظهر الخيم في انتظار الحل القريب للدولة، وبالنسبة للإعانات لدينا مركز على مستوى البلدية لتجميعها بالتنسيق‮ مع‮ الهلال‮ الأحمر‮ الجزائري‮ والكشافة‮ الإسلامية‮ الجزائرية،‮ وهي‮ الآن‮ كافية‮ لكل‮ المنكوبين‮ ماعدا‮ النقص‮ الذي‮ سجلناه‮ في‮ الأفرشة‮ والأغطية‮ للعائلات‮ التي‮ عادت‮ إلى‮ منازلها‮.
إذا‮ تحدثنا‮ عن‮ السبب‮ الرئيسي‮ لهذه‮ النكبة‮ في‮ رأيكم‮ من‮ هو‮ المسؤول؟
في نظري هناك سببان رئيسيان الأول هو كمية المياه غير المعتادة والتي تدفقت عبر الوادي، وهذا ما أكده العديد من الشيوخ الذين لم يروا مثل هذا التدفق من قبل، والسبب الثاني هو بناء المواطنين على ضفاف الوادي في حين من المفروض ترك مسافة 100 متر على الأقل تجنبا لأي خطر‮.‬
في‮ نظركم‮ هل‮ للإدارة‮ جانب‮ من‮ المسؤولية؟‮
طبعا‮ لأنها‮ سمحت‮ للمواطن‮ أن‮ يبني‮ بطريقة‮ فوضوية‮ وتتحمل‮ مسؤوليتها،‮ ولكن‮ المواطن‮ أيضا‮ عليه‮ تحمل‮ أكبر‮ جزء‮ منها‮ بحكم‮ أنه‮ المسؤول‮ الأول‮ عن‮ حياته‮.‬
هل‮ هناك‮ قوانين‮ جديدة‮ تتعلق‮ بشروط‮ البناء‮ على‮ غرار‮ قوانين‮ ما‮ بعد‮ زلزال‮ بومرداس؟
لحد الآن لا توجد، لكن نترقب إصدار قوانين من الحكومة قريبا وفرض نظام جديد لتشديد الرقابة على مشاريع البناء، ومن المفروض أن نأخذ العبرة من الكوارث التي حلت بالجزائر في السابق، ولكن للأسف هذا لم يحدث ونحن لدينا في القانون العرفي ما معناه أنه لك الحق في أن تمتلك‮ أراضي‮ في‮ الوادي‮ لكن‮ للفلاحة‮ فقط‮ لا‮ للسكن‮.‬
بحكم‮ أنكم‮ قائد‮ كشفي‮ كيف‮ تعاملت‮ الكشافة‮ الإسلامية‮ مع‮ الكارثة؟
الكشافة الإسلامية كان لها دور كبير بالإضافة إلى الهلال الأحمر الجزائري وهذا فيما يتعلق بمساعدة العائلات المنكوبة في تنقية منازلها والطرقات. بالنسبة لتوزيع المعونات أقول لكم صراحة أني لم أعد أثق في أي شخص ما عدا الكشافة والهلال الأحمر، وهما قائمان على هذا إلى حد الآن، وبالمناسبة وأكثر من ذلك تحرك الإخوان في الكشافة من كل الولايات من أجل جمع الإعانات وإرسالها وهي تصلنا يوميا زيادة عن الإعانات الرسمية، كما أن الاتصالات الهاتفية لم تنقطع من القادة الكشفيين للاستفسار عن الأوضاع هنا.

هناك‮ بعض‮ الأحاديث‮ عن‮ تهميش‮ الهلال‮ الأحمر‮ في‮ الأيام‮ الأولى‮ من‮ الفيضان‮ ما‮ هو‮ تعليقكم؟
بالنسبة لبلدية بونورة الهلال الأحمر وفي يوم النكبة كان في الميدان وكان هناك تنسيق كامل بينه وبين البلدية والكشافة وهو إلى اليوم يساهم في التخفيف من الأضرار حتى أنه يشرف على جمع معونات المحسنين في بونورة لتوزيعها في البلديات المجاورة إضافة إلى إشرافه على مطابخ‮ لتوزيع‮ الطعام‮ على‮ المنكوبين‮ هناك‮.
ملف من اعداد مبعوث‮ المستقبل‮ إلى‮ غرداية‮ / أحمد‮ حضري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.