بعد أن كشف فضائح فرنسا الاستعمارية في الجزائر، إثر نشره كتاب "يد ممدودة على الجزائر"، عاد الصحافي الفرنسي بيار بيون في كتابه الجديد "العالم حسب ك." هذه المرة، ليضرب في عمق حياة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، ليسقط الصورة التي رسمها الفرنسيون عنه في مخيلاتهم، وكشف أن يهوديته هي المحرك الرئيس لكل أفعاله ومواقفه، بل إن سياسة فرنسا الخارجية، تحولت إلى ملحقة للسياسة الأمريكية ولإسرائيل. وورد في كتاب بيار بيون أن كوشنير شارك في مؤامرة أمريكية استهدفت رواندا والبوسنة وفلسطين وكوسوفو، بهدف تقسيم وتفتيت الأقاليم والدول. واتهمه باستغلال منصبه كوزير للخارجية، للضغط على حكومات إفريقية مقابل الحصول على التقارير المتأخرة التي أنجزها حول الأنظمة الصحية لهذه البلدان. كما توقف بيون عند قضية تعيين كريستين أوكرانت، زوجة كوشنير، في منصب مديرة الإعلام الخارجي في خضم صراع المصالح، وكيف أقدمت على تسريح العديد من الصحافيين الذين انتقدوا زوجها سواء في تلفزيون فرنسا 24 أو إذاعة فرنسا الدولية، من بينهم الصحفي الشهير ريتشارد لابيفيار. ووضع بيون بورتريه مخيف لكوشنير، يمكن إدراكه من خلال هذه المقارنة التي وضعها بينه وبين هوبير فيدرين: "كوشنير يفضل كل ما له علاقة بالمشاعر، حتى يستغله كأرضية لسياسته، وأما فدرين الذي يصفه كوشنير بالمقزز والمثير للسخرية، فيستند في قراءته للأمور إلى معرفته بالتاريخ، التي تمكنه من تحليل أي وضعية". وبحسب بيون فإن كوشنير قدم خدمة جليلة لادراة كلينتون في كوسوفو، "فأصبح بعد عام 2002، مستشارا دوليا في مجال الصحة، مهتما مثل السابق بإفريقيا. كان مهتما بالشبكات الفرنسية المؤثرة في إفريقيا، بسبب عمله الخاص، وبالسودان بسبب التزامه العمومي، غير انه اهتم هذه المرة بمقاطعة تقع غرب السودان إنها دارفور، وهذه مصلحة أخرى يتقاسمها هنا أيضا مع واشنطن". وكشف بيون عن عدد من الأسماء ضمن قائمة المؤسسين لجمعية "طوارئ دارفور"، الذين قاموا بالترويج إعلاميا لقضية دارفور، من بينهم إيلي ويسيل الحاصل على جائزة نوبل للسلام والصديق الحميم لبرنار كوشنير، بالإضافة إلى الفيلسوف برنار هنري ليفي ونجوم من هوليود كجورج كلوني وإنجيلينا جولي. وكان أيضا ضمن النشطين في جمعية "طوارئ دارفور" فلاسفة مقربون من برنار كوشنير، كأندري غلوكسمان وباسكال بروكنر، دون أن ننسى مدير شارلي ايبدو، فيليب فال، الذي يرى أن حرية التعبير يجب أن تكون مطلقة عندما يتعلق الأمر بانتقاد المسلمين أو الكاثوليك، كما تعني أيضا غض الطرف عن أولئك الذين ينتقدون إسرائيل. وخلص بيون :"لم نر أبدا حملة إعلامية مكثفة بهذا الشكل، ولم نر أبدا دعاية مغرضة قائمة على آليات عرقية وثقافية على نحو "العرب يذبحون السود"، أو "النظام المتطرف في الخرطوم يقتل المدنيين المعارضين للشريعة". لقد اكتسبت السياسة الدولية، حسب ما يفهم من كتاب بيون، رداء عنصريا مخيفا. ويستأنف بيون:"كانت فرنسا في بداية عام 2007، غارقة في خضم الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية، ولهذا قرر كوشنير وأصدقاؤه في "طوارئ دارفور" استغلال الحملة الانتخابية لخدمة أهدافهم الشخصية. شهدت فرنسا بتاريخ 20 مارس 2007، أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية بشهرين فقط، تجمعا كبيرا في باريس حضره رجال سياسة ومثقفون وفنانون، وكان الهدف الرئيس من التجمع هو توقيع عقد التزام من اجل دارفور من قبل جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية. لكن وراء هذا، كان كوشنير برفقة أصدقائه، يسعون إلى فرض فكرة حل عسكري وإنساني لإنقاذ سكان دارفور "ضحايا الإبادة". لقد تلفظ كوشنير بهذه الكلمة الرهيبة وتحدث من دون حجج قائلا: "إنها أول إبادة يشهدها القرن الواحد والعشرون". وقال روني برومان "لقد لعب كوشنير دورا محركا في هذه الحملة، لقد نظم التجمع الذي حضرته كبار الشخصيات في عالم السياسة، إنها طريقة استطاع بفضلها أن يصبغ الحملة بصبغة رسمية أدت بدورها إلى ربط مصطلح "إبادة" بالصراع الدائرة رحاه في دارفور". لقد شارك كوشنير، بحسب بيار بيون، في بناء وضعية درامية، جعل الناس من خلالها يعتقدون أن عشرة آلاف قتيل يسقطون شهريا في دارفور.