هو ضابط في جيش التحرير الوطني بالولاية الرابعة، من مواليد سنة 1931 ببلدية جليدة بولاية عين الدفلى، من أسرة محافظة تعتمد في عيشها على الفلاحة.. تلقى تعليمه الديني بزاوية جده، حيث كان جده الشيخ الحاج علي الحضري صاحب زاوية، نشأ تحت رعاية والديه الكريمين تعلم القرآن والفقه الإسلامي، لما بلغ سن السادسة دخل الكتاب الذي كان أبوه معلما به. انتقل ليدرس التفسير عند الشيخ أحمد ببوراشد، كان يحب العلماء والرجال الوطنيين، كان سي أمحمد يتسم بملامح الذكاء وسمات النبوغ، كما عرف بين أهله بالجد والمثابرة بأخلاق عالية وعقل ينير وشجاعة نادرة، انقطع عن الدراسة لأن المستعمر عرقل مسيرة الذي يرغب في الحصول على العلوم ، فكان يتألم لمظاهر البؤس والحرمان الظاهر على أبناء وطنه، فحين يسترجع أهل الحق همهم ويزيحون غشاوة الخوف من قلوبهم ويحسوا في قرارات أنفسهم أنهم أصحاب قضية عادلة يجب الدفاع عنها حينما يتراجع أهل الباطل ليتقوقعوا على أنفسهم في انتظار فرصة أخرى. فالعدو ضعيف في ذاته وهو لا يقوى على مصارعة الحق إلا باستعمال القوة الردعية، كان يتساءل عن حقائق الوطن، وسلط المستعمر عليه وقد زادته الأيام حنكة بفضل احتكاكه بالعلماء والسياسيين واستطاع أن يكتسب خبرة سياسية واسعة بعد تعرفه على الحركة الوطنية والأحزاب السياسية مع فئة من الشباب المتحمسين للعمل الثوري والرافض للقوانين الجائرة التي عان منها أبناء مختلف المناطق، فأخذوا على عاتقهم الانتقام بحمل السلاح فرادى ضد المستوطنين الغلاة وعملائهم من الباشغوات والقياد وأذنابهم. حيث كانت عدة خلايا من المناضلين تنشط بين مليانة وخميس مليانة، عين الدفلى ومناصر وأولاد الشيخ، وسيدي سميان. كان سي أمحمد ينشط فيما بعد في حركة انتصار الحرية الديمقراطية رفقة سي أمحمد بوقرة ورفاقه فأشرف على إنشاء خلايا جبهة التحرير الوطني إنه الرجل القوي، فكان دعما هاما وركنا حصينا للسير قدما في هذا الطريق الشائك. إن الدعم الحقيقي لرجال من حوله بروح الثبات على المبدأ أو الصبر على تحمل المشاق التي قد يتعرضوا لها في هذه المسيرة. وفي سنة 1950 أجبر سي أمحمد رايس على تأدية الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي كغيره من الشباب الجزائريين، فكانت فرصة سانحة ليتعلم فنون القتال ويتعرف على أنواع الأسلحة المختلفة، وكان سي أمحمد بعيد النظر ويتميز بالحيوية والنشاط رغم وجوده في الجيش الفرنسي، لم ينقطع عن إخوانه المناضلين، حيث واصل مشواره النضالي رفقة عدة من مناضلين الجبهة، كان يزودهم بأهم المعلومات، لكنه أبى إلا أن يخرج ويناضل في أوساط الجماهير لأنه كان متأكدا أن ما يحققه خارج الثكنة أكبر وأكثر من داخلها بعد خروجه مباشرة من الخدمة العسكرية اندمج في الحياة المدنية بحلوها ومرها، باشر نشاطه التجاري في المواد الغذائية بالقرية، وجعل دكانه بمثابة مقر للمناضلين ومركز اتصال بين رؤساء الخلايا في القرى والمدن، لقد استطاعوا أن يحضروا ويهيئوا هو وأصدقاؤه عددا من أفواج المناضلين للثورة، كان سي أمحمد ينتقل من مكان إلى مكان يعد العدو للتصدي لأي طارئ يهدد كيان الأمة ذات سيادة، فالحديد بالحديد يفلح في محيط يسوده الظلم وجبروت الأقوى وقانون الغاب لم يترك للمواطنين أية فرصة لإبداء معارضتهم للنظام الاستعماري وإن في ذلك نوعا آخر من أنواع المقاومة. كان عدد من أتباع المنطقة وآخرون من جهات الوطن قد تطوعوا لنشاطات سياسية مكثفة تمثلت في عقد عدة تجمعات شعبية في مختلف القرى وخاصة ضواحي مليانة والروينة ومناصر أشرف عليها مناضلون قياديون وهم يدعون إلى توحيد الصفوف ويبثون الوعي وإنشاء خلايا وكشف نوايا العدو وفضح جرائمه، بدأ النشاط الفدائي فكان يقوم بتخريب مزارع المعمرين. ربى الضمائر وطهر النفوس وصفى القلوب فكان رجلا عظيما، لقد عمل على إعداد أفواج لمحاربة العدو برجال قادرين على التغيير للذين شوهوا تاريخهم ونعتوا بأوصاف لا تليق، فمنهم من سجن ومنهم من نفي ومنهم من قتل وهشمت أفكاره وشرد ذويهم، بل منهم من غيب حتى قبره. اكتسب تلك الفراسة بقلب خالص وتغلغل الإيمان فيه ببعد النظر واستعانة القلب ورجاحة العقل وسعة العلم وفهم الوضع من خلال التجربة. شعر العدو الفرنسي وأعوانه بخطورة سي أمحمد ورفاقه فما كان على سي أمحمد إلا أن يلتحق بجبل عمرونة ليترأس الفصيلة وبذلك يكون البطل قد فضل البندقية ونظرا لدراسته وخبرته في الأعمال العسكرية فقد أسندت إليه عدة قيادات من رئيس فصيلة إلى قائد عسكري إلى سياسي عسكري له مواقف جليلة تشرفه حيا وميتا وتخلد ذكراه في التاريخ وتكون له زاد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. لقد نظم عدة عمليات ومعارك طاحنة ضد قوات الجيش الفرنسي وعملائه في الناحية الرابعة المنطقة الثالثة من الولاية الرابعة، لقن العدو درسا في القتال، ألحق بهم خسائر في الأرواح والعتاد عندما كان يقود الكتيبة الحسينية التي قامت بتنظيم معارك كبرى في جبل عمرونة والونشريس وزكار وسيدي امبارك تولى سي أمحمد على رأس كومندو جمال عند استشهاد الشهيد إمام الياس المدعو جمال في 1958 في اشتباك ضد الجيش الفرنسي بالمنطقة الثالثة الونشريس. كان يهبط على (كوبيس) كالصاعقة وهو في ثكناته ومراكزه عندما يسمع بوجود كومندو جمال في المنطقة، يسرع بطلب الدعم في العدو الفرنسي. كان الكومندو يتحكم في الأعصاب والانضباط وعدم الخوف من مواجهة العدو، الأمر الذي جعل الكوموندو محل أنظار العدو الفرنسي وتحيط به قوى التجسس من كل جانب والأعداء يتربصون به الدوائر بمعية الذي لا يزال ظلام الغرور ينخر أجسامهم وعقولهم في محيط متوتر وخاصة جيش كوبيس، مثل هذا يقتضي إيجاد كوموندو قوي لردع كل من تسول له نفسه. فهذا الاستعداد الكامل من قبل كوموندو، حيث اتسعت المعارك عبر الولاية الرابعة فرض وجوده وتحمل الكوموندو رسالته النبيلة ومهامه الجسيمة. كان سي امحمد رايس يوصي ويبين للمجاهدين أفضل الطرق وأقوى المكيدة في الحرب وأن تكون أشد احتراسا من عدوكم لأن عددنا ليس كعددهم وعدتنا ليست كعدتكم. وبعد ترقيته إلى رتبة سياسي عسكري للمنطقة الأولى بالمدية هيأ نفسه للالتحاق بمهمته الجديدة ولكن قدر الله المحتوم أن يكون يوم 08 جوان 1958 ببلدية جليدة، حاصرته قوات العدو الفرنسي، أثبت جدارته في الميدان العسكري بكل رزانة وقاوم بكل بسالة، واصل تأدية مهامه إلى أن استشهد رحمه الله يوم 08 جوان 1958. وقد لا يصدق الكثير من الذين يجهلون تاريخ رجال هذه الأمة والذين لم يتذوقوا طعم الموافقة العظيمة كان يشاطر الأم سكان الأرياف الذين عانوا ويلات الجوع والبرد والعري والأمراض وغيرها من المشاكل التي سلطها عليهم العدو الفرنسي. كان سي أمحمد يوصي بالرفق بهم لقد علمنا شهدائنا أن التضحية والتجرد مجلبة للنصر لا محالة، لقد تعبوا لراحتنا وحاربوا لأمتنا وجاعوا للبسنا وماتوا لحياتنا رحم الله الشهداء، فهم شباب في مقتبل العمر كزهور ناضرة اقتطفها الاستعمار بكل وحشية وعنف وإيمانا منا بأهمية مثل هذا العمل الجبار في التعريف بأبطال الثورة التحريرية وفي ملء الفراغ الملحوظ في كتابة تاريخ هؤلاء الأبطال الذين شقوا طريق الحرية إلى النصر والاستقلال. رحم الله الشهيد والشهداء جميعا المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.