في أقل من شهرين، تبث الأخبار أحداثا توضح مدى الأريحية والقبول الواسع لشباب أوروبا للإسلام والترحيب به؛ بل والدفاع عن حق المرأة في الحجاب، جاء ذلك في دراسة ألمانية أشرنا إليها سابقا أن أكثر من 70 بالمائة من الشباب الألماني ما بين 16 و25 عاما، لا يجدون أي غضاضة في أن ترتدي المسلمة الألمانية الحجاب، ولا يرون الحجاب من مظاهر العنصرية، أو العودة ببلادهم للتخلف وعصور الظلام! إنه موقف مشرف لشباب ليسوا مسلمين أصلا، في مواجهة شيوخ (كبار السن) يتعاملون بعنف وعنصرية، أقل ما توصف به أنها متطرفة تطرفا أعمى، يصدها عن التفكير أو القبول بكلمة إسلام أو مسلمين أو عرب! الموقف الجديد المدهش والذي يدعونا للفخر والاعتزاز بشباب وفتيات المسلمين في أوروبا، هو حرص تلك الفتاة الفرنسية المسلمة سارة بنت ال15 عاما على حجابها ولباسها المحتشم، حين طردتها مديرة المدرسة في منطقة شارلفيل ميزيار الواقعة في شمال فرنسا، مرتين على التوالي خلال شهر، وحرمتها من الدخول إلى المدرسة بتهمة ارتداء تنورة طويلة سوداء واعتبرتها رمزا دينيا عنصريا! انسحبت سارة من المدرسة، وأصرت على حجابها، ليتولى والدها بعد ذلك إقامة دعوة ضد المدرسة، وإلى ذلك فالأمر طبيعي وكثيرا ما تأتي أحداث مشابهة له، في سياق قصص متواترة تتناقلها وسائل الإعلام بشكل دائم. والحدث الذي تدمع له العيون، ويدعو كل فتاة مسلمة تقيم في بلاد المسلمين لتأمله جيدا، وأخذ العبرة منه؛ هو أن سارة تضطر لخلع نقابها على عتبات المدرسة، وتكتفي بالحجاب فقط، ثم تعود لترتدي النقاب كاملا بعد انتهاء اليوم الدراسي. في محاولة منها للتوفيق بين رغبتها في مواصلة دراستها، دون أن تتنازل عن عفتها واحتشامها. هذا الموقف يدعو كل فتاة للتوقف مع نفسها، واستشعار نعمة الحرية، وتذوق نعمة الطاعة الحقيقية، وليس مسايرة الواقع الاجتماعي! إن موقف سارة من نقابها يدعو شبابنا وفتياتنا إلى اليقظة، ورفض الدعوات الكثيفة التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي لرفض التدين والاحتشام، كالدعوة للمجاهرة بالعلاقة بين الفتيات والشبان دون رابط شرعي، واعتبار أن مجرد إعلان العلاقة يعطيها شرعية، ثم دعوة أخرى لتقنين الفاحشة في بعض البلاد العربية؛ لأنها تحمى الشباب من تعدد العلاقات، وتقلل من نسب الطلاق! هذه الدعوات وغيرها من الدعوات الباطلة، تدعو الشباب في ديار الإسلام للتفلت من الدين، فيما يكافح مسلمو أوروبا للقبض على دينهم والاعتزاز به دون خجل أو تردد. فقد أدركوا أنه الطريق الأمثل إلى الرقي والحضارة والإنسانية، والأهم من ذلك فهو الطريق إلى مرضاة الله تعالى. فهل يأتي اليوم الذي يتصدي فيه شبابنا بوعي لخطورة العلاقات المشبوهة والمحرمة، فنجدهم يقودون بأنفسهم الدعوات للعفاف، ويتواصون فيما بينهم بالطاعة والصلاح، والمضي في طريق بناء الأوطان بما يرضي الله تعالى، ويحقق إعمار الأرض وتعبيد الناس لله عز وجل، كما أراد لنا خالقنا سبحانه وتعالى؟!