تعلمت تغسيل الموتى من والدتي وأرى الموت أمامي دائما هناك الكثير من الناس في المجتمع الجزائري من يستحقون الكثير من الاحترام والتقدير نظير العديد من الأعمال التي يقدمونها ابتغاء مرضاة الله إلا أن هؤلاء الناس للأسف مهمشون ولا يستذكرهم أحد فقط يتم تذكرهم حين تكون هناك حاجة ماسة إليهم ومن بين هؤلاء العظماء خالتي(فاطمة) التي استقبلتنا في بيتها الكائن ببلدية باب الوادي بابتسامة جميلة ورقيقة ممزوجة بأسمى عبارات الطيبة والكرم تسر قلب وخاطر كل من ينظر إليها أو يحدثها هاته الأم والجدة اختارت مهنة تعدها ذخرا لها في حياتها ووفاتها فقد أرادت أن تكون غسالة للموتى جعلت من مسجد السنة بباب الوادي عنوانا لمقر عملها خالتي(فاطمة) تبلغ من العمر68 عاما تعلمت هذه المهنة عن المرحومة والدتها التي لقنتها كيفية تغسيل الموتى قبل وفاتها منذ حوالي 15 سنة وفي خضم حديثنا إليها أخبرتنا أنها تخوفت من تغسيل الموتى في البداية إلا أنها اعتادت عليها تدريجيا تقول خالتي (فاطمة) إن الكثير من الناس يخافون تغسيل الميت ويهابون الاقتراب منه وهو حالها عندما كانت مع أمها أول مرة لتغسيل جارتهن حيث انتابها خوف شديد في البداية فقد تخيلت أن الميتة ستقوم إليهن لتحدثهن ولكن أمها بقيت تقول لها لا تخافي فهي نائمة ولن تقترب منك وشيئا فشيئا تقربت خالتي(فاطمة) من الميتة وبدأت في تغسيلها ومن هنا بدأت تمارس هذه المهنة وعدنا وسألنا خالتي (فاطمة) مرة أخرى ما هو الشيء الذي يشدها لهذه المهنة فأجابتنا (أكثر شيء شدني إلى هذه المهنة هو أنها تذكرني في الموت دائما تجعلني أفكر أني قد أكون في أي وقت محل أي شخص هنا لذلك أسعى جاهدة على أن أكون مستعدة لهذه اللحظة دوما من خلال التسامح مع الغير وأداء واجبي مع خالقي وغيري ولا أترك مجالا للنزاع والشقاق مع أي كان حتى إذا جاء ملك الموت ليقبض روحي أكون مرتاحة الضمير اتجاه غيري) عدنا وسألناها مرة أخرى عن الأمر المؤلم في مهنتها فأجابتنا (أنه عندما أدخل إلى بيت ميت من أجل تغسيله وأجد أهله يبكون وينوحون من أجله أحس وكأن قلبي سيتمزق حينها) والجدير بالذكر أن خالتي(فاطمة) تقوم الآن بتعليم إحدى بناتها تغسيل الأموات من خلال أخذها معها في كل الجنائز التي تحضرها تقريبا وذلك حتى تتركها بعدها إن توفت وذلك حتى يبقى التغسيل متوارثا في العائلة من الأم إلى البنت.