شكّلت مبادرة استقبال اللاّجئين لإنقاذها من الاندثار رياتشي.. البلدة الإيطالية التي عادت إلى الحياة بفضل المهاجرين نشرت مصادر إعلامية تقريرا تعرّضت فيه إلى المبادرة التي اتّخذها عمدة بلدة رياتشي الواقعة بمقاطعة كالابريا في الجنوب الغربي لإيطاليا والمتمثّلة في الترحيب باللاّجئين في هذه البلدة بعد أن تناقص عدد سكّانها وأصابها الكساد وكادت تغلق مدرستها وورشاتها خلال فترة التسعينيات. ذكر هذا التقرير أن هذه البلدة التي كانت مشهورة عالميا بفضل تقاليد صناعة تماثيل البرونز التي تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد جلبت الاهتمام خلال السنوات الأخيرة عندما أصبحت مثالا للإنسانية والحفاوة بعد أن قرّرت مقاومة التراجع الديمغرافي فيها من خلال احتضان المهاجرين ومساعدتهم على العمل مع الإيطاليين في ورشات النجارة والتطريز ونفخ الزجاج وأوضح أن بلدة رياتشي التي تقع عند مستوى 300 متر فوق سطح البحر ويتمّ الوصول إليها بعد عبور طريق طويلة ووعرة أصبحت مثالا للجمال والنظافة حيث أن العديد من اللاّجئين يعملون في مجال الصيانة والتنظيف مثل دانيال وهو لاجئ غيني يعمل في جمع النفايات في البلدة وكان قد وصل عبر قوارب الموت إلى سواحل جزيرة لامبيدوزا في سنة 2008 ويعيش حاليا في رياتشي مع زوجته وابنيه منذ سنة 2009 فيما يتمتّع بحياة طيّبة بمرتّب شهري لا يتجاوز 1200 أورو. وقالت المصادر إنه لفهم سر حيوية هذه البلدة يجب مقابلة دومينيكو لوكانو الذي يشغل منصب العمدة لثلاث دورات متتالية. هذا الرجل البالغ من العمر 57 عاما مثال لطاقة الإنسان الإيجابية وللنظرة المتفائلة. فلطالما كان العمدة من المهتمّين بالعمل التطوّعي والإنساني خاصّة عندما غرق مركب يحمل على متنه نحو 300 مهاجر كردي قبالة سواحل رياتشي في الأوّل من جويلية 1998. ونقلت عن العمدة أنه (قام بإقناع سكان البلدة آنذاك بإيواء هؤلاء الأكراد باعتبار أن كل واحد من سكان رياتشي قد كان شاهدا على هجرة أحد الأقرباء أو أحد أفراد العائلة نحو بلد بعيد) ثمّ قام بإعادة تهيئة المنازل المهجورة وفتحها للمهاجرين في محاولة منه لإعادة إعمار البلدة التي أصبحت مهددة بغلق المدرسة واندثار الصناعات التقليدية فيها كما أشار إلى أن عدد سكان المنطقة بعد أن تراجع إلى 900 نسمة في حدود سنة 1998 ارتفع إلى 2100 نسمة منهم 400 طالب لجوء وذكرت أن أقدم لاجئ في البلدة هو عامل بناء كردي يدعى باران وهو يتمتع بمنحة يومية تساعده على العيش بفضل البرنامج الحكومي لحماية المهاجرين وطالبي اللجوء الممول من وزارة الداخلية وهو يضمن لكل مسنّ منحة يومية قدرها 35 أورو و45 أورو لكل قاصر. وأضافت الصحيفة أن كلّ الأطفال يتمّ إلحاقهم بالمدارس منذ بلوغهم سن الثالثة وأن كبار السنّ يتابعون دروسا في اللغة الإيطالية بمعدل ثلاث ساعات يوميا لفترة تمتد لستة أشهر على أقل تقدير كما أن من يمتلكون صفة لاجئ بإمكانهم التمتع بتدريب مهني ومنحة شهرية تقدّر ب 500 أورو وأكّدت أن الخطوات التي اتخذها عمدة البلدة أثّرت بشكل مباشر على جميع السكان باعتبار أن اللاجئين استطاعوا الحصول على عمل مثل عاطفة الإريترية التي تعمل في نفخ الزجاج وطاهرة الأفغانية التي تعمل في التطريز. كما تمكّن الإيطاليون من الحفاظ على ميراثهم التاريخي وصناعتهم التقليدية الأمر الذي أدخل البهجة على قلب سالفاتور ذي الثمانين عاما وجعله (يحسّ بأنه أصغر عمرا) بفضل رؤية هذا العدد الكبير من الشباب والأطفال في المدينة.