مختصون يطلقون صفارة الإنذار البخل العاطفي يحمل عواقب وخيمة على الأبناء إن لسان حال كثير من الأبناء يقول: نحن لا نحتاج فقط إلى محفظة مدرسية ولباس أنيق ودواء مفيد وأكل لذيذ إننا إلى جانب ذلك نحتاج إلى صدر دافئ يحتضننا وأذن واعية تستمع لآهاتنا وإلى عقل واسع مدرك يجيب عن تساؤلاتنا. إنه نداء العاطفة من الأبناء لآبائهم يشعل صفارة إنذار من نتائج وخيمة قد تكون نتيجة البخل العاطفي تجاههم وهم في أمس الحاجة إلى عاطفة تساهم في توازن بنائهم النفسي والجسمي وتقيهم شر كثير من الانزلاقات والسلوكات المنحرفة على غرار تعاطي المخدرات والبحث عن حضن دافئ قد يتحول إلى ذئب مفترس يغتصب طفولتهم. إن البخل العاطفي من الآباء تجاه الأبناء ينذر باضطرابات نفسية كما يؤكد ذلك المختصون في علم النفس لذلك وجب على الآباء أن يصحوا من سباتهم العميق ويؤدوا للأطفال حقهم من العاطفة التي تمكنهم من الاستمتاع بحياة هادئة مطمئنة وبالتالي تحقيق أهدافهم في الحياة بنجاح وثقة في النفس عالية. العاطفة أمر ضروري لا أحد يجادل في كون الحضن الدافئ للأم والأب لا يعوض وأن لا ملجأ للأبناء إلا البيت ولابد للآباء من الانتباه إلى البديهية النفسية التي مفادها أن: (ما لا أجده في بيتي وبين أسرتي سأبحث عنه خارجها) وهذه بداية الطامّة أو بداية التصدّع الأسري من الداخل حتى وإن بقيت الروابط الشكلية بين أفراد الأسرة قائمة. وليعلم الآباء أن قبلات الوالدين لأولادهم زَخَمٌ وشحنٌ عاطفيّ لا يستغنون عنه كما لا يستغنون عن غذائهم وشرابهم ولهم في خير البرية خير قدوة وهو الذي يقبل الحسن والحسين حتى إنه قال لرجل أقر أمامه أنه لا يقبل أحدا من أبنائه العشرة: وما أملك لك إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك!! عواقب وخيمة على الأبناء وفي هذا الصدد تقول ريم وهي طفلة تعرضت للاغتصاب وعانت ويلاته (إنني فقدت الحنان في أسرتي وبحثت عنه خارجها فوقعت ضحية الاغتصاب من أخ صديقتي الذي أسمعني لأول مرة في حياتي كلمة (حبيبتي) فانخدعت بها وظننته فعلا يحبني ويعطف علي فإذا به ذئب يفترسني لقد ندمت ولكن حيث لا ينفع الندم فقدت شرفي وفقدت دراستي فكيف سأستأنف حياتي دون شرف ولا دراسة خاصة وأن والدي ابتعد عن أمي وتركنا نعاني ولم أجد العاطفة في ظل الظروف القاسية التي تعانيها أمي حتى كنت ضحية). ريم نقطة من بحر يضم الكثير من ضحايا البخل العاطفي الذين رمتهم أمواج هذا البحر بين أيدي سواحل الاغتصاب وشبكات الدعارة وتجار المخدرات كما شبكات الاتجار بالبشر لا لشيء سوى لأنهم افتقدوا عاطفة الأبوين وحنانهم داخل البيوت وخرجوا يبحثون عنها في ظلام دامس لا يرحم فانقض عليهم وخدش براءتهم. رأي علم النفس يجمع المختصون في علم النفس أن العاطفة هي أحاسيس باطنية ولكن لها مولدات خارجية تزيد فيها أو تنقص منها أو تطفئها ومنها: النظر بل الإمعان في النظر في العين اللمس لما فيه من طاقة فسيولوجية تولد عبر الجلد اللعب لما فيه من التفاعل والضحك والابتسامة. اللغة لما فيها من كلمات التقدير والحب والملاطفة. خدمة الأبناء لما فيها من أحاسيس المسؤولية والعطاء. وللمس أهمية كبرى في النمو الجسدي والنفسي ونقصان لمس الأم لابنها يؤدي إلى ظهور عوارض نفسية بل يؤدي أيضا إلى ظهور أمراض عضوية كما أن الدراسات النفسية تؤكد أن الإحساس بالأمومة هو أقوى إحساس على الإطلاق حسب دراسات أجريت في المجال.