بعدما عانوا من ظلمات الجهل لسنوات أقسام محو الأمية تستقطب كبار السن يحتاج الإنسان وحتى يحافظ على حياته إلى الغذاء حتى يستطيع أن يقوي جسمه ويقف على قدميه ولكنه ومن جهة أخرى يحتاج إلى غذاء آخر حتى يغذي عقله وهو العلم الذي يعتبر أساس كل حضارة وكل دولة والجزائر وكغيرها من دول العالم تهتم بهذا المجال كثيرا حتى تضمن مستقبلا زاهرا وتسعى جاهدة للقضاء على الأمية وقد سطرت في ذلك برامج مكثفة وهو ما استقطب الكثير من كبار السن وجعلهم يقبلون على تعلم القراءة والكتابة بشغف. عتيقة مغوفل سمحت السياسة الوطنية لمحو الأمية التي شرع في تنفيذها منذ 2007 بتراجع نسبة الأمية في الجزائر إلى 12 33 بالمائة حسب إحصائيات الديوان الوطني لمحو الأمية كما تم إحصاء 476742 دارس منهم 54388 ذكور و422354 إناث بنسبة 88 59 بالمائة خلال السنة الدراسية 2015-2016 وهو رقم هام جدا مقارنة بالأرقام المرعبة التي كانت تحصيها الجزائر في الأمية خلال السنوات الفارطة وما يشد الانتباه أن الكثير من المتمدرسين بهذه الأقسام يقبلون على التعلم بشغف كبير.
قراءة المصحف تقوي عزيمة البعض تضم العديد من المدارس وعبر كامل التراب الوطني أقساما خاصة بمحو الأمية ومدارس العاصمة كغيرها من المدارس تضم هي الأخرى أقساما خاصة بمحو الأمية وبما أنها واقعة في قلب العاصمة هو الأمر الذي جعلها قبلة للكثير ممن يجهلون القراءة والكتابة وبمختلف فئاتهم العمرية من أجل تعلم بعض أبجديات اللغة العربية خصوصا وأن الكثير منهم لا يعرف قراءة حرف واحد وقد قابلت (أخبار اليوم) بعض كبار السن الذين يترددون على أقسام محو الأمية بإحدى المدارس الابتدائية الواقعة بحي باب الوادي وكانت أول من قابلناها الحاجة زهرة التي تبلغ من العمر 65 سنة هذه الأخيرة تدرس في قسم محو الأمية منذ ثلاث سنين حين تقربنا منها من أجل الحديث إليها عرفنا كم هي فخورة بنفسها كثيرا لأنها اصبحت تتقن القراءة والكتابة بعدما عانت من الأمية لسنوات طويلة وحسبما أخبرتنا به فهي لم تفكر يوما أنها ستتقن الحروف الأبجدية بعدما جهلتها منذ ولادتها أخبرتنا الحاجة زهرة أن والدها لم يفكر يوما أن يسجلها في المدرسة خصوصا وأنها تنحدر من إحدى الولايات الداخلية والتفكير السائد فيها في تلك الفترة أن البنت تبقى في البيت إلى غاية أن تتزوج وهو ما كان فقد تزوجت السيدة زهرة وهي تبلغ من العمر 15 سنة وجاءت رفقة زوجها إلى العاصمة من أجل العمل وسخرت كل حياتها فيما بعد لأولادها ولكنها بقيت متحسرة على نفسها لأنها ظلت تعاني من الأمية خصوصا عندما تكون وحدها في البيت ولا تعرف قراءة حتى علبة الدواء الخاصة بها إلى أن اقترحت عليها إحدى بناتها أن تسجلها في قسم محو الأمية وهو ما كان وأصبحت تتردد على مدرستها يومين في الأسبوع أمسية السبت والثلاثاء ولا تتخلف عن موعد دراستها أبدا وبعد مرور ثلاث سنوات أصبحت تتقن القراءة والكتابة وأصبحت فخورة بنفسها كثيرا لأنها أصبحت تتقن قراءة المصحف وزادت فرحتها عندما زارت البقاع المقدسة من أجل تأدية العمرة وعرفت قراءة أسماء الشوارع وأبواب المسجد المكي. تتقن الفرنسية وابتغت تعلم لغة القرآن لم تكن السيدة زهرة الوحيدة التي أصبحت تتقن القراءة والكتابة بعد سنوات طويلة بل غيرها من كبيرات السن كثيرات ومن بين هؤلاء السيدة حورية في العقد السادس من العمر هذه الأخيرة حالها يختلف قليلا عن حال سابقتها لأنها تتقن القراءة والكتابة بالفرنسية بما أنها من مواليد الحقبة الاستعمارية و كانت تقطن بالعاصمة أدخلها والدها لتدرس في إحدى المدارس الفرنسية وفعلا بقيت تدرس في المدرسة الفرنسية إلى أن بلغت مستوى السنة التاسعة في تلك السنة قرر والدها أن يوقفها عن الدراسة لأنه تقدم إليها خطيب وقرر تزويجها فتوقفت عن الدراسة وكغيرها أصبحت بعد ذلك ربة بيت سخرت كل حياتها لزوجها وأولادها وبعد مضي كل تلك السنوات الطويلة تزوج أبناؤها وأصبح كل واحد منهم منشغل في حياته قررت هي أن تسخر ما بقي لها في حياتها للعلم والتعلم وقررت أن تتعلم اللغة العربية لأنها تعرف قراءة الفرنسية فقط وسجلت في أحد أقسام محو الأمية بالجزائر العاصمة وأصبحت تتردد عليها أسبوعيا وها هي اليوم تتقن القراءة والكتابة باللغتين الفرنسية والعربية.